Al-Watan (Saudi)

متى يُسفر خُبَيبُ عن محياه

- عبدالعزيز هنيدي

في مقالة سابقة وصفت فيها أبها قبل حوالي سبعين عاماً مضت وهي تختال بين البيوت الطينية الحالمة التي يزينها الرقف والبساتين، ويجري حولها جدولا الماء (الكضامة) التى كانت تنحدر مسرعة من أعالي جبال تهلل إلى المزارع بماء عذب يشرب منه المارة، وتبدو الجبال الشامخة التي تحيط بأبها كأنها حرس عمالقة، وتبدو القلاع التي بُنيت على بعضها قلاعاً للحماية، تبدو للناظر، كأن تلك القلاع اعتمرت بعمة تطوق رؤوس تلكم الجبال، دار الحديث عن وادي أبها ذلك الوادي العريق الذي هو أشبه ما يكون بالشريان لمدينة أبها، ومن أهم معالمها، والذي كانت مياهه تجري مرتفعة تلمع، ويُرى من بعيد، بينما أصبح الآن كسولاً متلوياً يمشي على استحياء في قنوات تحت الأقدام في الغالب، بينما كان يُسمى (خُبَيبُ) لأنه يَخُبُ مسرعا قادما من الجبال إلى الأرض المنبسطة، وهو يجري حثيثاً ليهب بأمر الله الحياة والخصب للمزارع والقرى التي يمر عليها حتى يصل إلى بيشة وما بعدها.

وفي آخر مقالتي اقترحت أن يُرمم ما بقي من البيوت الطينية وتستخدم للسياحة، وأن يتم تشجيع سكان أبها وبمساندة أمانة منطقة عسير والقطاع الخاص ومحبي أبها لزراعة شجرة واحدة على الأقل في كل منزل أو حوله، بالإضافة إلى ترك الأراضي البيضاء خالية لتزرع لتزداد الرقعة الخضراء ولتكون رئة كبيرة لأبها، ومن حسن الطالع أن حدثني بعض الإخوة من أهالي أبها المعروفين الذين اطلعوا على المقالة بأهمية أن يكون وادي أبها واضحاً للعيان (غير مغطى)، وخاصة الجزء الذي يمر بأبها، حتى تقام على ضفافه المتنزهات والحدائق والمشاريع السياحية المناسبة ليشاهده الناس أثناء جريانه فَيُسروا بذلك، ولعلنا بهذا التوجه نستجلب رحمة الله تعالى لجريان الوادي معظم الوقت، وإذا ما تم ذلك بعونه تعالى ثم بهمة أولي الأمر وزيادة الاهتمام بنظافة الوادي، فسيكون هذا المشروع السياحي الهام قيمة إضافية لجمال أبها، بجانب متنزهات ومرافق السياحة بالسودة، وغيرها في منطقة عسير، وقد حدثني المهندس صالح القاضي أمين منطقة عسير بأن هناك مشروع تشجير لأبها، ويسرني أن أرفع هذا الاقتراح للأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير، ليساعده في كشف خُبَيبُ عن محياه البهي، وما أشرت إليه في المقال السابق عن زيادة الرقعة الخضراء بأبها، وليتحقق لأبها ومحبيها الحلم، والأمل الكبير يحدونا لتعود تدريجياً لسيرتها الأولى ولتأخذ مكانتها السياحية اللائقة بها، وما ذلك على الله بعزيز.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia