Al-Watan (Saudi)

هند المطيري

مؤسساتنا التعليمية بحاجة ماسة إلى الاستعانة بخبراء نفسيين وسلوكيين تسترشد بهم اللجان الطلابية ولجان التأديب في وضع القوانين والأنظمة التي لا تصادر فيها الحقوق الفطرية الطبيعية

- Hindm@alwatan.com.sa

فطرت الأنثى على حبّ التجمل والزينة، هذا ما جاء به القرآن الكريم؛ قال تعالى: (أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين)، فالمرأة تتزين وتتجمل استجابة للطبع الذي لا تملك منه فكاكا. والطبع -نعلم جميعاغالب على التطبع، لذا فإن من حق الأنثى على مجتمعها أن يعي حقيقة هذا الطبع، الذي هو من الخصوصيات المقدسة، لا يحق لأحد اقتحامه أو التدخل فيه.

والتجمل محبوب محمود، يحسن الثناء عليه وتشجيعه، فهو مبعث للأنس والراحة، للذات وللآخرين، والمرأة التي تحرص على جمالها وأناقتها، تصنع مجتمعا جميلا، وتنجز كل ما هو جميل وأنيق، ومن هنا لا يتوجب على المجتمع الواعي منع الزينة في الأماكن التي لا اختلاط فيها، مثل المدارس والجامعات.

إن ما يحصل اليوم في مؤسساتنا التعليمية من فرض للقوانين التي تحرم الطالبات من الاهتمام بزينتهن ومظهرهن، وتفرض الإنذارات بالفصل والحرمان بحجة مخالفة النظام، هي في الأصل ممارسات مخالفة للفطرة التي فطرت الطالبات عليها. هذا التجاهل لفطرة الأنثى والتجاوز المستمر في اقتحام خصوصياتها هو ما يتسبب في حالات الاصطدام -التي نسمع عنها كثيرابين الطالبات والإدارات في المؤسسات التعليمية.

لقد أسرفت اللجان التأديبية في المدارس والجامعات في قمع الطالبات بتهمة الزينة، حتى وصلت الحال إلى المرحلة التي يتم فيها فصل الطالبة بسبب قصة شعر. مع أن الواجب على المؤسسة التعليمية أن تحرص على التوافق بين قوانينها وبين ما تتعلمه الطالبات في مناهجها، والعناية بالجمال والأناقة موضوع رئيس لمقررات (التربية الأسرية) التي تدرس فيها الطالبة -منذ الصف الخامس الابتدائي- أساليب وضع المكياج واستخدام الحلي والزينة في المناسبات المختلفة.

وحين ننظر في المقررات الدينية في مدارسنا وجامعاتنا نجدها تولي موضوع الأسرة والعلاقات الزوجية عناية كبيرة، وتجعل إهمال المرأة لزينتها سببا في نشوز الأزواج وانهيار كثير من البيوت. ثم تأتي قوانين وأنظمة المدارس والجامعات لتقمع روح التجمل والتزين عند الطالبات، بدلا من تشجيعهن على الاستمرار لتصبح الزينة عادة لازمة.

في المجتمعات المحافظة، حيث ينعدم الاختلاط بين الرجال والنساء، تتقلص المساحات المتاحة لخروج النساء متزينات، للدرجة التي قد تغدو معها المدرسة أو الجامعة متنفسا وحيدا للطالبة، تمارس فيه حقها في التزين والتجمل المباح، وحين تمنع من ذلك في تلك المساحة الضيقة، يصبح عدم الاهتمام بالزينة عادة يصعب تغييرها في المستقبل، حين تصبح الفتاة زوجة وأمٍّا.

لا شك أن قلة الوعي المجتمعي في قراءة الآثار الإسلامية؛ خاصة الموروث النبوي، في باب تجمل النساء، قد خلق تلك المواقف المأزومة من زينة المرأة، فصار ينظر لحليها على أنه مجرد حيلة للإيقاع بالرجال، والوقوع في الفاحشة، وهذا ما ألقى بـ(ظلاله) على المؤسسات التعليمية، فـ»راحت« تعتقد أن الطالبة إنما تحتال بحليها على القوانين والأنظمة، وهذا غير صحيح.

مؤسساتنا التعليمية بحاجة ماسة إلى الاستعانة بخبراء نفسيين وسلوكيين تسترشد بهم اللجان الطلابية ولجان التأديب في وضع القوانين والأنظمة التي لا تصادر فيها الحقوق الفطرية الطبيعية، ولا يعتدي بها على الخصوصيات، حين لا يكون في ممارسات الطلاب ما يسيء لهم أو للمؤسسة تعليمية أو لقيم المجتمع.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia