ﻫﻞ أوروﺑﺎ ﺣﻘﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻤﺎﻟﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ

ﻛﺎن وزﻳﺮ املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﰲ اﻟﻴﻮﻧﺎن ﻳﺎﻧﺲ ﻓﺎروﻓﺎﻛﻴﺲ وﺧﺼﻤﻪ وزﻳﺮ املﺎﻟﻴﺔ اﻷملﺎﻧﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ وﻟﻔﺠﺎﻧﺞ ﺷﻮﺑﻞ ﻋﲆ ﺧﻼف ﺣﻮل اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻃﻮال ﻓﱰة ﺣﻜﻢ ﻓﺎروﻓﺎﻛﻴﺲ ﻛﻮزﻳﺮ ﻟﻠﻤﺎﻟﻴﺔ، إﻻ أﻧﻬﻤﺎ اﺗﻔﻘﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو: ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻨﻘﺪي اﺗﺤﺎدا ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ. ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺣﻞ وﺳﻂ. ﻫﺬه ﻛﺎﻧﺖ أﺣﺪ اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﻓﺎروﻓﺎﻛﻴﺲ املﺜرية ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺧﻼل ﻓﱰة وﻻﻳﺘﻪ ﻛﻮزﻳﺮ ﻟﻠﻤﺎﻟﻴﺔ. وﻗﺎل ﺷﻮﺑﻞ ﻟﻔﺎروﻓﺎﻛﻴﺲ: »رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻮﺣﻴﺪ ﰲ ]املﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ[ اﻟﺬي ﻳﻌﻲ أن ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﻏري ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ«. وأﺿﺎف »إن ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻮرو ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﻃﺊ. ﻳﺠﺐ أن ﻧﻜﻮن ﻣﺘﺤﺪﻳﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ، ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك أدﻧﻰ ﺷﻚ ﰲ ذﻟﻚ«. ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل، ﻛﺎن ﻟﺪى ﺷﻮﺑﻞ وﻓﺎروﻓﺎﻛﻴﺲ أﻓﻜﺎر ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺸﺄن اﻟﻐﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺨﺪﻣﻬﺎ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ. واﻋﺘﱪ ﺷﻮﺑﻞ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻔﺮض اﻧﻀﺒﺎط ﻣﺎﱄ ﻗﻮي ﻋﲆ اﻟﺪول اﻷﻋﻀﺎء ﻣﻦ املﺮﻛﺰ، وﺗﻘﻴﻴﺪ أﻳﺎدﻳﻬﻢ وﻣﻨﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ »ﻏري املﺴﺆوﻟﺔ«. وﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﺎروﻓﺎﻛﻴﺲ أن اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺳﻴﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﺧﻨﻖ اﻟﺪاﺋﻨني ﻋﲆ اﻗﺘﺼﺎده، وﺳﻴﺨﻠﻖ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻘﺪﻣﻴﺔ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء أوروﺑﺎ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻣﻦ اﻟﻼﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ أن ﻫﺬﻳﻦ املﺴﺆوﻟني ﻣﻦ اﻻﺗﺠﺎه املﻌﺎرض ﻟﻠﻤﺸﻬﺪ اﻟﺴﻴﺎﳼ وﺻﻼ إﱃ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﻤﺎﺛﻞ ﺣﻮل اﻟﻴﻮرو. وﻳﺸري ﻫﺬا اﻟﺘﻮاﻓﻖ إﱃ اﻹﺣﺴﺎس املﺘﺰاﻳﺪ ﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﺗﺤﺎد ﻣﺎﱄ وﺳﻴﺎﳼ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻴﻮرو دون اﻹﴐار ﺑﺎﻷداء اﻻﻗﺘﺼﺎدي أو ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ. وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺑﺪﻳﻠﺔ أﻗﻞ ﻃﻤﻮﺣﺎ، ﺗﻘﴤ ﺑﻌﺪم اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﺗﺤﺎد ﻣﺎﱄ أو ﺳﻴﺎﳼ. وﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ إﺑﻌﺎد اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﺨﺎص ﻋﻦ املﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻣﻊ ﻋﺰﻟﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ. وﺑﻬﺬا اﻟﻔﺼﻞ، ﻳﻤﻜﻦ دﻣﺞ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﺨﺎص ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﻋﲆ املﺴﺘﻮى اﻷوروﺑﻲ، ﰲ ﺣني ﻳﱰك اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺪول اﻷﻋﻀﺎء. وﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ، ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺒﻠﺪان أن ﺗﺠﻨﻲ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ املﺎﱄ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﱰك ﻟﻠﺴﻠﻄﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺣﺮﻳﺔ إدارة اﻗﺘﺼﺎداﺗﻬﺎ. ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺑﺮوﻛﺴﻞ ذﻟﻚ اﻟﻐﻮل املﺨﻴﻒ ﺑﻌﺪ اﻵن، اﻟﺬي ﻳﴫ ﻋﲆ اﻟﺘﻘﺸﻒ املﺎﱄ، وﻳﺴﺒﺐ ﻏﻀﺐ اﻟﺒﻠﺪان إﺛﺮ ارﺗﻔﺎع اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻧﺨﻔﺎض اﻟﻨﻤﻮ. ﰲ ﻛﺘﺎب ﻗﺎدم، ﻳﻮﺿﺢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺎري إﻳﺘﺸﻨﻐﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ، ﺑريﻛﲇ، أﺳﺒﺎب إﻋﺎدة ﺗﺄﻣﻴﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ، اﻟﺬي ﻳﻌﺘﱪه أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻟﻮﻗﻒ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ. وﻳﻌﺘﻘﺪ إﻳﺘﺸﻨﻐﺮﻳﻦ أن إﻋﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ املﺎﻟﻴﺔ إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻊ اﻟﺒﻨﻮك ﻣﻦ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ، ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻘﻠﻴﻞ إﱃ أدﻧﻰ ﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻄﺮ إﺳﺎءة اﻹدارة املﺎﻟﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم املﴫﰲ. وﻳﺘﻌني ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﺎﻟﻜﺴﺎد أن ﺗﻌﻴﺪ ﻫﻴﻜﻠﺔ دﻳﻮﻧﻬﺎ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﻣﺴﺎﻋﺪة دول اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ اﻷﺧﺮى. وﻳﻌﱰف ﻣﺆﻳﺪو ﺣﻞ املﺸﻜﻞ ﺑني املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺄن ﻧﻬﺞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺗﺠﺎه املﺼﺎرف ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻐري ﺟﺬرﻳﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺠﺎح، ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن ﺗﺪاﺑريﻫﻢ املﻘﱰﺣﺔ ﺳﺘﻜﻠﻞ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح. وﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﻓﻤﻦ املﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ املﺨﺎﻃﺮ اﻟﺴﻴﺎدﻳﺔ ﰲ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﻋﻤﻞ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻋﱪ اﻟﺤﺪود. ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺪول اﻟﺴﻴﺎدﻳﺔ داﺋﻤﺎ ﺗﻐﻴري اﻟﻘﻮاﻋﺪ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ املﺎﱄ اﻟﻜﺎﻣﻞ أﻣﺮ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ. وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺮﺷﻴﺪ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺼﺪﻣﺎت املﺎﻟﻴﺔ املﺤﻠﻴﺔ وﺗﻨﻮﻳﻌﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ. وﻳﺠﺐ أﺧﺬ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻠﺲ ﺑﻨﻚ ﻛﺒري ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﻌني اﻻﻋﺘﺒﺎر - وﻫﻮ اﺗﺤﺎد اﻗﺘﺼﺎدي، ﺣﻴﺚ ﺗﻄﺒﻖ ﻗﻮاﻋﺪ ﺳﺎﻧﺪﺑﻮ وإﻳﺘﺸﻨﻐﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. ﻟﻜﻦ اﻟﺪول اﻷﻋﻀﺎء ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﰲ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺟﺪا إزاء ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﰲ ﺑﺮوﻛﺴﻞ. وﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎدة ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺤﻮل دون ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺘﺰاﻣﺎت ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﰲ اﻷﺳﻮاق املﺎﻟﻴﺔ. ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺼﺪﻣﺔ املﺎﻟﻴﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ﰲ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﺳﻮف ﺗﺆﺛﺮ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ املﻘﱰﺿني اﻵﺧﺮﻳﻦ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﺒﻠﺪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ. وﰲ املﺠﺘﻤﻌﺎت املﻌﺎﴏة ﻳﺠﺐ أن ﻳﺨﺪم اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺘﺠﺎوز املﻨﻄﻖ اﻟﺮﺑﺤﻲ ﻟﻠﺴﻮق املﺎﻟﻴﺔ. ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﺘﻤﻮﻳﻞ أﻣﺮ ﺳﻴﺎﳼ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ - ﻷﺳﺒﺎب ﺟﻴﺪة وﺳﻴﺌﺔ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء. وﻳﺒﺪو أن ﺻﻨﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت املﺤﺎﻓﻈني واﻟﺘﻘﺪﻣﻴني ﻳﺴﺘﺴﻠﻤﻮن ﻟﻬﺬا اﻟﻮاﻗﻊ.