ﻫﻞ ﻛﻞ ذﰾ ﻣﻮﻫﻮب أم ﻛﻞ ﻣﻮﻫﻮب ذﰾ

ﻫﻨﺎك ﻋﺪة ﺗﻌﺎرﻳﻒ ملﺼﻄﻠﺢ املﻮﻫﻮﺑني، وﻟﻜﻞ ﻣﺪرﺳﺔ ﺧﻄﻬﺎ ﰲ اﻟﺘﺄﺻﻴﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ، وﻫﻨﺎك ﺷﺒﻪ إﺟﻤﺎع ﻋﲆ أن اﻟﻄﺎﻟﺐ املﻮﻫﻮب ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻤﻠﻚ إﺑﺪاﻋﺎ وﻗﺪرات ﺗﻔﻮق ﻗﺮﻧﺎﺋﻪ، وﻟﻌﻞ ﺗﻌﺮﻳﻒ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺴﺎﺋﺪ. ﻳُﻌﱠﺮف املﻮﻫﻮب ﺑﺄﻧﻪ اﻟﻔﺮد اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮ ﻗﺪرة ﻋﲆ اﻷداء املﺮﺗﻔﻊ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺄﻓﺮاد اﻟﻔﺌﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ، وذﻟﻚ ﰲ واﺣﺪ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ املﺠﺎﻻت اﻵﺗﻴﺔ: اﻟﻘﺪرة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ، واﻻﺳﺘﻌﺪاد اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﺨﺎص، واﻟﻘﺪرة اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ )اﻟﺘﻔﻜري املﻨﺘﺞ(، واﻟﻘﺪرة اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ، واﻟﻘﺪرة ﰲ اﻟﻔﻨﻮن اﻷداﺋﻴﺔ اﻟﺒﴫﻳﺔ. ﰲ ﺣني ﺗﻌﺮف وزارة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻟﻄﻼب املﻮﻫﻮﺑني ﺑﺄﻧﻬﻢ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﺳﺘﻌﺪادات وﻗﺪرات ﻏري ﻋﺎدﻳﺔ، أو أداء ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ أﻗﺮاﻧﻬﻢ ﰲ ﻣﺠﺎل أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ املﺠﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻳُﻘّﺪرﻫﺎ املﺠﺘﻤﻊ، وﺑﺨﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﻔﻮق اﻟﻌﻘﲇ، واﻟﺘﻔﻜري اﻻﺑﺘﻜﺎري، واﻟﺘﺤﺼﻴﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ، واملﻬﺎرات واﻟﻘﺪرات اﻟﺨﺎﺻﺔ. وﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ رﻋﺎﻳﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ، ﻗﺪ ﻻ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﰲ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻌﺎدﻳﺔ.

ﺑني ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ وذاك ﻧﻘﺎط ﻣﺸﱰﻛﺔ وﻫﻲ اﻹﺟﻤﺎع ﻋﲆ اﻟﻘﺪرة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واﻹﺑﺪاع واﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻨﻪ ﻏريﻫﻢ، ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ أن املﻮﻫﺒﺔ ﺗﻮﻟﺪ ﻣﻊ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﺒﺪأ ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ املﺪﻓﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﱪوز ﻣﻦ ﺳﻦ 3 إﱃ 5 ﺳﻨﻮات، ﻓﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﻳﻄﻮرﻫﺎ وﻳﺴﺘﻐﻠﻬﺎ، وﻳﻜﺘﺸﻒ ﻣﻜﻨﻮﻧﻬﺎ واﻷﻏﻠﺐ ﻟﻸﺳﻒ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻨﻬﺎ وﻫﻲ ﺣﻴﺔ. اﻟﻘﺪرة اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﰲ املﻮﻫﺒﺔ ﻫﻲ ﻧﻮاة ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﺑﻨﺎء وﺗﻄﻮﻳﺮ وﺗﺪرﻳﺐ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻢ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ املﻄﻠﻮب. ﻋﲆ اﻷﴎة أن ﺗﻌﻲ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﻄﺎﻟﺐ أو اﻟﻄﺎﻟﺒﺔ املﻮﻫﻮﺑﺔ، وأن ﺗﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪة إﱃ ﺗﻨﻤﻴﺔ وﺗﺸﺠﻴﻊ ﻫﺬا اﻟﺤﺲ اﻹﺑﺪاﻋﻲ.

