Al-Watan (Saudi)

متى أصبح جميلة

- نورة النمر

وقفت (فاتنة) تتأمل طاولتها المكتظّة بأنواع كريمات العناية بالبشرة وأدوات التجميل التي طالما كانت تشتريها بأغلى الأثمان.

حدّقت بها ثم اتجهت بنظراتها ناحية المرآة تتأمل وجهها،الذي لم يخل يوما من حبة حمراء هنا أو بثرة سوداء هناك. تنهّدت بعمق وخاطبت نفسها متى أصبح جميلة؟

زمّت شفتيها،ورفعت أرنبة أنفها مجرّبةً وهي تراقب شكلها الافتراضي:

ماذا لو أجريت عملية تجميلية لأنفي، وحقنت بعض المواضع من وجهي بالفيلر!

الكثيرات فعلنها، وهن جميلات، والأهم أنهن واثقاتٌ وراضيات عن أنفسهن.

رتبت موعدا في المستشفى. وفي اليوم المحدد لزيارة الطبيب كانت تنتظر دورها في العيادة. راقبت الموجِودات بهدوء وتساؤلات لم تهدأ ببالها: هذه تبدو كبيرة في السن ماذا ستُجري يا تُرى؟ ألا يتحتّم على من هنّ بمثل عمرها التزام المنزل، وترك هذه الأشياء للصغيرات؟ لكنها تذكّرت الفنانات، وبطلات هوليود مثل ساندرا بولوك وجوليا روبرتز وغيرهن من اللاتي رغم أعمارهن الكبيرة لازلن متألقات وجميلات. مرحبا بك! قالت امرأة بجانبها فردت: مرحباً هل هي زيارتك الأولى؟ نعم. وما مشكلتك؟ استشارة تجميلية، وأفكر بعملية في الأنف.

ثم لفتت نظرها امرأة وجهها مغطى لا يكاد يبين منه سوى عينين حولهما رضوض بنفسجية. ووجنتين زرقاوين منتفختين.

يا إلهي يبدو أن هذه الجراحة تؤلم كثيراً. كم أنا متوتّرة، لكن لا بأس كل ذلك يهون في سبيل أن أسحر أنظار الجميع بأنف جديد.

فجأةً يعلو ضجيجٌ من داخلِ غرفة الطبيب، ويبدو أن المراجِعة التي كان يفحصها متوتّرة، كان أنفها مغطّى باللصقات ووجهها مُتَوَرّم لابدّ أنه موعدها لإزالة الضمادات،حتى إنها فتحت باب غرفة الطبيب لتخرج وكان يحاول تهدئتها والممرضة تساعده في ذلك دون جدوى.

صاحت بأعلى صوتِها: لكن ليس هذا الشكل الذي اتفقنا عليه يا دكتور، أنا عرضْت عليك الشكلَ الذي أردْته. لقد صغّرته كثيراً، وملامحي غير متناسقة، أنا نادمة على إجراء عمليتي عندك.

صاحَ الطبيب: هذا اختيارك، مع الأيام سيتغير إلى الشكل المطلوب.

خرجت وتركت الجالسات في حيرةٍ من أمرهن، معظمهنّ غادر خوفاً من النتائج. نادتْ الممرضة (فاتِنة أحمد) دورك.

أجابتْ فاتنة (نعم). دخلت إلى العيادة بكلّ شغفٍ، وأغُلِق الباب خلفها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia