ﻗﺮار اﻟﺜﻼﺛﺎء اﻟﻌﻈﻴﻢ

ﺷﻬﺪ ﻣﺴﺎء اﻟﺜﻼﺛﺎء اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﴩﻳﻦ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﱪ ﻋﺎم 2017 ﻣﻦ املﻴﻼد ﻗﺮارا ﻣﻠﻜﻴﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ ﺳﻤﺢ ﻓﻴﻪ ﺑﻘﻴﺎدة املﺮأة اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎرة، ﻫﺬا اﻟﻘﺮار اﻟﺬي ﻃﺎل اﻧﺘﻈﺎره، ﻻ ﻷﻫﻤﻴﺘﻪ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ وﺣﺴﺐ، ﺑﻞ ﻟﺮﻣﺰﻳﺘﻪ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺴﺎر ﺗﻤﻜني املﺮأة ﻣﻦ ﺷﺆوﻧﻬﺎ أﻳﻀﺎ، وﻣﻨﺤﻬﺎ ﺣﻘﻮق املﻮاﻃﻨﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺟﻞ ﺷﻘﻴﻘﻬﺎ وﴍﻳﻜﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة. ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ املﺮأة ﺗﺸﱰي اﻟﺴﻴﺎرة وﺗﺘﺤﻤﻞ أﻗﺴﺎﻃﻬﺎ وﺗﺴﻠﻤﻬﺎ ﻟﺴﺎﺋﻖ ﻏﺮﻳﺐ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﻘﻮد أﺻﻼ ﰲ ﺑﻠﺪه، ﻓﻴﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﻜﺴريﻫﺎ واﻟﻘﻔﺰ ﺑﻬﺎ ﺑني اﻷرﺻﻔﺔ وﺗﺴﻜﺖ ﻫﻲ ﻣﺮﻏﻤﺔ ﻟﺘﻘﴤ ﺷﺆوﻧﻬﺎ ﺳﺘﺠﻠﺲ اﻵن ﰲ املﻘﻌﺪ اﻷﻣﺎﻣﻲ وﺗﻘﻮد ﺳﻴﺎرﺗﻬﺎ ﺑﺎﻗﺘﺪار ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮد اﻟﺤﻴﺎة. ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ﻟﻴﺲ ﻣﻠﺰﻣﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ، ﺑﻞ ﻫﻮ اﺧﺘﻴﺎري، وﺳﺘﺨﺘﺎر ﻛﻞ أﴎة ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻛﻞ اﻷﴎ اﻷﺧﺮى ﰲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ.

ﻣﺮ ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ﺑﺪراﺳﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻛﺄي ﻗﺮار ﻳﻤﺲ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺴﻌﻮدي، وأﻧﺼﻔﺖ اﻟﻘﻴﺎدة ﰲ اﻟﻮﻃﻦ أﺑﻨﺎءه املﺨﻠﺼني ذﻛﻮرا وإﻧﺎﺛﺎ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺻﻚ وﺻﺎﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ.

ﺻﻤﺘﺖ أﺧريا ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻨﺎﺟﺮ اﻟﺘﻲ اﺑﺘﻠﻴﻨﺎ ﺑﴫاﺧﻬﺎ ﻟﻴﻼ وﻧﻬﺎرا اﻋﱰاﺿﺎ ﻋﲆ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﻴﺎة ﻟﺘﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ وﺟﻮدﻫﻢ ﰲ ﻃﺮف آﺧﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻫﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻣﺎ ﻳﻨﻬﻮن ﻋﻨﻪ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﺒﺴﺎل ﺣﺘﻰ اﻟﻨﺨﺎع، دون أن ﻳﺮوا ﺑﺄﺳﺎ ﰲ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻬﻢ وأﻣﺮاﺿﻬﻢ. ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺎت ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻟﻸﺳﻒ، ﻟﻜﻦ واﻗﻊ وﺟﻮدﻫﻢ ﻻ ﻳﻠﻐﻲ ﺣﻖ املﺮأة ﰲ اﻟﻮﺻﻮل واﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻻ ﺣﻖ املﺠﺘﻤﻊ ﰲ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﺗﺠﺎه املﻮاﻃﻨﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻓﻼ ﻳﺼﺢ أن ﻧﺒﻘﻰ ﺧﺎرج اﻟﺨﺎرﻃﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ املﺮأة ﺑﺴﺒﺐ ﻛﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪ. إﻏﻼق ﻫﺬا املﻠﻒ املﻌﻠﻖ ﺳﻴﺴﻤﺢ ﺑﺎﻻﻟﺘﻔﺎت ملﺎ ﻫﻮ أوﱃ ﻣﻨﻪ ﺑﺠﻬﻮدﻧﺎ.

أﻋﺮف أن اﻟﺒﻌﺾ ﻻ ﻳﻌﺘﱪ اﻟﻘﻴﺎدة ﴐورة وﻻ أوﻟﻮﻳﺔ، ﻟﻜﻦ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻋﲆ ﺳﻠﻢ أوﻟﻮﻳﺎت ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻠﻐﻲ وﺟﻮدﻫﺎ ﻋﲆ ﺳﻠﻢ أوﻟﻮﻳﺎت ﺷﺨﺺ آﺧﺮ واﺣﺘﻴﺎﺟﻪ ﻟﻬﺎ، واﻷوﻟﻮﻳﺎت ﰲ أي ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮت ﰲ ﻣﻘﺎل ﺳﺎﺑﻖ ﻫﻲ ﺷﺒﻜﺔ ﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﺳﻠﻤﺎ ﻧﺼﻌﺪه درﺟﺔ درﺟﺔ.

ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ أود ﻟﻮ ﺟﺮب املﻌﱰﺿﻮن ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء املﺴﺘﻐﻨﻴﺎت ﺷﻌﻮر ﻣﻦ ﺗﻀﻄﺮﻫﺎ ﻇﺮوﻓﻬﺎ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻘﻞ ﻋﱪ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎت أوﺑﺮ وﻛﺮﻳﻢ! إن اﻟﺘﻮاﺟﺪ ﰲ ﺳﻴﺎرة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻊ ﺳﺎﺋﻖ ﻏﺮﻳﺐ ﻛﻞ ﻳﻮم ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر أﻣﺮ ﻣﺰﻋﺞ وﻏري ﻣﺮﻳﺢ، وﻻ أﺑﺎﻟﻎ إن ﻗﻠﺖ ﻣﻬﻴﻨﺎ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﰲ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﻟﺴﺎﺋﻘني.

اﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ اﻟﺬي ﻳﴪ ﻟﻘﻴﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺮﺷﻴﺪة إﻧﻬﺎء ﻫﺬا اﻟﺠﺪل ﺑﻘﺮار ﻳﺤﱰم إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ املﺮأة واﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﺎ وﺣﻘﻬﺎ ﰲ اﻟﺘﻨﻘﻞ ودورﻫﺎ ﻛﴩﻳﻚ ﰲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎة واﻟﻮﻃﻦ، ﺳﻌﺎدﺗﻲ ﻻ ﺗﻮﺻﻒ ﻷن ﺑﻨﺎﺗﻲ وﻃﺎﻟﺒﺎﺗﻲ ﻟﻦ ﻳﺤﺘﺠﻦ ﻻﺧﱰاع املﱪرات ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺳﺆال )ملﺎذا ﻻ ﺗﻘﻮد املﺮأة اﻟﺴﻴﺎرة ﰲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ؟(، ﺑﻞ ﻟﻦ ﻳﻮاﺟﻬﻬﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال أﺻﻼ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺤﻮل اﻟﻠﻪ، ﺣﺎن اﻵن ﻣﻮﻋﺪ اﻹﻗﺒﺎل ﻋﲆ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻷﻫﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﻴﺎة، وﺣﻔﻆ ﻃﺎﻗﺘﻨﺎ املﻬﺪرة ﰲ ﻧﺰاﻋﺎت ﺟﺎﻧﺒﻴﺔ ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺰﻣﻦ.