اﻟﺸﻴﻼت واﻟﺘﻠﻮث اﻟﺴﻤﴔ

ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ﺗﺠﺪ اﻟﻨﺎﺟﺢ ﻳﻔﺘﺨﺮ ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﻪ وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﻴﻄﺔ، ﻗﻠﻴﻠﺔ، وﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻳﻀﺎ أن ﺗﺸﻴﺪ ﺑﺄﺣﺪﻫﻢ وأﻧﺖ ﺗﺮاه ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر إﱃ إﺛﺒﺎت وﺟﻮده ﰲ ﻃﻠﺐ ﻋﻠﻢ أو ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﻮﻫﺒﺔ أو ﺧﺪﻣﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ملﺠﺘﻤﻌﻪ، وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﺑﺪا وﻻ املﻘﺒﻮل أن ﻳﺮى اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﻪ أﻋﲆ دﻣﺎً وأﻧﻘﻰ ﺟﺴﺪاً وأﻋﻈﻢ ﻧﺴﻼ ﻣﻦ ﻏريه، ﻓﻬﺬه اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ املﻘﻴﺘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﰲ وﺟﻮد اﻻﺳﺘﺒﺪاد واﻟﺒﻄﺶ ﺑﺎﻵﺧﺮ املﺨﺘﻠﻒ، ﺑﻞ ﺣﺘﻰ أﻧﻬﺎ أوﺟﺪت ﻣﻌﺘﻘﺪا ﺧﺒﻴﺜﺎ ﻛﺎﻟﺘﻄﻬري اﻟﻌﺮﻗﻲ ﺑﺴﻴﺎدة اﻟﺠﻨﺲ اﻵري اﻟﺬي ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻷﺷﻘﺮ واﻟﻌﻴﻨني اﻟﺰرﻗﺎوﻳﻦ ﻋﲆ ﻏريه ﻣﻦ اﻟﺒﴩ، ﺳﺎﻋني ﺑﺬﻟﻚ ﻻﺳﺘﻌﺒﺎد ﻣﻦ ﻫﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔني ﻋﻨﻬﻢ ﺣﺘﻰ أﻃﻠﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺻﻔﺎرات اﻹﻧﺬار ﻟﺤﺮب ﺑني اﻟﺨري واﻟﺴﻼم واﻟﺤﻴﺎة وﺑني اﻟﴩ واﻟﻨﺰاع واملﻮت.

ﻓﺎﻟﻌﻨﴫﻳﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻌﺪدت أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺳﺘﺒﻘﻰ ﻋﻨﴫﻳﺔ ﻣﻘﻴﺘﺔ ﻻ ﻳﺮﻛﺾ ﺧﻠﻔﻬﺎ إﻻ ﻳﺎﺋٌﺲ ﻳﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﴚء ﻻ ﻳﺪ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ، وﻟﻸﺳﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻴﻼت وﻫﻲ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي - ﺗﻠﻮث ﺳﻤﻌﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﺴﻴﻐﻪ روﺣﻲ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ املﻮﺳﻴﻘﻰ - واﻟﺸﻌﺮاء املﻐﻤﻮرﻳﻦ، ﻳﺴﻬﻤﻮن إﺳﻬﺎﻣﺎً ﻗﻮﻳﺎ ﰲ ﻏﺮس وﺗﻨﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻟﺪى املﺮاﻫﻘني ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻮﻃﻦ، واملﻀﺤﻚ ﰲ اﻷﻣﺮ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺘﻠﻮث اﻟﻔﻜﺮي ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷوﺳﺎط اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻨﺎ! أي ﻓﻦ ﻫﺬا اﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﺖ ﻟﻺﺑﺪاع ﺑﺼﻠﺔ؟ أي ﻓﻦ ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﻤﻴﺖ اﻟﻘﻠﻮب وﻳﺜﻨﻲ ﻋﲆ اﻟﺠﻬﻞ؟.

وﻳﺎ ﻟﻴﺘﻬﻢ ﻳﺪﻋﻮن إﱃ اﻟﻠﺤﻤﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﻧﺒﺬ اﻟﺘﻌﺼﺐ واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﻧﺪاءات ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻳﻨﺒﺬﻫﺎ اﻟﺪﻳﻦ واملﺠﺘﻤﻊ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.

ﻓﻤﻊ رؤﻳﺔ وﱄ اﻟﻌﻬﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن 2030 ﻻﺑﺪ أن ﻧﺘﺠﻪ ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻔﻜري اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻘﺒﻮل اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ واﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺮﻛﺰ ﻋﲆ ﺣﺎﴐﻧﺎ وﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ وﻋﻤﻠﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺒﻬﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﻨﺎ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷرض. وﻣﻦ واﺟﺒﻨﺎ ﻛﻤﻮاﻃﻨني أن ﻧﺪﺣﺮ اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ واﻷﺷﻜﺎل املﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻤﺎءات اﻟﺤﺰﺑﻴﺔ اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻬﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎم ﻛﻞ ﻋﺪو ﻳﻤﻨﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺘﻔﻜﻚ ﻫﺬا اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﻈﻴﻢ واﻹﺧﻼل ﺑﺄﻣﻨﻪ وﻣﺠﺘﻤﻌﻪ، ﻓﻨﺤﻦ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﺤﺴﻮدون ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء وﻣﻐﺒﻮﻃﻮن ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺾ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻟﻮﺋﺎم واﻟﺤﺐ ﺑني اﻟﺸﻌﺐ واملﻠﻚ املﻔﺪى.

ﻓﻔﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻣﻦ آدم وآدم ﻣﻦ ﺗﺮاب، وﻣﻦ ﻳﻈﻦ ﻧﻔﺴﻪ أﻧﻘﻰ دﻣﺎ ﻣﻦ ﻏريه ﻓﻠﻴﺘﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺗﺮاب وأن دﻣﻪ ﻛﺪم آدم وﺳﻴﻌﻮد إﱃ اﻟﱰاب. وأن ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰه ﻋﻦ ﻏريه ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻪ وﺳﻌﻴﻪ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ إﻧﺠﺎزات ﺗﺨﺪم ﻫﺬا اﻟﻮﻃﻦ وﻣﺠﺘﻤﻌﻪ.