ﺧﻼﺻﺔ ﻛﺘﺎب املﺆﻟﻒ اﻷﻣريﻛﻲ ﺟﻮن ﳻ. ﻣﺎﻛﺴﻮﻳﻞ، واﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﺒﻴﻌﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺗﺘﻤﺤﻮر ﰲ اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﱄ ملﺎذا املﻮﻫﺒﺔ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ؟ وﻳﻘﻮل إن ﻛﺜريا ﻣﻦ املﻮﻫﻮﺑني اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪؤوا ﺑﺄﻓﻀﻠﻴﺔ ﻋﲆ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﻔﻘﺪون ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ، ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﲆ ﻣﻮﻫﺒﺘﻬﻢ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ، وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﻘﻊ املﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻜﱪى ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻖ اﻷﴎة أوﻻ، وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺄﺗﻲ دور املﻌﻠﻢ اﻟﺤﺮﻳﺺ ﻋﲆ اﻛﺘﺸﺎف املﻮاﻫﺐ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ، ﻓﻬﻢ ﻳﻔﱰﺿﻮن أن املﻮﻫﺒﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﺳﻮف ﺗﺒﻘﻴﻬﻢ ﰲ املﻘﺪﻣﺔ، وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺪرﻛﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، وﻫﻲ أﻧﻬﻢ ﻟﻮ رﻛﻨﻮا إﱃ ﻣﻮﻫﺒﺘﻬﻢ ﻓﻘﻂ، ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﻴﺴﺒﻘﻬﻢ اﻵﺧﺮون وﻳﺘﻔﻮﻗﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﺎملﻮﻫﺒﺔ أﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻈﻨﻮن، وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺳﺘﻴﻔﻦ ﻛﻴﻨﺞ »إن املﻮﻫﺒﺔ أرﺧﺺ ﻣﻦ ﻣﻠﺢ اﻟﻄﻌﺎم. ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ واﻟﺠﻬﺪ واﻟﺼﱪ واﻟﺘﺤﺪي واملﺜﺎﺑﺮة، وﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ املﻮﻫﻮﺑني ﻋﻦ اﻟﻨﺎﺟﺤني ﻫﻮ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد«، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن أي ﺷﺨﺺ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺠﺎح ﻳﺤﺘﺎج إﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد املﻮﻫﺒﺔ وإﺛﻘﺎﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﱪات واﻟﺘﺪرﻳﺐ. إذا ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﻨﺠﺎح؟ وﻫﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أي إﻧﺴﺎن أن ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻨﺠﺎح؟ وﻛﻴﻒ ﺗﻔﻴﺪ املﻮﻫﺒﺔ؟ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻧﺠﺪ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﰲ دور اﻷب واﻷم ﺗﺠﺎه أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ املﻮﻫﻮﺑني.

وﻟﻬﺬا ﻳﻄﺮح اﻟﻜﺜري ﺗﺴﺎؤﻻ، وﻫﻮ ﻫﻞ ﻛﻞ ذﻛﻲ ﻣﻮﻫﻮب أم ﻛﻞ ﻣﻮﻫﻮب ذﻛﻲ؟ واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺴﺎؤل ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر أن اﻟﻄﺎﻟﺐ املﻮﻫﻮب ﻫﻮ ﻣﻦ وﻫﺒﻪ اﻟﻠﻪ ﻗﺪرات إﺑﺪاﻋﻴﺔ ﺗﻔﻮق ﻏريه ﺑﻜﺜري، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺬﻛﻲ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺼﻮرات اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ.