Al-Watan (Saudi)

جازان أبها جدة رحلة تعذيب المطبات

-

في منتصف عام 2015، كتبت عن المطبات وتوحشها وعشوائية توزيعها على الطرق في منطقة جازان »مطبات ظهر الحمار المتوحشة«، وأسعدني تجاوب الجهات المسؤولة يومها بإزالة كثير منها.

قبل أسبوع، قررت أخذ عائلتي الصغيرة للنزهة في عروس البحر الأحمر، مدينة جدة، وكانت نقطة انطلاقنا من جازان التي نجحت في الخروج من طرقها بأقل الخسائر والمنغصات، ليس لأن طرقها كصفحة ملساء تخلو من المطبات، بل لأنني أصبحت خبيرا في أماكنها على الرغم من مغافلتها لي في بعض الأوقات، فقد كاد بعضها أن يأخذني إلى الفضاء لولا ستر الله وسقف السيارة!.

على الطريق، قررنا أن نحوّل الرحلة إلى نزهة بالمرور بمدينة أبها وعقبة شعار ومحايل عسير، وغيرها، وكنت

في رحلة سابقة عبرت طريق تنومة الباحة الطائف.

لن تصدقوا إذا قلت لكم، إن الطريق الذي عبرت منه كان أشبه بقطعة من العذاب، أفقدتنا الاستمتاع بالرحلة، واستهلك من ميزانيتنا ما كان مخصصا لألعاب وتسلية الأطفال، والذي تحول لاحقا إلى مدفوعات لإصلاح السيارة المسكينة التي لن يصلحها من قاموا بوضع وتصميم تلك الجبال الشاهقة التي تسمى خطأ »مطبات تهدئة .!«

فقد كانت المطبات -ناهيكم عن الحفر- مصممة بطريقة غريبة لا تدل على مهنية هندسية أو حتى لمطّلع على مواصفات المطبات أو تصاميمها في العالم من حولنا.

وُضع كثير منها بعشوائية لا تعطي انطباعا على أن مواقعها مدروسة بعناية أبدا، وغابت عن كثير منها أيضا لوحات التنبيه والتلوين التحذيري على الطريق، ولو بالطباشير حتى!.

انظروا إلى اشتراطات ومواصفات المطبات الاصطناعية »الملحق رقم 5 مطبات تهدئة السرعة« في موقع وزارة الشؤون البلدية بالمملكة، لتعلموا حجم الخطأ والإهمال في تنفيذ هذه المطبات التي وضعت لتقوم بمهمة السلامة، وليس التسبب في المصائب، فقد ذكرت التوصيات في الملحق 3 بنود واضحة جدا جاءت على النحو التالي:

1- يجب عند تطبيق مطبات تهدئة السرعة مراعاة مطابقتها المواصفات، ويتعين التقيد بالمعايير والمواصفات المطلوبة لتحديد مواقع تثبيت المطبات الصناعية، بما يضمن تهدئة السرعة، وعدم الإضرار بمستخدمي الطريق.

2- مراعاة متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة عند تنفيذ وسائل التهدئة المرورية.

3- الاهتمام بضرورة وضع اللوحات الإرشادية والعلامات التحذيرية، سواء على سطح الطريق أو بجانب الطريق، قبل وعند وسائل التهدئة، خاصة المطبات بأنواعها.

كنت أقود على تلك الطريق وكأنني في معركة، أنتظر هجوما غادرا من أحدهم فجأة، إلا أنني -وعلى الرغم من ذلك- فشلت فشلا ذريعا في اكتشاف 90% منها بلا مبالغة، مما دفع زوجتي »أم الفواريز« للسخرية من طريقة قيادتي التي لم تتجاوز سرعتها الـ60 كلم في الساعة أحيانا كثيرة، بعد أن تذوقنا من المطبات ما يكفي على سرعة ‪-100 80‬كلم ساعة، وهو ما جعلنا نصل إلى جدة خلال أكثر من 20 ساعة!.

وعلى الرغم من كل ذلك العدد الهائل من المطبات، إلا أننا صادفنا حادثة مؤلمة في قرية »أحد ثربان« راح ضحيتها أحد السائقين نتيجة اصطدام سيارته بجمل سائب كان على الطريق، لم تنجح المطبات التي تشوه الطريق وتغتال لحظات الاستمتاع بالسفر في منع وقوع حادثة قاتلة، فقد غابت عن المكان الصحيح الذي كان يجب أن توضع فيه!

بعد وصولي إلى الطريق لفت نظري وجود لوحات وضعت في مداخل ومخارج المدن كُتبت عليها عبارات

»هنا ينتهي الطريق التابع لبلدية....« و»هنا يبدأ الطريق التابع لبلدية...«. انتابتني موجة ضحك عارمة، فقد تبادر إلى مخيلتي وكأن البلديات تتبرأ من طرق وزارة النقل التي تقول في موقعها »تبلغ أطوال الطرق التي نفذتها الوزارة أكثر من 66 ألف كيلومتر، صُممت استنادا إلى مقاييس عالمية لربط المدن الرئيسية بعضها ببعض، مع إمكان التوسع في المستقبل لخدمة حركة النقل الكثيفة فيما بينها، ويندرج تحت مشاريع الطرق الرئيسية والسريعة تنفيذ الطرق الثانوية التي تتفرع من هذه الطرق، وتخدم مختلف النواحي المأهولة من بلدات وقرى وهجر .«

حسنا، لماذا يذهب كل هذا الجهد إذن عبر تدمير وتشويه الطرقات الثانوية بالمطبات العشوائية، لماذا لا تفتش وزارتا النقل والشؤون البلدية في طرقهم تلك، وتعاقب من يقوم بوضع هذه المطبات بهذا الشكل القبيح والمزعج جدا؟

للمطبات مقاييس عالمية تهتم لها الجهات المسؤولة عن وضعها وأماكنها ومدى الاحتياج إليها، وليس كما يحدث

لدينا من اجتهادات عشوائية في الدول العربية، بكل أسف.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia