Al-Watan (Saudi)

أزواج مع وقف التنفيذ

المتأمل لحال الأزواج اليوم يجد أن كثيرا منهم يمارس دوره كأداة لتوفير المال والمصاريف فقط، ويعتقد في نفسه بأنه ذلك العريس »اللقطة« والذي على زوجته أن تحمد ربها عليه

-

الزواج بالنسبة للفتاة عبارة عن قصة جميلة وحلم وردي تحلم فيه بفارس الأحلام المنتظر، حيث يأخذها إلى عالم جميل ترتدي فيه الرداء الأبيض، وكم تمضي الفتاة في سرها وقتا كبيرا وهي تخطط لأدق تفاصيل هذا اليوم الذي تزف فيه إلى زوجها المنتظر. ولعلنا نرى ذلك في الانتشار الكبير والشعبية الجارفة لشخصيات ديزني التي تتمحور قصصها عن هذا اليوم الأسطوري مثل سنووايت- سندريللا- الجميلة والوحش- ومؤخرا فتاة الثلج فروزن وهو أمر لا يقتصر على الفتاة أو المرأة في بلد معين أو زمان معين، بل في جميع البلدان وعلى مر الأزمان.

والمتأمل لحال الأزواج اليوم يجد أن كثيرا منهم يمارس دوره كأداة لتوفير المال والمصاريف فقط، ويعتقد في نفسه بأنه ذلك العريس »اللقطة« والذي على زوجته أن تحمد ربها ليل نهار أن وهبها زوجا مثله، خصوصا إذا كان ذا وظيفة مرموقة أو دخل جيد، ولكنه في المقابل يغفل عن كثير من مسؤولياته الأخرى كزوج، فهو يقضي معظم وقته بين عمله وأصدقائه، سواء كان في مقهى أو في ديوانية معينة، وقد تمر أيام الأسبوع دون أن يلتقي بزوجته أو أبنائه إلا كالضيف يمر مرورا سريعا فاترا، فهو مشغول دوما، فهنالك ديوانية يلحق بها وأصدقاء يسهر معهم، وهو على هذا المنوال طيلة أيام الأسبوع وحتى آخره باستثناء بعض الأيام التي قد يراها امتنانا عظيما منه أن تنازل من عليائه وعرشه الهش الذي صنعه لنفسه وخصص شيئا بسيطا من وقته للتنزه أو قضاء بعض الوقت مع زوجته وأبنائه، وإذا ما حدث وبقي بالمنزل فهو يبقى جسدا دون روح، منشغلا إما بهاتفه الذكي أو مشاهدة الأفلام أو قضاء الوقت على الإنترنت! ولا تستغرب عزيزي القارئ إذا ما واجهت أحدهم وقد خط الشيب فوديه وهو يتحدث عن مدينته الافتراضية التي بناها في (كلاش أوف كلاينز) مثلا أو الألعاب المماثلة، وتجده قد أدمن ذلك إلى الحد الذي ينسيه بيته وزوجته وأبناءه، وقد تجده يتهرب من مرافقة زوجته للمستشفى عند مرضها أو عند مرض أحد الأبناء، -وهو معذور يا جماعة فهو مشغول جدا- فلديه موعد بالمقهى مع شلة الأنس، ثم ما الذي تريده زوجته أكثر فقد أعطاها المصروف اللازم وزيادة والبركة في السائق أو أوبر أو تستطيع أن تتدبر الأمر مع أهلها، سواء والدتها أو والدها أو أحد إخوتها!!

وهنا تجد الزوجة نفسها أمام واقع مرير لم تتصوره يوما في أحلامها، فهي تستجدي رفيق دربها ليقضي معها سويعات فقط.. تتزين له منتظرة أن يبدي استحسانا أو قبلة عابرة أو حضنا دافئا ولكنها تجد التجاهل، وقد ترتدي سوارا أو خلخالا أو عقدا لتوقظ ذكرى معينة في قلب زوجها ليلتفت إليها في لا مبالاة وغباء ليسألها (العشاء جاهز)؟!

إن مثل هذه المواقف الصغيرة التي لا تتطلب مهارة أو جهدا سوى أن يبدي الزوج بعض الاهتمام وشيئا من كلمات الغزل، لها عميق الأثر على عمق العلاقة بين الزوجين وحياتهما الأسرية، بل ومعاشرتهما الجنسية التي غالبا ما تكون فاترة في مثل هذه الحالات ويرمي الزوج باللائمة على زوجته وينسى أنه السبب الرئيسي في ذلك، فالمعاشرة الزوجية وقودها الحب والشعور بالاهتمام وحلاوة اللسان، والأدهى من ذلك أن تجد الزوج بدلا من البدء بالتغيير وحل المشكلة، تجده يبحث بكل صفاقة عن زوجة ثانية زاعما بأن زوجته جامدة المشاعر، فهو لا يرى نفسه مخطئا أبدا وترسخ في ذهنه بأن (ألف بنت تتمناه)!.

ورسالتي لمن كان هذا حاله أن يراجع نفسه جيدا، وأن يعمل بوصية سيد الخلق أن رفقا بالقوارير، فكم نسمع مثل هذه الشكاوى من بعض أخواتنا في المجتمع وبعض الآباء ممن يتألمون من حال بناتهم، وأقول لمثل هؤلاء الأزواج أن ما تزرعه اليوم قد تحصده غدا، فإذا رسخت غيابك في قلب زوجتك وأبنائك فتأكد بأنهم سيعتادون غيابك، وستجد نفسك إذا تقدم بك العمر تعاني الوحدة والنسيان، وستبحث حينها عن شلة الأنس فلا تجدهم وتكون بالنسبة لعائلتك مجرد اسم على بطاقة الهوية.

ختاما فإنني لم أقصد بمقالتي أعلاه التعميم، بل كان الحديث عن فئة معينة من أزواج يسمون أزواجا ولكن مع وقف التنفيذ، وأتمنى أن يقفوا مع أنفسهم لمحاسبتها لتكون حياتهم أفضل وأسعد، وكما أن هنالك هذه الفئة من الأزواج فإن هنالك أيضا »زوجات مع وقف التنفيذ،« ولكن هذا سيكون عنوان مقالي القادم بإذن الله.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia