اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ اﻟﻌﻮدة ﻣﻦ اﻻﺑﺘﻌﺎث واﻟﻄﻼق

اﻃﻠﺒﻮا اﻟﻌﻠﻢ وﻟﻮ ﰲ اﻟﺼني، ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻫﺬه املﻘﻮﻟﺔ ﻋﲆ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ وﺑﻨﺎﺗﻨﺎ، ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻨﺰل إﻻ وﻗﺪ ودع ﻓﺮدا ﻣﻦ أﻓﺮاده ﻟﻄﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ، ﻧﻈﺮا ﻟﺘﺰاﻳﺪ أﻋﺪاد املﺒﺘﻌﺜني وﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص اﻟﻌﺎﺋﺪون ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻻﺑﺘﻌﺎث، ﺑﺪأت ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻠﻌﻴﺎن ﻇﺎﻫﺮة ﻣﻌﺎﴏة وﻣﺜرية ﻟﻠﺠﺪل. ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﻔﺎﺟﺄ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺴﻤﺎع ﺧﱪ ﻃﻼق أﺣﺪ اﻷﻗﺮﺑﺎء وﺗﺮك اﻟﺰوﺟﺔ زوﺟﻬﺎ وأﻃﻔﺎﻟﻬﺎ ﺧﻼل اﻷﺷﻬﺮ اﻷوﱃ ﻣﻦ ﻋﻮدﺗﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻻﺑﺘﻌﺎث، وﻣﻊ ﻏﻴﺎب اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ أو املﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﻄﻼق ﰲ اﻟﻌﺎدة. ﻗﺪ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﻠﻮم ﻋﲆ اﻟﺰوﺟﺔ ﰲ املﻘﺎم اﻷول، وﻋﲆ اﻷﻏﻠﺐ ﻗﺪ ﻳﺼﻒ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﺟﺮى ﻟﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻓﻘﺪت ﻋﻘﻠﻬﺎ »ﻓﻴﻮزاﺗﻬﺎ ﴐﺑﺖ« ﺑﻼ ﺳﺒﺐ. وﻗﺪ ﻳﺪﻋﻲ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻤﺘﻌﺔ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ املﻄﻠﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺠﺪﻫﺎ ﻫﻨﺎ. ﻫﻨﺎﻟﻚ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب واﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻷي ﺷﺨﺺ ﻳﺘﻠﻘﻰ اﻟﺨﱪ ﻣﻦ اﻷﻫﻞ واﻷﺻﺪﻗﺎء »ﻛﻨﻜﺮان اﻟﻌﴩة أو اﻻﺳﺘﻐﻼل أو ﻋﺪم املﺴﺆوﻟﻴﺔ«، إﻻ أﻧﻨﻲ وﻟﻸﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ وﻗﻔﺖ ﻋﲆ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻃﻼق ﺑني اﻷزواج اﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻻﺑﺘﻌﺎث ﺧﻼل اﻟﻔﱰة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮان ﺑﻬﺎ، وأﺷﺪد ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﻮاﺣﻲ، ﻣﻨﻬﺎ اﺧﺘﻼف ﻃﺒﻴﻌﺔ املﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن، وﺑﻌﺾ اﻟﻈﺮوف املﺎدﻳﺔ واملﻌﻨﻮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻧﻮاح ﺳﻘﻄﺖ ﺳﻬﻮا. ﺗﺘﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﻔﱰة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎدة ﻣﻦ ﻛﺬا ﻣﺘﻐريا، ﺣﻴﺚ ﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﻫﺪم أوﺛﻖ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺤﺐ اﻟﺬي ﻟﻄﺎملﺎ ﻛﺎن ﻳﻈﻨﻪ اﻟﺸﺨﺺ »اﻟﺤﺐ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ واﻟﻜﺒري وﻏري املﴩوط« ﻧﻌﻢ، ﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﺰوﺟﺔ اﻟﻬﺎرﺑﺔ ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ املﺒﺘﻌﺚ ﺣﻤﻠﺖ ﰲ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﺣﺒﺎ ﻋﻨﱰﻳﺎ، ﻟﺼﱪﻫﺎ ﻋﲆ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻇﺮوف املﻌﻴﺸﺔ وﻗﻠﺔ املﺎدة واﺧﺘﻼف اﻟﺒﻴﺌﺔ وﺛﻘﺎﻓﺔ أﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪ. وﻟﺘﻔﺎدي ﻫﺬه املﺸﻜﻠﺔ ﻳﺠﺐ ﻋﲆ اﻟﺸﺨﺺ ﺳﺆال ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ رﻓﻴﻖ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻳﺘﺨﲆ ﻋﻨﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻔﱰة اﻟﺤﺮﺟﺔ. وﺟﻪ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﺳﺆاﻻ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ زوﺟﺘﻲ ﺳﺘﻘﻮم ﺑﻨﻔﺲ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ إن ﻛﻨﺎ ﰲ ﺑﻼد اﻟﻐﺮﺑﺔ، ﺧﺎﺻﺔ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻜﻤﺎ ﻗﻮﻳﺔ. إذن، أﺑﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ واملﺘﻐريات. ﻗﺪ ﺗﻜﻮن املﺸﻜﻠﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺣﺪى اﻟﻨﻮاﺣﻲ أﻋﻼه أو ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ. ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ ﻋﺪم وﺟﻮد اﻻﺳﺘﻘﺮار املﺎدي ﻧﻈﺮا ﻟﻌﺪم ﺣﺼﻮل اﻟﺰوج ﻋﲆ وﻇﻴﻔﺔ ﻓﻮر اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺜﺔ، وﻫﺬا أﻣﺮ ﻣﺘﻮﻗﻊ ﺣﺪوﺛﻪ، وﰲ أﺣﻴﺎن أﺧﺮى ﻳﻌﻴﺶ اﻟﺸﺨﺺ ﴏاﻋﺎ داﺧﻠﻴﺎ ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺑﻪ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻗﺪﻳﻤﺎ، ﻏﺎﻓﻠني ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﻬﻤﺔ أﻻ وﻫﻲ أن اﻟﺸﺨﺺ ﻳﺘﻐري ﺑﺘﻐري اﻟﻈﺮوف واﻟﺘﺠﺎرب وﺗﻘﺪم اﻟﻌﻤﺮ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ، وﻣﺜﺎل ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻜﺮر وﻳﺴﺒﺐ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ املﺸﺎﻛﻞ ﻫﻮ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺰوج ﻟﺰوﺟﺘﻪ ﺑﺠﻔﺎء وﴏاﻣﺔ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﺘﺰﻋﺰع ﺻﻮرﺗﻪ املﻌﻬﻮدة ﻟﺪى أﺧﻮاﺗﻪ، ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺰوج ﻣﻌﺘﺎدا ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪة زوﺟﺘﻪ ﰲ املﻨﺰل وﻗﻀﺎء ﺣﻮاﺋﺠﻬﺎ ﻷن اﻟﻐﺮﺑﺔ ﺗﻘﺘﴤ وﺗﺘﻄﻠﺐ املﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﺰوﺟني ﺳﻮﻳﺎ، ﰲ أﻛﺜﺮ ﺣﺎﻻت اﻟﻄﻼق ﻫﺬه ﻳﻜﻮن اﻟﺰوﺟﺎن ﻣﻐﻤﻮرﻳﻦ ﺑﺎملﻈﺎﻫﺮ واﻟﻌﺎدات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وإﺗﺎﺣﺘﻬﻤﺎ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤﺠﺎﻣﻼت واﻟﺘﺪﺧﻼت ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻷﴎة ﺑﺤﺠﺔ ﻛﺴﺐ اﻟﺮﺿﺎ واﻻﺣﱰام. إﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺻﻌﺒﺔ ووﻗﺖ ﻋﺼﻴﺐ، وﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﻞ ﰲ وﺿﻊ اﻟﻴﺪ ﻋﲆ أﺳﺎس املﺸﻜﻠﺔ أوﻻ، ﺛﻢ ﺗﺨﺼﻴﺺ وﻗﺖ »ﻣﻘﺪس« وﺧﺎص ﺑﺎﻷﴎة ﻓﻘﻂ ،«QUALITY TIME» ﻛﻤﺎ أن ﺗﻔﻬﻢ املﺸﺎﻋﺮ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻐريات أﻣﺮ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺸﺨﺺ ﰲ ﺣﺎﻻت ﻣﺘﻄﻮرة ﻣﻦ اﻟﺤﺰن واﻻﻛﺘﺌﺎب.

أﺧريا، إن اﻻﻧﺴﺤﺎب ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺔ وﻇﺮوف ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻴﺲ ﺣﻼ، ﻓﻠﻘﺪ ﻣﺮرﺗﻢ ﺑﺼﻌﺎب وﻋﺜﺮات ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ اﻟﺨﺎرج، ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ، واﻟﻌﺐء اﻟﺪراﳼ، وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﺑﻨﺎء دون اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﲆ أي ﺷﺨﺺ وﻏريﻫﺎ اﻟﻜﺜري، ﻓﻼ ﺗﺴﻤﺤﺎ ﻟﻨﻮاح ﻣﺆﻗﺘﺔ ﰲ ﻓﱰة اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ أن ﺗﻬﺪم ﺣﻴﺎة ﻛﺎﻧﺖ وﺳﺘﻜﻮن ﺳﻌﻴﺪة، ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ.