Al-Watan (Saudi)

ﺳﺎﻋﻲ اﻟﺒﺮﻳﺪ

ﺿﻤﻴﺮ ﻣﺘﺼﻞ

-

ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺋﺐ اﻷﺑﺮز ﻋﲆ ﺑﻌﺪ أﻳﺎم ﻣﻦ ﺷﻤﺲ ﻋﺎم ﺟﺪﻳﺪ؟ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻫﻢ ﻛﺜﺮ، وﻟﻜﻞ ﻓﺮد ﻋﲆ وﺟﻪ ﻫﺬه اﻷرض ﻏﺎﺋﺒﻪ املﺨﺘﻠﻒ. إﻧﻪ اﻟﱪﻳﺪ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي وﻏﻴﺎب ﺳﺎﻋﻲ اﻟﱪﻳﺪ. ﻫﻤﺎ ﻗﺼﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﻨﺪﺛﺮة ﻣﻨﻘﺮﺿﺔ. ﻛﺎن اﻟﱪﻳﺪ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻮرﻗﻴﺔ وﺻﺎﻻ ﺑني دﻣﻮع اﻟﻌﺸﺎق وآﻫﺎت اﻟﻮﻟﺪ إﱃ واﻟﺪﻳﻪ. ﻛﺎن اﻟﱪﻳﺪ ﻫﻮ أﺷﺠﺎن اﻟﻐﺮﺑﺔ وأﺷﺠﺎر اﻟﺤﺐ. ﺗﻠﻚ أﻣﺔ ﻗﺪ ﺧﻠﺖ. ﻧﻬﺎر رأس ﺳﻨﺔ ﻏﺎﺑﺮة ﻣﻦ أﻳﺎم املﻬﺠﺮ واﻟﻐﺮﺑﺔ، ﻋﺎﺗﺒﺘﻨﻲ أﴎة اﻟﺠﻮار اﻷﻣريﻛﻴﺔ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﺑﻌﺚ ﻣﻊ ﺳﺎﻋﻲ اﻟﱪﻳﺪ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺗﻬﻨﺌﺔ، ﻻ ﻟﻌﻴﺪ ﻣﻴﻼد املﺴﻴﺢ، وﻻ أﻳﻀﺎ ﻟﺮأس اﻟﺴﻨﺔ. رﺑﻤﺎ ﻷن اﻟﻌﺎدة ﻟﻢ ﺗﻐﺮس ﰲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻲ، ورﺑﻤﺎ أﻳﻀﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﺷﺤﻨﻮﻧﻲ إﱃ ذﻟﻚ اﻟﻐﺮب ﻣﺤﻤﻼ ﺑﺄﻃﻨﺎن املﺤﺮﻣﺎت. ﻋﺸﺖ أﻳﺎﻣﻲ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ اﻷوﱃ ﺷﺎﺑﺎ ﻣﺮاﻫﻘﺎ ﰲ أﺣﺮاش وﻻﻳﺔ ﺟﻮرﺟﻴﺎ ﺣني ﺗﺮﻛﺖ أﻫﲇ ﰲ ﻋﻮاﻟﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮى املﺜﻠﺠﺔ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺒﻴﺘﻨﺎ ذﺑﺬﺑﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺄﺣﻼم رﻧﺔ اﻟﺘﻠﻔﻮن. ﻛﻨﺖ، ﻛﻤﺎ أﺗﺬﻛﺮ، أﺗﻠﻘﻰ ﰲ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻋﲆ اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻈﺮوﻓني، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻛﻨﺖ أزور ﺻﻨﺪوق اﻟﱪﻳﺪ اﻟﺨﺎص ﺑﺸﻘﺘﻲ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ ﻣﺮﺗني ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﻮاﺣﺪ. ﻛﺎن اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ رﺳﺎﺋﻞ اﻷﻫﻞ ﰲ ﺟﻮف اﻟﺼﻨﺪوق ﻣﺘﻌﺔ ﻣﺪﻫﺸﺔ ﺗﺸﻌﻞ ﰲ ﺟﺴﺪي ﻛﻞ اﻟﺤﻮاس اﻟﺨﻤﺲ. ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﻘﺮأ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺑﺎﻹﻋﺎدة ملﺮات ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻛﻨﺖ أﻳﻀﺎ أﺷﻤﻬﺎ ﺑﻌﻤﻖ، وأﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺸﻮق، وأﺷﺎﻫﺪ ﺣﺮوﻓﻬﺎ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤﺪث إﱄّ ﺑﺼﻮت وﻟﺴﺎن املﺮﺳﻞ. وﻗﺒﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم، ﻛﻨﺖ ﻃﻔﻼ ﻗﺮوﻳّﺎً أﺷﺎﻫﺪ اﻵﺑﺎء ﻣﻦ اﻟﻘﺮى املﺠﺎورة وﻫﻢ ﻳﺄﺗﻮن إﱃ ﺑﻴﺖ ﻋﻤﻲ اﻷﻛﱪ، إﻣﺎ ﻟﻴﻘﺮأ ﻟﻬﻢ رﺳﺎﺋﻞ اﻷﺑﻨﺎء املﻬﺎﺟﺮﻳﻦ إﱃ ﻇﻼل ﻣﺪن اﻟﺸﻤﺎل، وإﻣﺎ أن ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻬﻢ رﺳﺎﺋﻞ اﻹﺟﺎﺑﺔ. وﻟﻦ أﻧﴗ ﻣﺎ ﺣﻴﻴﺖ ﻗﺼﺔ ذﻟﻚ اﻷب اﻟﺬي ﻃﺎف ﻋﺪة ﻗﺮى ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻔﻚ ﻟﻪ اﻟﺤﺮوف. ﻛﻨﺎ أﻃﻔﺎﻻ ﻧﺘﺤﻠﻖ ﺣﻮل ﻋﻤﻲ وﻫﻮ ﻳﺘﻠﻮ أو ﻳﻜﺘﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ. ورﻗﺔ ﺻﻐرية ﻳﺤﴩ ﻓﻴﻬﺎ أﺧﺒﺎر ﻛﻞ ﳾء: ﻣﻦ اﻷم اﻟﺘﻲ »ﺗﺴﻠﻢ« ﻋﻠﻴﻚ، إﱃ اﻟﺜﻮر اﻟﺬي ﺧﺎرت ﻗﻮاه وأﺻﺒﺢ اﻷب ﻳﻨﺘﻈﺮ إرﺳﺎﻟﻴﺔ اﻟﺸﻤﺎل ﻟﴩاء ﺛﻮر ﺟﺪﻳﺪ. ﻣﻦ ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ املﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ إﺻﻼح، إﱃ وﺻﻒ »ﺑﻨﺖ ﻓﻼن« اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﰲ ﺳﻦ اﻟﺰواج إن ﻛﺎن ﻟﻬﺬا »اﻟﻄﺎرش« ﻣﻦ ﻧﻴﺔ. ﺣﺘﻰ اﻟﻬﻮاﻣﺶ ﻻ ﺗﱰك ﻷن اﻟﻮرﻗﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ ﻏﺎﻟﻴﺔ وﻣﻌﺪوﻣﺔ. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻬﻮاﻣﺶ ﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻼة وﻣﺜﻞ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ »اﻟﺘﻨﻦ واﻟﺘﻨﺒﺎك« اﻟﺘﻲ ﻧﺴﻤﻊ ﻋﻨﻬﺎ، ﻓﻼ ﻧﻌﺮف إن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﺎس »ﻏﻨﺞ« أو أﻛﻼ ﺿﺎرا. اﻧﺘﻬﻰ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ، واﻧﺘﻬﺖ ﻣﻌﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻮق واﻟﺪﻣﻮع واﺷﺘﻌﺎل اﻟﺤﻮاس اﻟﻌﴩ، ﻳﻮم ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﺗﻔﺘﻌﻞ اﻻﺣﺘﻔﺎل واﻟﻌﻴﺪ، ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ملﺠﺮد وﺻﻮل رﺳﺎﻟﺔ.

almosa@alwatan.com.sa

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia