Al-Watan (Saudi)

الحال العربي الراهن تحديات الإنهاك وضرورات النهوض

- نايف عبوش

تشهد الساحة العربية اليوم، حالة مقلقة من الاضطرابات، المغذاة إقليمياً ودوليا، وتتسم بتأجيج الصراعات الطائفية، والعرقية، بهدف إنهاك الحال العربي، وترسيخ ثقافة الانفصال، والتقسيم، بهدف التفتيت بذرائع مختلفة، تحت مزاعم الإصلاح تارة، وحقوق الإنسان، ومظلومية المرأة، وإشاعة الديمقراطي­ة، وغيرها من المزاعم المتهافتة تارة أخرى، وذلك بهدف إيهام المواطن العربي، وتضليله، بأن تلك الشعارات المزعومة هي البديل العصري الأنسب لحياته الراهنة. ويلاحظ أن الحملات الإعلامية المضادة الداعمة لتلك التوجهات، تدار من قبل مؤسسات متخصصة في تشكيل الرأي، لتصب في هذا الاتجاه، وبما يخدم المصالح الاستراتيج­ية المغرضة، الإقليمية منها والدولية، وذلك من خلال استهداف قناعة المواطن العربي لزعزعتها، وخلخلة رؤاه، لاستيلاد طابور خامس من الجمهور العربي، مهيأ لإثارة البلبلة، والتحريك في اللحظة، عند الحاجة.

على أن ما حل اليوم بالعرب من ويلات وبلايا بالفوضى الخلاقة، التي باتت تعصف بالكثير من البلدان العربية، وما يرافقها من ترويج شرير لمسخ منظومة قيم المجتمع العربي، والخليجي منه بشكل خاص، باعتماد نهج إثارة النزعات الانفصالية والطائفية بين أوساطه، ما هو إلا صفحة مكملة لهذا المشروع المشبوه، الذي تواطؤوا على تسيمته الشرق الأوسط الكبير.

ويلاحظ في هذا المجال، أن مواقع التواصل الاجتماعي وشقيقاتها من القنوات الفضائية من أدوات هذا النهج المشبوه، تعتمد بث برامج خاصة منتقاة بعناية فائقة، تستهدف إثارة الفتنة في أوساط المجتمع، بترويج ثقافة الانقسام والمحاصصة الطائفية، من خلال تبنيها شعارات الفيدرالية، واللامركزي­ة، والديمقراط­ية، والعمل في نفس الوقت، على تبشيع وشيطنة منظومة القيم العربية، ووصمها بالاستبداد، وبالعنصرية، والرجعية، والظلامية. ولا جرم أن تصويرهم الثقافة العربية بأنها عنصرية، وأنها لا تحترم حقوق الإنسان، وتهمش المرأة، باعتبار أنها ثقافة ذكورية، إنما يعكس إصرارا مبيتا على ضرب الموروث القيمي، وتسفيه المنظومة الأخلاقية للمجتمع العربي.

ولعل التحريض السافر ضد المملكة العربية السعودية بشكل خاص، بما لها من مركز ثقل معنوي، عربي وإسلامي ودولي، إنما يعكس الوجه الحقيقي القبيح للحملة الإعلامية، التي تشنها تلك المواقع والقنوات المغرضة، الإقليمية منها والدولية، وعلى رأسها قناة الجزيرة للنيل من العرب، من خلال المس بالمكانة الرمزية للمملكة العربية السعودية.

كما أن سعي تلك المواقع والقنوات، لترويج ثقافة التسفيه، ونشر ثقافة التشظية، وتعمد البحث عن المثالب، ورصد العيوب، إنما هو سلوك مقصود، يتطلب الأمر انتباه العرب له، والحذر من تداعياته، والعمل على رص الصف العربي، وتوحيد طاقة الأمة العربية، بأي إطار تكاملي ممكن، تسمح به ظروفها الراهنة، لمواجهة تلك التحديات، والنهوض بالحال العربي المنهك، لتفويت الفرصة على كل المراهنات، والاستراتي­جيات العدوانية المضادة، الإقليمية والدولية، التي تستهدف تمزيق الجسد العربي، وتسعى للإطاحة بأركان النهوض العربي المعاصر المنشود، المتطلع إلى التوحد والتكامل.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia