اﻟﺒﻴﻄﺮي واﻟﻌﻤﻞ اﳌﻜﺘﱯ

ﰲ اﻟﺤﻘﻞ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ وﺑﻜﻞ ﻓﺨﺮ أﻧﺘﻤﻲ ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﻛﻴﺎن وﻇﻴﻔﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻷﻫﻤﻴﺔ، إذ ﻳﻘﻊ ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺟﻤﺔ وﺟﻠﻴﻠﺔ، ﻛﻤﺎ أﻋﺘﺰ ﺑﻜﻞ ﻓﺮد ﻣﻦ أﻓﺮاد ﻫﺬه اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ، ﻓﻜﻠﻨﺎ ﻧﻘﻊ ﺗﺤﺖ ﺑﻮﺗﻘﺔ واﺣﺪة ﺗﺨﺼﺺ واﺣﺪ وﻫﺪف واﺣﺪ.

ﻓﺮﻏﻢ ﺑﺮوزه ﰲ اﻟﻌﻘﺪ اﻷﺧري ﺑﻌﺪ ﻋﻘﻮد ﻣﻦ اﻻﻧﺰواء واﻻﻧﻄﻮاء واﻟﺴﺒﺎت اﻟﻄﻮﻳﻞ، ﺑﻌﺪ أن ﻧﻔﻀﺖ ﻋﻨﻪ اﻟﻈﺮوف واﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ أﺣﺎﻃﺖ ﺑﺎملﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪﻳﻦ املﺤﲇ واﻟﻌﺎملﻲ، ﻏﺒﺎر ﺳﻨني اﻟﺒﻴﺎت واﻟﺴﺒﺎت املﻌﺮﰲ.

ﻓﺎﻷﻣﺮاض واﻷوﺑﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﺎملﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﺎملﻴﺎ واﺟﺘﺎزت أﺳﻮار ﺣﺪود ﻣﻤﻠﻜﺘﻨﺎ اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ، ذات اﻟﺘﺄﺛري املﺒﺎﴍ وﻏري املﺒﺎﴍ ﻋﲆ ﺻﺤﺔ وﺳﻼﻣﺔ املﻮاﻃﻦ واملﻘﻴﻢ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷرض املﺒﺎرﻛﺔ، ﻛﻤﺮض ﺣﻤﻰ اﻟﻮادي املﺘﺼﺪع، وﻣﺮض أﻧﻔﻠﻮﻧﺰا اﻟﻄﻴﻮر، وأﺧريا ﻣﺮض ﻛﻮروﻧﺎ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض واﻷوﺑﺌﺔ ﻗﺪ أﺳﻬﻤﻮا ﰲ ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻜﻴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﱪى ﻟﻬﺬه اﻷﻣﺮاض واﻷوﺑﺌﺔ أﺑﻨﺎؤه ﻟﻠﺘﺼﺪي واﻟﻮﻗﻮف ﻛﺎﻟﺴﺪ املﻨﻴﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺤﺎرﺑﺘﻬﺎ واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﻣﻨﻊ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ وﺗﺨﻔﻴﻒ ﺣﺪﺗﻬﺎ وﺗﺠﻔﻴﻒ ﻣﻨﺒﻌﻬﺎ.

وﻧﻈﺮة ﴎﻳﻌﺔ إﱃ ﻫﺬا اﻟﻜﻴﺎن ﻧﺠﺪ أن ﻣﻬﺎﻣﻪ ﻣﺘﺸﻌﺒﺔ، وﻟﻪ ﰲ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﺻﺤﺔ وﺳﻼﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان ﻳﺪ، ﻓﻴﻜﻔﻲ أن ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺄن أﻓﺮاده ﻳﻘﻔﻮن ﻛﺎﻟﺠﺒﻞ اﻟﺸﺎﻣﺦ، ﺑﻌﻠﻤﻬﻢ ﺗﺎرة وﺑﺄﺟﺴﺎدﻫﻢ ﺗﺎرة أﺧﺮى، ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ووﻗﺎﻳﺔ املﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎط اﻟﻌﺪوى ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 200 ﻣﺮض ﻣﻌﺪ ﺗﻌﺮف ﺑﺎﻷﻣﺮاض املﺸﱰﻛﺔ ﺑني اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان، واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ اﻟﺤﻴﻮان، وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن إﱃ اﻟﺤﻴﻮان.

وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻟﺐ ﺣﺪﻳﺜﻲ، ﻓﺤﺪﻳﺜﻲ ﰲ ﻫﺬه املﻘﺎﻟﺔ وﺑﺸﻜﻞ ﻣﻘﺘﻀﺐ وﻣﺆﻃﺮ ﺑﺈﻃﺎر ﻫﺬا اﻟﺴﺆال... ملﺎذا ﻫﺠﺮ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺒﻴﻄﺮي ﺗﺨﺼﺼﻪ؟

إذ ﻻ ﻳﻌﻘﻞ أن ﻳﺮﻛﻦ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺒﻴﻄﺮي ﻟﻠﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻹدارﻳﺔ ﺑﻌﻴﺪا ﻛﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻤﺎ أﺳﺴﺘﻪ وﴏﻓﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺪوﻟﺔ -أﻋﺰﻫﺎ اﻟﻠﻪ- ﻣﻦ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﺗﺘﺠﺎوز أرﺑﻌﺔ أﺿﻌﺎف ﻋﻤﺎ ﴏﻓﺘﻪ ﻋﲆ ﻧﻈريه ﺧﺮﻳﺞ اﻟﻜﻠﻴﺎت اﻷدﺑﻴﺔ، ﻟﻴﻜﻮن ﻟﺒﻨﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﻴﻄﺮﻳﺔ ﻻ أدﺑﻴﺔ أو ﺷﻌﺮﻳﺔ.

ﻓﻬﻨﺎك وﻟﻸﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ وأﺑﻨﺎﺋﻲ وزﻣﻼﺋﻲ ﻣﻦ اﻷﻃﺒﺎء اﻟﺒﻴﻄﺮﻳني اﻟﺬﻳﻦ -وأﻗﻮﻟﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺣﺮﻗﺔ- ﻫﺠﺮوا اﻟﻌﻤﻞ واملﻌﺮﻓﺔ اﻟﺒﻴﻄﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻬﻢ وﺻﻤﻴﻢ ﻣﻬﺎﻣﻬﻢ وواﺟﺒﺎﺗﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ، وﻗﺒﻠﻬﺎ ﻧﺤﻮ أﻧﻔﺴﻬﻢ، ورﻛﻨﻮا إﱃ اﻟﻌﻤﻞ املﻜﺘﺒﻲ اﻟﺬي ﻟﻪ رﺟﺎﻟﻪ وﻣﺴﺆوﻟﻮه، ﻓﺘﺤﻮﻟﻮا إﱃ ﻛﺘﺎب ﺧﻄﺎﺑﺎت أو ﻣﺮاﺳﻠني.

ﻟﺬا ﻧﺠﺪ ﺷﺤﺔ أﻗﺮب إﱃ اﻧﻌﺪام ﰲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﻠﻤﻲ املﺒﻨﻲ ﻋﲆ املﻌﺮﻓﺔ واﻟﺪراﻳﺔ املﻴﺪاﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷﻃﺒﺎء اﻟﺒﻴﻄﺮﻳني، ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ اﻟﻮزارات واﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ.

ﻓﻴﺎ أﻃﺒﺎءﻧﺎ اﻟﺒﻴﻄﺮﻳني ﻋﻮدوا إﱃ ﻣﺠﺎﻟﻜﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻄﺒﻴﻖ املﺒﺎدئ اﻟﻄﺒﻴﺔ واﻟﺘﺸﺨﻴﺼﻴﺔ واﻟﻌﻼﺟﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ واملﻨﺰﻟﻴﺔ واﻟﱪﻳﺔ، واﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ اﻧﻀﻤﻤﻨﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﻴﺎن.