اﻟﻠﻮﺑﻲ ﰲ أﻣﲑﻛﺎ ﻟﻌﺒﺔ اﳌﺤﱰﻓﲔ ﻓﻘﻂ ﺗﻮاﺟﺪ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮل اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ أو اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أو اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻣﺎ زال ﻣﺘﻮاﺿﻌﺎ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻴﻬﻮد اﻷﻣﻴﺮﻛﺎن

ﻳﺤﻜﻰ ﻛﺜريا ﻋﻦ ﺿﻌﻒ اﻟﺘﺄﺛري اﻟﻌﺮﺑﻲ ﰲ أروﻗﺔ اﻟﻘﺮار اﻷﻣريﻛﻲ وﻗﻮة ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻐﻂ املﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺰو ﻓﻜﺮﻧﺎ اﻟﺠﻤﻌﻲ ذﻟﻚ إﱃ ﻧﻈﺮﻳﺎت املﺆاﻣﺮة وﺗﻔﺴريات ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻛﺜريا ﻋﲆ أﺳﺲ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ املﻨﻄﻖ اﻟﺴﻴﺎﳼ أو املﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻟﻪ، ﻓﻔﻲ ﺣني ﻳﻘﺎل ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﺷﻴﻄﺎﻧﺎ ﺧﻔﻴﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻃﻤﺲ ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﻬﻮض ﻣﺠﺪدا، وﰲ ﺣني آﺧﺮ ﻳﻘﺎل إن اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻫﻲ ﺳﺒﺐ ﺗﺸﺘﺘﻨﺎ وﺿﻴﺎع ﻫﻴﺒﺘﻨﺎ وﺗﺄﺛريﻧﺎ!

ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻧﺼﺒﺢ ﻣﺆﺛﺮﻳﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻔﻬﻢ أوﻻ ملﺎذا ﻓﺸﻠﻨﺎ وﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻧﻔﺸﻞ، ﺛﻢ ﻧﻔﻬﻢ واﻗﻊ ﻫﺬه اﻷروﻗﺔ، وﻛﻴﻒ ﺗﻌﻤﻞ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺪرس ﻛﻴﻒ ﻧﺠﺢ ﻏريﻧﺎ، أﻣﺎ ملﺎذا ﻓﺸﻞ اﻟﻌﺮب وﻣﻌﻬﻢ اﻟﻌﺮب اﻷﻣريﻛﺎن ﰲ اﻟﺘﺄﺛري ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺺ ذﻟﻚ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻜﻮﻧﻬﻢ أﻗﻠﻴﺔ ﻏري ﻣﻨﻈﻤﺔ، وﻻ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺎﻟﺜﺮاء أو اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻛﻤﺎ أن ﺗﻮاﺟﺪ اﻟﻌﺮب ﰲ اﻟﺤﻘﻮل اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ أو اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أو اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﺎ زال ﻣﺘﻮاﺿﻌﺎ ﺑﺎملﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻴﻬﻮد اﻷﻣريﻛﺎن ﻣﺜﻼ، ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ أﻗﻞ ﻇﻬﻮرا ﰲ املﴪح اﻟﺴﻴﺎﳼ، إﻣﺎ ﻻﻧﻄﻮاﺋﻬﻢ اﻟﺜﻘﺎﰲ أو ﻟﻌﺪم ﺛﻘﺘﻬﻢ ﺑﻤﺪى ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ املﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣريﻛﻲ، وﻳﺬﻛﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣريﻛﻲ »ﻫﺎري ﺗﺮوﻣﺎن« ﻋﻦ اﻟﺼﻮت اﻟﻌﺮﺑﻲ ﰲ اﻟﺘﺄﺛري اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺣني ﻗﺎل »ﰲ ﻛﻞ ﻣﺴريﺗﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻻ أذﻛﺮ أن اﻟﺼﻮت اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ أي ﺗﺼﻮﻳﺖ«.

واﻗﻊ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺄﺛريﻳﺔ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﻜﺎﺗﺐ ﺗﻤﺜﻴﻠﻴﺔ أو ﺗﻮاﺟﺪ إﻟﻜﱰوﻧﻲ أو ﻣﻮاد إﻋﻼﻣﻴﺔ دﻋﺎﺋﻴﺔ، ﺑﻞ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﲆ ﻗﺪرة اﻟﻔﻬﻢ واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺤﺮﻓﻴﺔ واﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﺪروﺳﺔ وﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ذوي اﻻﺧﺘﺼﺎص واﻟﺪراﻳﺔ ﻋﲆ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ واﻟﻮﻟﻮج ﻟﺪﻫﺎﻟﻴﺰ ﻧﻈﺎم ﻣﻘﺴﻢ اﻟﻘﻮى، وإرث راﺳﺦ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒري، وﻧﻈﺎم اﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﻣﻜﻠﻒ ﻣﺎﻟﻴﺎ وﻣﺮاﻗﺐ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ.

ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم املﻌﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮازﻧﺎت ﻳﻌﻄﻲ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻐﻂ )اﻟﻠﻮﺑﻲ( ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎورة واﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ دﻋﻢ ﻣﺮﺷﺢ أو ﻣﺤﺎرﺑﺘﻪ أو اﻟﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ أو اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ إﺟﻬﺎﺿﻬﺎ، ﻛﻤﺎ أن ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻐﻂ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﱰوﻳﺞ ﻟﻠﻤﺮﺷﺤني املﺘﻌﺎﻃﻔني ﻣﻊ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﰲ اﻟﺠﻨﺎح اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ، أو اﻟﺪﻓﻊ ﺑﻤﺮﺷﺤﻴﻬﻢ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ ﻛﺮﳼ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ﺗﻌﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻔﻴني واﻟﻜﺘﺎب واﻟﻔﻨﺎﻧني املﻮاﻟني ﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺗﻬﻢ، واﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻬﻢ ﰲ ﻟﻌﺒﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺠﻬﻮر ﺑﺘﺒﻨﻲ ﻣﻮاﻗﻔﻬﻢ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺎ أو ﻣﺮﺷﺢ أو ﺳﻴﺎﺳﺔ أو ﻗﺎﻧﻮن ﺗﴩﻳﻌﻲ.

ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻼﻣﺢ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻐﻂ املﺆﺛﺮة واﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ﰲ أﻣريﻛﺎ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ ﻷﻋﻀﺎﺋﻬﺎ اﻟﻜﺜﺮ وذوي اﻟﺨﻠﻔﻴﺎت املﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﻧﺎﺟﺤني ﰲ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ، أو ﻣﺸﺎرﻛني ﺑﺈﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﰲ املﺠﺘﻤﻊ، إﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﱪﻋﺎت اﻟﺴﺨﻴﺔ أو املﺸﺎرﻛﺔ املﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﰲ أﻋﻤﺎل اﻟﺨري املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﺎء ﻣﺴﺘﺸﻔﻴﺎت أو دﻋﻢ ﺟﺎﻣﻌﺎت أو ﻣﻨﻈﻤﺎت ﺣﻘﻮﻗﻴﺔ ودﺳﺘﻮرﻳﺔ، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ دﻋﻤﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻸﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻼﻣﺴﻪ ﻟﻬﻤﻮم املﻮاﻃﻦ واملﺒﺎدئ اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻣﺘﺎﻧﺔ ﻋﻼﻗﺔ أﻋﻀﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻨﻮاب واﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني واﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﺗﻢ ﺑﻨﺎؤﻫﺎ ﻋﱪ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ املﺸﱰك املﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ املﺮوﻧﺔ واﻟﺘﻔﺎوض اﻟﺬﻛﻲ، إﺿﺎﻓﺔ رﺑﻤﺎ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻻﺑﺘﺰاز واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ.

ﻫﻨﺎك ﻓﻬﻢ ﺧﺎﻃﺊ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻣﻊ أﻣريﻛﺎ ﻣﻦ أن اﻟﻘﺮارات واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺎت ﺗﺒﻨﻰ ﻣﻦ أﻋﲆ اﻟﻬﺮم، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻮاﻗﻊ ﻫﻮ أن ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺤﺖ وﺗﻨﺠﺢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﰲ ﺗﻤﺮﻳﺮ أﺟﻨﺪﺗﻬﺎ ورﻏﺒﺎﺗﻬﺎ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻗﺎﻋﺪة ﺻﻠﺒﺔ ﻣﻦ املﺆدﻳﻦ ﻣﻦ املﻮﻇﻔني اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳني ﰲ ﻣﻜﺎﺗﺐ أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب أو اﻟﻮزارات اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ، واﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻤﻦ ﻣﻬﻤﺘﻬﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻨﺴﺦ اﻷوﻟﻴﺔ ﻷي ﺗﴩﻳﻊ أو ﻗﺮار ﻗﺒﻞ ﻃﺮﺣﻪ ﻟﻠﻤﺪاوﻟﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻀﻊ اﻟﻠﺒﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ املﴩع وﻓﻖ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﻓﺮﻳﻘﻪ، وﺳﻴﻌﻤﻞ ﻻﺣﻘﺎ ﻋﲆ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ وﺗﺮوﻳﺠﻬﺎ واﻟﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ ﺗﺒﻨﻴﻬﺎ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﺘﺄﺛري ﻳﺒﺪأ ﺑﺘﻮﺳﻴﻊ ﻗﺎﻋﺪة املﻮاﻟني ﰲ ﺻﻔﻮف ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺼﺒﺢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﻳﻮم ﻣﺎ ﻣﺘﺨﺬي ﻗﺮار ﰲ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أو املﺠﺎﻟﺲ املﻨﺘﺨﺒﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ.