اﻟﺸﻌﺮة اﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ اﻻﺣﺘﺮام واﻟﻤﺠﺎﻣﻠﺔ

»وﺑﺎﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ إﺣﺴﺎﻧﺎ«، أوﺻﺎﻧﺎ اﻟﻠﻪ -ﺟﻞ ﰲ ﻋﻼه- ﺑﺎﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻤﺎ وﺑﻌﺪ رﺣﻴﻠﻬﻤﺎ ﻟﻌﻈﻢ ﺷﺄﻧﻬﻤﺎ، ﻓﻴﺘﺴﺎﺑﻖ اﻷﺑﻨﺎء ﰲ إرﺿﺎﺋﻬﻤﺎ، وﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻤﺎ، وإدﺧﺎل اﻟﺒﻬﺠﺔ إﱃ ﻧﻔﺴﻴﻬﻤﺎ. اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻄﺒﻌﻬﺎ ﺗﺆﺻﻞ ﻣﺒﺪأ اﻻﺣﱰام ﻟﻠﻮاﻟﺪﻳﻦ، وملﻦ ﻫﻢ أﻛﱪ ﺳﻨﺎ، وﻣﻦ ﻫﻨﺎ أود إﻟﻘﺎء اﻟﻀﻮء ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﻳﺘﺨﻠﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎة اﻟﺮﺟﻞ واملﺮأة، ﺑﺎﺧﺘﻼف أوﺿﺎﻋﻬﻤﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ﻋﺰﻳﺰي اﻟﻘﺎرئ، رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺪﻣﺔ املﻘﺎل ﺗﻮﺣﻲ ﺑﻤﻮﺿﻮع ﻏري ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻨﻘﺎش، إﻻ أن املﺸﻜﻠﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﻋﺪم ﻣﻼﺣﻈﺔ املﺸﻜﻠﺔ ﰲ املﻘﺎم اﻷول، ﺛﻢ اﻻﻋﱰاف ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ. ﻗﺪ ﻳﺠﱪ اﻟﺸﺨﺺ ﻋﲆ اﻹﻧﺼﺎت واﻻﻧﺼﻴﺎع ﻷواﻣﺮ أﺷﺨﺎص ﻛﺜﺮ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻘﺮاﺑﺔ، ﻛﺎﻟﺨﺎل واﻟﻌﻢ، أو ﻟﻠﻮﺿﻊ واملﻜﺎﻧﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ املﻨﻮﻃﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ املﺤﱰم ﰲ ﻣﻮاﻃﻦ ﻛﺜرية. اﺣﱰام اﻟﻐري ﻳﻜﺴﻮ اﻟﺸﺨﺺ ﺣﻠﺔ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ، إﻻ أﻧﻪ ﻳﺘﻌﺪى اﻟﺤﺪود ﰲ ﻇﺮوف أو ﺣﺎﻻت ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ، ﰲ ﺣﺎل ﺗﺨﻄﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺪوده ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻻﺣﱰام، واﻧﺘﻘﻞ إﱃ ﻣﺮﺣﻠﺔ املﺠﺎﻣﻠﺔ واﻟﺘﻜﻠﻒ اﻟﺴﻠﺒﻲ، وﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺰج ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ ﰲ ﻏﻴﺎﻫﺐ اﻟﻮﺟﻊ اﻟﻨﻔﴘ. ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻜﺮر ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻷﺑﻨﺎء ﻣﻊ آﺑﺎﺋﻬﻢ، ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ املﺜﺎل، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﻠﺐ اﻟﻮاﻟﺪان ﻣﻦ اﻻﺑﻦ أن ﻳﻨﺨﺮط ﰲ ﻣﺠﺎل أو ﻣﻬﻨﺔ ﻣﺎ، أو ﻳُﻄَﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺘﺰوج ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ، ﺑﻐﻴﺔ ﻧﻴﻞ اﻟﺮﺿﺎ. ﻻ ﻳﻜﺎد ﺷﺨﺺ إﻻ وﻗﺪ ﻣﺮ ﺑﻬﺬا اﻹﺣﺴﺎس، ﻷن ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴري وﻓﻖ اﻟﻌﺮف ﻳﻌﺪ ﻣﺘﻤﺮدا، وﺻﻔﺎت أﺧﺮى ﻳﺒﺘﺪﻋﻬﺎ اﻟﻜﺒﺎر وﻳﻨﴩوﻧﻬﺎ ﻋﻨﻪ. ﻣﻦ املﻔﻴﺪ ﻋﻨﺪ ﻃﺮح إﺷﻜﺎل، أن ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻠﻮل ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻷﻣﻮر املﱰاﻛﺒﺔ ﺿﻤﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺷﻌﺐ. ﰲ ﺣﻮار ﱄ ﻣﻊ ﺷﺎب ﺳﻌﻮدي ﻳﻌﻤﻞ ﰲ وﻇﻴﻔﺔ ﻏري ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، ﺣﻴﺚ ﺣﻮل ﺷﻐﻔﻪ وﺣﺒﻪ ﻟﻠﺴﻴﺎرات إﱃ ﻋﻤﻠﻪ اﻷﺳﺎﳼ، ذﻛﺮ ﱄ أن واﻟﺪه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ أﻣﺮا أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﺣني ﻳﺄﻣﺮه ﺑﻔﻌﻞ أﻣﺮ، ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ، ﻳﻮاﻓﻖ ﻋﲆ اﻷﻣﺮ، ﺛﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻴﻮب اﻷﻣﺮ ﻫﺬا ﻣﻦ ﻓﱰة ﻷﺧﺮى، ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﻳﻮاﻓﻖ اﻷب ﻋﲆ ﻗﺮار اﻻﺑﻦ. ﺣﻘﻴﻘﺔ، وﺟﺪت ﺗﻔﻜريا راﻗﻴﺎ ﻣﻦ ﺷﺎب ﰲ ﻣﻘﺘﺒﻞ اﻟﻌﻤﺮ، ﻟﻢ ﻳﻨﺪﻓﻊ وﻳﺮﻓﺾ ﻗﻄﻌﻴﺎ، إﻧﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻋﲆ إﻇﻬﺎر أﺳﻮأ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ملﺼﻠﺤﺘﻪ. ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺒﺪو ﻧﺎﺟﺤﺔ إﱃ ﺣﺪ ﻣﻌﻘﻮل وﺳﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻄﺮﻓني. ﰲ املﻘﺎﺑﻞ، ﻻ أﺣﺒﺬ ﻣﺠﺎﻣﻠﺔ أي ﺷﺨﺺ ﻟﻦ ﻳﺪﺧﻠﻨﻲ ﺑﺮﺿﺎه ﻋﻨﻲ اﻟﺠﻨﺔ، إﻧﻤﺎ أﺗﺒﻊ أﺳﻠﻮب »اﻟﺸﺪ واﻟﺮﺧﻲ«، ﻓﻴﺘﻌﻠﻢ اﻟﺸﺨﺺ أن ﻫﺬا اﻟﻄﻔﻞ ﻗﺪ ﻛﱪ، وﻟﻪ رأي وﺣﻴﺎة ﺧﺎﺻﺔ، وﻗﺮارات ﺗﺒﺎﻋﺎ، ﺧﺎﺻﺔ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻪ أﴎة وزوﺟﺔ ﻳﺠﺎﻣﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ واﻟﻐﺮﻳﺐ ﻋﲆ ﺣﺴﺎﺑﻬﺎ. ﻓﺎﻷﺧرية ﻣﺪﻣﺮة ﻷي ﻋﻼﻗﺔ ﻛﺎﻧﺖ. ﺧﺘﺎﻣﺎ: أﺗﻤﻨﻰ ﻣﻦ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﻬﺎت أن ﻳﻤﻬﺪوا ﺳﺒﻞ اﻟﱪ أﻣﺎم أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ، ﺧﺎﺻﺔ إن ﻛﺎن اﻷﺑﻨﺎء ﺑﺎرﻳﻦ ﺑﻬﻢ ﰲ اﻟﻌﺎدة، ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺮﺑﻲ أﺑﻨﺎءﻧﺎ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا أﺳﻌﺪ وأﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻤﻨﻮن، ﻻ ﻟﺠﻌﻠﻬﻢ أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ.

sohoub@alwatan.com.sa