Al-Watan (Saudi)

فصل الموظف الحكومي والأمانة

-

تداول مغردون في موقع التواصل الاجتماعي » تويتر« خبر فصل موظف حكومي لأنه أبلغ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد »نزاهة« عن قضايا فساد ومخالفات في أمانة المدينة المنورة، حيث أفاد الموظف بأن قرار فصله من العمل هدفه التشفي والانتقام، حيث لم يتم إجراء أي تحقيق معه أو حتى إنذاره!.

وقد ردت أمانة المدينة المنورة على ذلك الخبر بالقول إن »طي قيد الموظف المذكور وثلاثة آخرين كان نتيجة غيابهم لأكثر من ثلاثين يوماً بدون عذر بعد استيفاء كل الإجراءات اللازمة للتحقيق التي تضمن لهم العدالة«، كما صرّحت نزاهة على حسابها في »تويتر« بأنها تعمل على »حماية المبلغين، وتحافظ على سرية بياناتهم«.!

التصريحات السابقة لكل من الأمانة ونزاهة لم تكن موفقة في الحقيقة، بل زادت القضية غموضاً أكثر، وأدت إلى وجود انطباع عام لدى الناس يتمثل في أن من يحاول كشف الفساد فإن مصيره الفصل من الخدمة والانتقام، ومثل هذا الانطباع يؤدي إلى ضعف الثقة في جهود مكافحة الفساد، وكذلك في مصداقية الأجهزة الحكومية عموماً، كما أن هذه القضية تثير العديد من القضايا والتساؤلات التي تتعلق بأداء الجهات الحكومية والرقابة عليها ومحاسبتها.

فالأمانة على سبيل المثال استندت إلى المادة العاشرة الفقرة (2) من لائحة انتهاء الخدمة الصادرة عن وزارة الخدمة المدنية، والتي تنص على أنه »يجوز للإدارة أن تنهي خدمة الموظف .. إذا انقطع عن عمله دون عذر مشروع خلال خمسة عشر يوماً متصلة أو ثلاثين يوماً متفرقة خلال السنة السابقة لإصدار القرار«، والفصل هنا جوازي وغير وجوبي، وقد اشترط لكي لا يحصل الفصل الجوازي أن يقوم الموظف المتغيب بإبلاغ جهة عمله عن سبب غيابه خلال مدة الخمسة عشر يوما المشار إليها، كما أن تعليمات وزارة الخدمة المدنية تؤكد على أنه يجب على الجهة الحكومية إنذار الموظف كتابةً، يرسل إلى عنوانه الثابت في ملفه للاستفسار عن سبب انقطاعه عن العمل وضرورة عودته إلى العمل، وأنها ستقوم في حالة عدم إبداء أسباب تقبلها خلال خمسة عشر يوماً باتخاذ الإجراءات النظامية في حقه.

وبناءً على ما سبق، فإن السؤال المطروح هنا: هل أرسلت أمانة المدينة المنورة إنذاراً كتابياً إلى الموظف قبل إصدارها قرار الفصل؟ فإذا كانت الإجابة: نعم .. فلماذا لم تذكر الأمانة هذا الأمر في ردها على الخبر المنشور حول هذه القضية؟، أما إذا كانت الإجابة بالنفي .. فإن الأمانة في هذه الحالة قد أخلت بضمانة جوهرية لحقوق الموظف، مما يعني بطلان القرار، وليس هذا وحسب، بل يعتبر القرار قراراً تعسفياً، كما يستلزم الأمر أيضاً وجود توضيح من قبل وزارة الخدمة المدنية حول هذه القضية.

كما أن الأمانة ذكرت في تصريحها السابق أنه تم إجراء التحقيق اللازم مع الموظف المفصول، وإجراء التحقيق يعني وجود تهمة تستلزم وجود عقوبة إدارية، وبالتالي يكون قرار الفصل عقوبة وليس فصلا جوازيا بسبب الغياب، وهذا ليس من صلاحيات الأمانة، حيث نصت المادة (35) من نظام تأديب الموظفين على أنه »يجوز للوزير المختص أن يوقع العقوبات المنصوص عليها في الفساد، من أي اعتداءات أو تهديدات أو إيذاء مادي أو معنوي قد يطالهم أو يطال ذويهم وأقاربهم، بالإضافة إلى عدم توضيح كيفية التعامل مع أي شخص مهما كان موقعه

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia