Al-Watan (Saudi)

اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻻﻋﱰاف ﺑﺎﻹرﻫﺎب

- ﻳﺎﴎ اﻟﻐﺴﻼن alghaslan@alwatan.com.sa

ﻫﻨﺎك ﺳﺆال ﻳﻄﺮح ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ وﺻﻒ اﻷﻋﻤﺎل اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﻛﺜري ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻫﻮ: ﻫﻞ وﺻﻒ اﻹرﻫﺎﺑﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﲆ اﻟﺸﺨﺺ املﻮﺻﻮف ﺑﺎﻹرﻫﺎﺑﻲ ﺑﻨﺎء ﻋﲆ ﻣﻮاﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ أو اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ، أم ﺑﻨﺎء ﻋﲆ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﻜﺒﻪ؟ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ: ﻫﻞ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻌﻤﻞ ﻳﺮﻫﺐ ﻓﻴﻪ ﻓﺮدا أو ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻳﻌﺪ إرﻫﺎﺑﻴﺎ ﺑﺎﻟﴬورة، أم ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻹرﻫﺎﺑﻲ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎت ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗﺴﻮﻗﻪ إﱃ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﱃ اﻟﻘﺘﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺑﻌﻀﻬﻢ؟

ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة، ﻫﻨﺎك ﺣﺬر ﻛﺒري -ورﺑﻤﺎ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ذاﺗﻲ- ﺑﺄﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪم وﺻﻒ إرﻫﺎﺑﻲ ﻋﲆ أي ﻣﺠﺮم أو ﻗﺎﺗﻞ ﺟﻤﺎﻋﻲ، إن ﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﺮﻗﻴﺔ ﻏري ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﺐ ﺑﺎﻹرﻫﺎب، أي »املﺴﻠﻤﻮن أو اﻟﴩق أوﺳﻄﻴﻮن«،

ﻓﺨﻼل اﻷﺷﻬﺮ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ املﺎﺿﻴﺔ ﺷﻬﺪت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﻋﺪدا ﻏري ﻣﺴﺒﻮق ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ اﻟﺘﻲ أودت ﺑﺤﻴﺎة ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ، دون أن ﻧﺸﻬﺪ ﰲ اﻹﻋﻼم أو ﺧﻼل ﺗﴫﻳﺤﺎت املﺴﺆوﻟني أي وﺻﻒ ﻟﺘﻠﻚ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺄﻧﻬﺎ إرﻫﺎﺑﻴﺔ، إﻻ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻨﻔﺬﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻴﺔ »إﺳﻼﻣﺎوﻳﺔ« أو ﻣﻨﻀﻤﺎ ﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع »داﻋﺶ« أو أﺧﻮاﺗﻬﺎ. ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﻬﺎ وﺗرية ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺣﺪاث ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ، ﻓﺬﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻫﻨﺎك ﻣﺸﻜﻠﺔ إرﻫﺎب ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺟﺮاﺋﻢ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺗﺤﺮﻛﻬﺎ ﻣﺸﻜﻼت ﻧﻔﺴﻴﺔ وﻳﻨﻔﺬﻫﺎ ﻣﺠﺮﻣﻮن ﻣﺨﺘﻠﻮن، ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪث ﰲ ﺑﻌﺾ دوﻟﻨﺎ ﰲ املﺎﴈ، ﻣﻦ اﺗﻬﺎم أي ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻣﻮاﻃﻦ أﻧﻬﺎ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء، أو أﻧﻪ ﻣﺨﺘﻞ وﻳﻌﺎﻧﻲ أﻣﺮاﺿﺎ ﻧﻔﺴﻴﺔ.

ﺣﺎﻟﺔ اﻹﻧﻜﺎر ﻫﺬه -ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮيﺗﻌﻴﺸ­ﻬﺎ أﻣريﻛﺎ اﻟﻴﻮم، ﺧﻮﻓﺎ أو ﻫﺮﺑﺎ ﻣﻦ اﻻﻋﱰاف ﺑﺄن اﻹرﻫﺎب ﻫﻮ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻠﻔﻌﻞ وﻟﻴﺲ ﻟﻌﺮﻗﻴﺔ اﻟﻔﺎﻋﻞ، وأن ﻣﻦ ﻳﻮﺻﻔﻮن ﺑﺎﻹرﻫﺎﺑﻴني ﻣﻦ املﺤﺴﻮﺑني ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن ﻋﻦ اﻹرﻫﺎﺑﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺮﻛﻬﻢ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﻢ أو ﻣﺴﺒﺒﺎﺗﻬﻢ أو دواﻓﻌﻬﻢ، ﻓﺎﻹرﻫﺎﺑﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺈرﻫﺎب اﻵﻣﻨني ﰲ ﻣﺴﺎﺟﺪﻫﻢ، ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﰲ ﻛﻨﺎﺋﺴﻬﻢ.

ﺣﻮادث اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﰲ أﻣريﻛﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،1949 ﺑﻠﻐﺖ 30 ﺣﺎدﺛﺔ، ﻣﻨﻬﺎ 18 ﺣﺎﻟﺔ وﻗﻌﺖ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﴩ اﻷﺧرية، ﻣﻦ أﻛﺜﺮﻫﺎ ﻓﺘﻜﺎ وﺣﺼﺪا ﻟﻸرواح ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﺧﻼل اﻷﻳﺎم 37 املﺎﺿﻴﺔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺆﻛﺪه دراﺳﺔ ﻟـ«ﻫﺎرﻓﺎرد«، واﻟﺘﻲ ﺗﺒني أﻧﻪ ﰲ اﻟﻔﱰة ﺑني 1011 ،2014و ﻛﺎن ﻣﻌﺪل اﻷﻳﺎم اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑني ﺣﻮادث إﻃﻼق اﻟﻨﺎر اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ 64 ﻳﻮﻣﺎ، ﺑﺎرﺗﻔﺎع ﻻﻓﺖ ﻋﻦ املﻌﺪل اﻟﺒﺎﻟﻎ 200 ﻳﻮم ﻟﻠﺴﻨﻮات اﻟـ92 اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، وﻫﻮ ﻣﺆﴍ أن اﻟﺪاﺧﻞ اﻷﻣريﻛﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﺗﺰاﻳﺪ ﺣﺎﻻت اﻟﱰﻫﻴﺐ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ، وﻫﻮ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺬي ذﻛﺮه ﱄ أﺣﺪ اﻷﻣريﻛﺎن ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣني، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل: إﻧﻪ أﺻﺒﺢ ﻳﺘﺠﻨﺐ اﻟﻮﺟﻮد ﰲ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﻐﻔرية، ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮع ﺿﺤﻴﺔ ﻋﻤﻞ إرﻫﺎﺑﻲ، ﻳﻘﻮم ﺑﻪ إﻣﺎ ﻣﺘﻄﺮف إﺳﻼﻣﻲ، أو ﻳﻤﻴﻨﻲ ﻣﺘﻌﺼﺐ، أو ﻣﺴﻴﺤﻲ اﻧﺘﺤﺎري.

إﻟﻴﻜﻢ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﺒﻌﺾ اﻷﺣﺪاث واﻟﺘﻮارﻳﺦ ﻷﻋﻤﺎل أرﻫﺒﺖ املﻮاﻃﻨني ﰲ أﻣريﻛﺎ، واﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻬﺎ إﻻ ﺑﺄﻧﻬﺎ إرﻫﺎﺑﻴﺔ، ﻧﻈﺮا ﻟﻌﺪد اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ.

ﻓﻔﻲ ﻋﺎم 1966 ﻗﺘﻞ 16 ﺷﺨﺼﺎ ﻋﲆ ﻳﺪ ﺟﻮزف وﻳﺘﻤﺎن، ﺑﻌﺪ أن أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻨﺎر ﻣﻦ أﻋﲆ ﺑﺮج ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻜﺴﺎس، وﰲ ﻋﺎم 1984 ﻗﺘﻞ ﺟﻴﻤﺲ ﻫﻮﺑﺮﺗﻲ 21 ﺷﺨﺼﺎ ﰲ أﺣﺪ ﻣﻄﺎﻋﻢ ﻣﺎﻛﺪوﻧﺎﻟﺪ ﰲ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ، وﰲ ﻋﺎم 1986 ﻗﺘﻞ 14 ﺷﺨﺼﺎ ﰲ أوﻛﻼﻫﻮﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ ﺷريﻳﻞ ﺑﺈﻃﻼق اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﻣﻘﺮ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﱪﻳﺪ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻓﻴﻪ.

ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﻗﺒﻞ أﻳﺎم ﰲ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﰲ ﺗﻜﺴﺎس، ﻫﻲ آﺧﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻮاث اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻓﺾ اﻹﻋﻼم واﻟﺴﻴﺎﳼ اﻷﻣريﻛﻲ وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹرﻫﺎب، ﰲ ﺣني ﻛﺎن اﻟﻮﺻﻒ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺒﻪ ﻓﻮري ﻋﲆ اﻟﺤﺎدﺛﺔ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﻗﺒﻞ أﺳﺒﻮع ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎم رﺟﻞ أوزﺑﻜﻲ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﺪﻫﺲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ املﺎرة ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك.

ﻫﻨﺎك ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ أﻣريﻛﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺠﺪال، ﻓﻬﻲ ﺗﺮﻓﺾ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻤﻌﻲ اﻻﻋﱰاف ﺑﺄن اﻹرﻫﺎب ﻟﻴﺲ ﺻﻔﺔ ﻣﻘﻴﺘﺔ ﺣﴫﻳﺔ ﻟﻌﺮق أو دﻳﻦ، ﻛﻤﺎ ﻳُﻤﻨّﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﺮض ﻳﺼﻴﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻄﺮف ﰲ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ، ﻣﺆﻣﻨﺎ ﻛﺎن أو ﻣﻠﺤﺪا، ﴍﻗﻴﺎ ﻛﺎن أم ﻏﺮﺑﻴﺎ. وﻣﺎ داﻣﺖ أﻣريﻛﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﰲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﻧﻜﺎر اﻟﺬاﺗﻲ ﻫﺬه، ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻟﻦ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ إﻳﻘﺎف ﻣﺮض اﻹرﻫﺎب اﻟﺬي ﻳﺘﴪﻃﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ اﺗﺠﺎه، إﻻ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺰﺋﻲ!.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia