ﻗﻴﻢ ﻧﻔﺴﻚ أﻳﻦ ﺗﻘﻒ اﻵن

ﻳﻀﺤﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻨﺎ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻪ وﻫﻮ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺑﻠﻎ املﺮاد، وأﻧﻪ أﺻﺒﺢ اﻟﻔﻠﺘﺔ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺸﻖ ﻟﻪ ﻏﺒﺎر، وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻧﴘ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻮﺿﻌﻬﺎ ﰲ ﻏري ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ، وﻧﴘ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ، ﺑﻞ وﺣﺘﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ، وﻟﻬﺬا ﺗﺠﺪ ﻛﻞ ﺗﴫﻓﺎﺗﻪ واﻫﻴﺔ ﻳﻠﺤﻈﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﻗﺪ ﺗﻨﻬﺎر ﺑﻪ وﺑﻤﻜﺎﻧﻪ ﰲ أي ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻈﺎت، وﻣﻦ املﻔﺎرﻗﺎت أﻧﻚ ﺗﺠﺪ ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺘﻘﻠﺐ اﻟﻮﺟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﺘﻘﻴﻚ وﻫﻮ ﻳﻌﺮف أﻧﻚ ﺗﻌﺮف واﻗﻌﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﺗﺠﺪه ﻫﻨﺎ ﻳﺤﺎول وﺑﺸﺘﻰ اﻟﻄﺮق أن ﻳﻨﺘﻘﻞ إﱃ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻻ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﻐﺼﺎت ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻟﻴﻤﺎرس ﻛﺬﺑﻪ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﲆ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ.

إﻧﻨﺎ أﻣﺎم ﻣﻌﻀﻠﺔ ﻛﺒرية أﻣﺎم أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻛﺒﺢ ﺟﻤﺎﺣﻬﺎ ﻓﻨﺘﻘﻤﺺ أدوارا ازدواﺟﻴﺔ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺼﻐﺮ أﻣﺎم أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻧﺼﻐﺮ أﻣﺎم ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ واﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻨﺎ، إن اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﻻ ﺗﻨﺒﻨﻲ ﻋﲆ اﻟﻜﺬب واﻟﺨﺪاع إﻃﻼﻗﺎ، وﻣﻦ املﺆﻟﻢ أن ﻧﻠﺒﺲ ﺛﻴﺎﺑﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻨﺎ، وﻧﻜﺘﺸﻒ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ وﺑﻌﺪ أن أﻣﻀﻴﻨﺎ زﻣﻨﺎ ﻃﻮﻳﻞ أﻧﻨﺎ ﻋﲆ ﻏري ﺣﻖ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ، أﻣﺎ إذا ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺮف واﻗﻌﻨﺎ وأﻧﻨﺎ ﻧﺴري ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺄ ﻓﺘﻠﻚ ﻣﺼﻴﺒﺔ، إن اﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻟﻨﺨﻮة واﻷﺻﻞ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﻻ ﺗﺒﺎع وﻻ ﺗﺸﱰى، وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ أن ﻳﻠﺒﺴﻬﺎ، وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻐﺮوﺳﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ.

إن اﻟﻨﺎس اﻟﻘﺮﻳﺒني واﻟﺒﻌﻴﺪﻳﻦ ﻣﻨﻚ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻚ وﻳﻘﻴﺴﻮﻧﻚ ﺑﺼﺪﻗﻚ أوﻻ وأﺧريا ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﺛﻢ ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺘﻚ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻧﻌﻢ ﻫﻨﺎك ﺧﻄﻮط ﺣﻤﺮاء ﻟﻜﻞ ﻣﻨﺎ )ﻟﻪ وﻋﻠﻴﻪ( ﻓﻤﺘﻰ ﻣﺎ ﺣﺎﻓﻆ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻋﲆ ﻫﺬه املﺴﺎﻓﺔ، وﻋﺮف ﺣﺪوده وﺣﻘﻮﻗﻪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺳﻴﻨﺎﻟﻪ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ واﻻﺣﱰام ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ، وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﻜﺲ ﻓﻼ ﺗﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﻘﺪر ﻣﻦ ﻓﺘﺎت ﺣﺠﺮ اﻷرض، ﰲ املﻘﺎﺑﻞ ﻧﺠﺪ اﻷوﻓﻴﺎء اﻟﺼﺎدﻗني ﻣﻊ أﻧﻔﺴﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ أﺛﺒﺘﻮا وﺟﻮدﻫﻢ، ورﻏﻢ أﻧﻬﻢ ﰲ ﺧﻀﻢ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ وﻣﺸﺎﻏﻠﻬﻢ إﻻ أﻧﻬﻢ ﻳﺪرﻛﻮن املﺴﺆوﻟﻴﺔ، ﻓﻴﻌﻄﻮن اﻟﻌﻤﻞ أﻫﻤﻴﺘﻪ وﺗﻘﺪﻳﺮه، وﻳﻌﻄﻮن اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ، ﻓﻼ ﻳﺒﺨﺴﻮن ﺣﻖ ﻣﻦ ﻳﻜﻮن أﻣﺎﻣﻬﻢ، ﻫﻢ ﻛﺜﺮ وﻟﻠﻪ اﻟﺤﻤﺪ، وﺗﻌﺞ ﻣﻌﻈﻢ أﻣﺎﻛﻨﻨﺎ ﺑﻬﻢ.

ﺗﺮى.... ﻫﻞ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﻴﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻨﺎ، وﻧﻘﻴﻢ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻟﻨﻌﺮف ﰲ أي ﻣﻜﺎن ﻧﺤﻦ ﻧﻘﻒ اﻵن؟ إﻧﻨﻲ ﻻ أﻗﺼﺪ ﺷﺨﺼﺎ ﺑﺬاﺗﻪ وﻻ ﻓﺌﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ، وﻟﻜﻨﻨﻲ أﻗﺼﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﰲ ﻫﺬه املﻌﻤﻮرة، وﰲ أي ﻣﻮﻗﻊ ﻛﺎن، واﻷﻣﺮ ﻗﺪ ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ وﻳﻌﻨﻴﻚ وﻳﻌﻨﻲ اﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻓﻜﻢ ذﻟﻚ ﻣﺆﺳﻒ أن أﺟﺪ ﻧﻔﴘ واﻗﻔﺎ وﺣﺪي ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻲ ﻣﻬﻤﺔ املﻜﺎن، واﻓﺘﻘﺪت اﻹﻧﺴﺎن، ﻓﻼ ﺻﺪﻳﻖ وﻻ رﻓﻴﻖ وﻻ ﻣﻌني!