وداعا يا بلاد الحرمين
كلمة حق أقصد بها وجه الله الكريم المتعال، شارفت أن أكمل على هذه الأرض الطيبة المعطاءة ما يقرب من أربعين عاما منذ أيام المغفور له طيب الذكر الملك فيصل بن عبدالعزبز، أربعون عاما من مجموع عمري الذي يقترب من الخامسة والسبعين، شاهدت وأشاهد ملايين من البشر من كافة مخلوقات الله في كون الله الفسيح، جنسيات مختلفة ولغات مختلفة وألوان مختلفة وعقائد شتى.
الكل يبحثون عن أرزاقهم وأرزاق أولادهم التي منّ الله عليهم بها من ثمرات وكنوز هذه الأرض المعطاءة، الجميع عاش وأهله في بحبوحة من العيش وترف الحياة، فمن كان يحلم أن يقود سيارة ركب سيارة، بل وامتلكها ومن كان لا يملك بيتا، امتلك ما كان يتمنى، أي نعم بمجهوده وكده وكفاحه، وأيضا بالفرصة الممنوحة له من قبل أنظمة هذه البلاد وأولي أمرها والقائمين على أمنها وسلامتها.
ليست أكثر من كلمة حق أقولها في بلد احتملني وأبنائي ووفر لي ولهم الرعاية الصحية والتعليم المجاني حتى نهاية مراحلهم التعليمية، ولا أحد ينكر فضل الله وفضل ورعاية هذه البلاد وأولي أمرها وطيبة أهلها التلقائية الفطرية، والبداوة العربية المتأصلة التي تحكي تاريخا من الكرم والنجدة والعادات والتقاليد والموروث الحقيقي الدال على الأصالة العربية القديمة، والحداثة المسايرة للواقع، مع الاحتفاظ بثوابت الأخلاقيات والسلوكيات التي أوجبها ديننا الحنيف مع مو اكبة الآخر بغير ابتذال أو تقليد.
أقول ذلك كي أحجم كل حاقد وكل حاسد وكل ناكر للخير والجميل الذي عاشه ونعم به طوال فترة إقامته على هذه الأرض الطيبة، وأقولها بعد هذا العمر الطويل، أربعون عاما، وها هو مشواري يقترب من الرحيل بعد أن عشت على أرضها عمرا من الحب والمودة عشقا لكل أشيائها، على أرضها في جدة وعلى مرتفعات جبالها في أبها، عشقت الأزقة والحواري والبيوت القديمة ربما لأنها البيوت في قري الفلاحين في صعيد أم الدنيا مصر.. وداعا للأرض والإنسان.. وداعا يا بلاد الراحمين.
أكتب بكل وطنية صادقة، وحرص مواطن مخلص، يقدم النصيحة في إطار النقد البنّاء، لعل من يتولى منصبا يكون حريصا على عدم تشويه سمعة بلده دون قصد، في زمن أصبح العالم كله قرية صغيرة، ولا مجال لإخفاء أي أمر. فمهما تبطن تظهره وسائل الاتصال المرئية والمسموعة، وكما قيل: إن النقد البنّاء هو عملية تقديم وعرض آراء صحيحة حول عمل الآخرين، وحين يؤخذ في الحسبان يكون أداة للارتقاء، مما ينعكس بالإيجاب على حياة الدول والشعوب.
ولو نظرنا حول العالم -خاصة في الدول المتحضرةلوجدنا أن النقد البنّاء كان سببا