ﺻﻨﺪوق اﻷﴎة ﺑﲔ اﻻﺳﺘﺪاﻣﺔ واﻻﺳﺘﻔﺎدة

ﻧﻘﻒ اﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﻞ ﻋﲆ أﺑﻮاب ﺗﺤﻮل وﻃﻨﻲ وﻣﺠﺘﻤﻌﻲ وأﴎي ﺳﻨﺠﻨﻲ ﺛﻤﺎره ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻟﻢ ﻧﺘﻬﻴﺄ ﻟﻪ، أو ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻌﻪ، ﻟﻴﺲ ﻷﻧﻨﺎ ﻏري ﻗﺎدرﻳﻦ وﻟﻜﻦ ﻷﻧﻨﺎ ﻏري ﻣﻌﺘﺎدﻳﻦ ﻋﲆ ﻋﺠﻠﺔ ﴎﻳﻌﺔ ﻟﻸﺧﺬ ﺑﺄﺳﺒﺎب اﻟﺘﺤﻮل ﻟﻸﻓﻀﻞ وﻟﻠﺘﻐري اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﰲ ﻣﻨﺎﺣﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ، وإدراك ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ ﻣﺘﻐريات اﻟﻌﴫ وﻣﻮاﻛﺒﺘﻬﺎ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ واﻻﺳﺘﺰادة ﻣﻦ اﻟﺮﺿﺎ اﻟﺪاﺧﲇ، واﻟﻘﻨﺎﻋﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ أن اﻟﻘﺎدم داﺋﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻸﻓﻀﻞ إذا أﺣﺴﻨﺎ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﻷن اﻹﺣﺴﺎس ﻳﺼﻨﻊ اﻟﻮاﻗﻊ، ودون ﺷﻚ ﻓﺎﻟﺮﺗﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺸﻨﺎﻫﺎ ﻟﻌﻘﻮد ﻗﺪ أﺛﺮت ﻋﲆ ﻗﺒﻮﻟﻨﺎ اﻟﴪﻳﻊ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴري، ﻣﻊ ﺗﺴﻠﻴﻤﻨﺎ أن ﺛﻤﺔ ﻣﻘﺎوﻣﺔ داﺋﻤﺔ ﻟﻪ ﻃﺎملﺎ أن ﻗﺮاءة ﺳﻠﻴﻤﺔ وﻣﻨﺼﻔﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻢ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﰲ املﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﻐري وﻫﻮ اﻷﴎة، وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ املﺠﺘﻤﻊ اﻟﻜﺒري اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻮﻳﻪ اﻟﻮﻃﻦ ﺑﻜﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ، وﻫﻨﺎ ﺗﺼﺪق ﻣﻘﻮﻟﺔ إذا ﻟﻢ ﺗﺘﻘﺪم ﻓﺴﺘﺘﻘﺎدم، وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﺮﻳﺪﻫﺎ ﻟﻬﺬا املﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻻ ﻧﺸﻚ ﰲ ﺧريﻳﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ، واﻟﺘﺤﻮل واﻟﺘﻐﻴري ﻻ ﻧﻘﺼﺪ ﺑﻬﻤﺎ ﰲ ﻫﺬا املﻘﺎل ﻓﻘﻂ أﻧﻪ ﻣﻘﺘﴫ ﻋﲆ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻨﺎس اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻋﺎﻫﺎ وﺗﺪﻓﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻸﻓﻀﻞ، وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻐﻴري واﻟﺘﺤﻮل داﺧﻞ اﻷﴎ.

وﺑﻌﺪ ﻫﺬا املﺪﺧﻞ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪي ﻧﻌﻮد إﱃ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﺜري، وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﴩ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﺄﻣﻠﻪ املﺠﺘﻤﻊ، وﺗﺪﻓﻊ ﺑﻪ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﺪﻋﻢ ﺗﻨﻈﻴﻤﻪ وﻣﺄﺳﺴﺘﻪ، واﻟﺬي أوﻛﻠﺘﻪ ﻣﺸﻜﻮرة ﻟﻮزارة اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﺑﺪورﻫﺎ أﺻﺪرت ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ وﻻﺋﺤﺔ ﺗﻬﻴﺊ ﻣﻌﻬﺎ اﻷرﺿﻴﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ واﻟﺒﻴﺌﺔ املﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺒﻨﺎء ﺻﻨﺎدﻳﻖ أﴎﻳﺔ، وﻓﻖ ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻛﻞ أﴎة، وﺗﺼﺪر ﻟﻬﺎ ﺳﺠﻼ ﺧﺎﺻﺎً ﺑﺬﻟﻚ، ﻳﻀﻤﻦ اﺳﺘﻤﺮار ﺻﻨﺪوﻗﻬﺎ واملﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ إﻳﺮاد اﻷﴎة ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺼﻨﺪوق، وﺿﺒﻂ ﻣﺼﺎرﻳﻔﻪ وآﻟﻴﺔ اﻹﻧﻔﺎق ﻣﻨﻪ ﻣﻊ ﺗﻮﻓري اﻻﺳﺘﺸﺎرة املﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ملﻦ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻬﺎ، وﻗﺪ ﺻﺪر ﺣﺘﻰ اﻵن ﻗﺮاﺑﺔ اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺗﺮﺧﻴﺼﺎ ﻟﻌﴩﻳﻦ أﴎة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻜﺮﻳﻢ، وﻫﻮ ﻋﺪد ﻻ ﺷﻚ ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪا، وﻻ ﻳﻌﻜﺲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻧﺮى ﻋﻠﻴﻪ اﻷﴎ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ املﻤﻠﻜﺔ، ﻷن ﻫﻨﺎك املﺌﺎت ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺑﻨﺖ ﺻﻨﺎدﻳﻖ أﴎﻳﺔ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ، وﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﻣﺨﺮﺟﺎﺗﻬﺎ، وﺗﻌﺪد اﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺗﻬﺎ وﻟﻘﺎءاﺗﻬﺎ، ﺑﻞ إن ﻫﻨﺎك أﴎا وﺿﻌﺖ رﺳﺎﻟﺔ ورؤﻳﺔ وأﻫﺪاﻓﺎً وﻗﻴﻤﺎً راﺋﻌﺔ ﻟﺼﻨﺎدﻳﻘﻬﺎ اﻷﴎﻳﺔ، وﻛﻮﻧﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﺠﺎﻧﺎ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻣﺠﻠﺴﺎ ﻟﻸﻣﻨﺎء، وﻛﺬﻟﻚ ﻫﻴﺌﺔ اﺳﺘﺸﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻴﺎ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻴﻬﺎ وﻳﻠﺘﺰم ﺑﻤﺎ ﻳﺼﺪر ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺮارات أو وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ، وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر، ﻓﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﴎ ﺗﻘﻮم ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺼﻨﺪوق ﺑﻌﻤﻞ ﻣﺆﺳﴘ دﻗﻴﻖ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻌﺖ ﻟﻪ اﻟﺪوﻟﺔ وأوﻛﻠﺖ أﻣﺮه ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻟﻮزارة اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.

وﻷن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻷﴎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﰲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ ﻋﲆ رﺳﻢ ﺳﻨﻮي ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﴎة ﺑﻌﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋﻬﺎ اﻷول وﺗﻘﺮﻳﺮ ﻓﺘﺢ ﺣﺴﺎب ﺑﺎﺳﻤﻬﺎ أو اﺳﻢ ﻣﺸﱰك ﻟﺒﻌﺾ رﻣﻮزﻫﺎ، وﻳﻜﻮن اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻓﻴﻪ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﲆ اﺛﻨني ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻨﺎء أو أﻛﺜﺮ، ﺛﻢ ﻳﺘﺒﻨﻰ اﻟﻘﺎدرون ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻷﴎة وﻗﺎدﺗﻬﺎ واملﻴﺴﻮرﻳﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﱪع ﻟﻠﺼﻨﺪوق ﺑﻌﺪ ﺗﺤﺪﻳﺪ رؤﻳﺘﻪ ورﺳﺎﻟﺘﻪ وأﻫﺪاﻓﻪ وﺑﺮاﻣﺠﻪ اﻟﺪورﻳﺔ واﻟﺴﻨﻮﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﻪ ﻷﻓﺮاد اﻷﴎة، وﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﺘﴫ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻋﲆ ﺗﻠﻤﺲ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت أﻓﺮاد اﻷﴎة وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ املﺎﱄ اﻟﺬي ﺗﻘﺮره إدارة اﻟﺼﻨﺪوق ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻜﻔﻴﻬﻢ ﻣﺮارة اﻟﺤﺎﺟﺔ، وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻹﻋﺎﻧﺎت املﺎﻟﻴﺔ املﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻠﻤﻘﺒﻠني ﻋﲆ اﻟﺰواج، وﻳﻘﺪم اﻟﺼﻨﺪوق اﻷﴎي ﰲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻪ اﻟﺴﻨﻮي ﺟﻮاﺋﺰ ﻣﺎﻟﻴﺔ وﻋﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻔﻮﻗني ﻣﻦ اﻷﺑﻨﺎء واﻟﺒﻨﺎت ﻟﺘﺸﺠﻴﻌﻬﻢ، وﻳﴫف ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺪوق ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت اﻟﻠﻘﺎء اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻠﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء، وﻟﻘﺎءات اﻟﻌﻴﺪﻳﻦ، وﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻓﻴﻪ ﺟﺰء ﻣﻦ زﻛﺎة اﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻣﻦ اﻷﴎة، ﻟﺘﻮزع ﻋﲆ ﻣﺤﺘﺎﺟﻴﻬﺎ، وﻫﺬا ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻣﻮﺟﻮد ﻟﺪي ﺟﻤﻴﻊ اﻷﴎ اﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﺻﻨﺪوق أو ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ راﺑﻄﺔ ﺗﻮاﺻﻞ ﻣﺘﻔﻘني ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻣﺘﻌﺎوﻧني.

ﺧﺘﺎﻣﺎ، إن اﻷﴎ ﻋﲆ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻣﺪﻋﻮة ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻓﻜﺮة اﻟﺼﻨﺪوق اﻷﴎي ﻷن ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻤﺜﻴﻼ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻟﻠﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻷﴎﻳﺔ، وﻣﻌﻬﺎ إﺑﺮاز ﻛﺮﻳﻢ ﻟﻠﺘﻜﺎﻓﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﺣﺜﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ دﻳﻨﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻓﺎﻷﴎة ﻛﺎﻟﺠﺴﺪ اﻟﻮاﺣﺪ إذا اﺷﺘﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﻋﻀﻮ ﺗﺪاﻋﻰ ﻟﻪ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﺴﻬﺮ واﻟﺤﻤﻰ، ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﲆ وزارة اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أﻻ ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻼﺋﺤﺔ وإﺻﺪار اﻟﱰﺧﻴﺺ، ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﺴﺘﻨﺴﺦ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ وﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﰲ ﺷﻜﻞ دورات ﺗﺪرﻳﺒﻴﺔ وأوراق ﻋﻤﻞ، وﺗﻘﻴﻢ ﻟﻬﺎ ﻣﺆﺗﻤﺮات وﻧﺪوات وﺗﺪﻋﻢ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ.