ﺗﻨﺎﻓﺲ روﺳﻴﺎ وأﻣﻴﺮﻛﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺪارة

ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟـ52 املﺎﺿﻴﺔ، ﻛﺎن اﻷﻣريﻛﻴﻮن ﻳﻔﻜﺮون ﰲ ﺑﻼدﻫﻢ ﻛﺄﻣﺔ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﺑﻌﺪ أن ﻛﺴﺒﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة، ﻛﺎن ﻧﻔﻮذﻫﺎ ﻣﻨﺘﴩا ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن. ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﺳﺎﻋﺪت ﰲ إﻋﺎدة إﻋﻤﺎر أوروﺑﺎ اﻟﴩﻗﻴﺔ، وﺗﻮﺳﻌﺖ ﴍﻗﺎ ﰲ ﺣﻠﻒ »اﻟﻨﺎﺗﻮ« واﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ. ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻗﺎدت اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﺪوﱄ ﻹﻗﺼﺎء ﺻﺪام ﺣﺴني، وﻣﻨﻊ إﻳﺮان ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﺳﻠﺤﺔ ﻧﻮوﻳﺔ. ودﻓﻌﺖ »اﻟﻨﺎﺗﻮ« إﱃ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ملﻨﻊ اﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﴫﺑﻲ ﺳﻠﻮﺑﻮدان ﻣﻴﻠﻮﺳﻴﻔﻴﺘﺶ ﻣﻦ ارﺗﻜﺎب ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮب. وﺑﻌﺪ أﺣﺪاث 11 ﺳﺒﺘﻤﱪ، ﻗﺎدت اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻌﺎملﻲ ﺿﺪ اﻹرﻫﺎب. وﻗﺪ اﻋﺘﺎدت اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻋﲆ اﺗﺨﺎذ زﻣﺎم املﺒﺎدرة ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺸﺆون اﻟﻌﺎملﻴﺔ. ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻐري، وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﻐريت ﺳﻴﺎﺳﺔ أﻣريﻛﺎ. وﰲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧرية ﻳﺒﺪو ﻛﺄن ﺑﻠﺪا آﺧﺮ آﺧﺬ ﰲ اﻟﻈﻬﻮر ﻛﺄﻣﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ - ﻫﻲ روﺳﻴﺎ. وﻣﻦ املﺆﻛﺪ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺮوﳼ ﻓﻼدﻳﻤري ﺑﻮﺗني، ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻗﺒﻞ 18 ﻋﺎﻣﺎ، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻣﻬﺎﻣﻪ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﺳﺘﻌﺎدة وﺿﻊ ﺑﻼده ﻛﻘﻮة ﻋﻈﻤﻰ – أي أن ﺗﻜﻮن واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد ﻫﻴﺎﻛﻞ وﻣﻮﺿﻮﻋﺎت واﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺸﺆون اﻟﻌﺎملﻴﺔ - ﻟﻀﻤﺎن ﻋﺪم ﺣﻞ أي ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﺎملﻴﺔ دون ﻣﻮﺳﻜﻮ. وﻗﺪ أﺣﺮز ﺑﻮﺗني ﺗﻘﺪﻣﺎ ﻛﺒريا ﰲ ﻫﺬا املﺠﺎل. إن ﺗﺪﺧﻞ ﺑﻮﺗني اﻟﺠﺮيء ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ ﻋﺎم 2015 أﻧﻘﺬ ﺑﺸﺎر اﻷﺳﺪ ﻣﻦ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻧﻜﺮاء ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ، وﺳﺎﻋﺪه ﻛﺬﻟﻚ ﻋﲆ إﻋﺎدة ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ ﻋﲆ ﻛﺜري ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﻼد. وﺗﺘﻮﱃ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻗﻴﺎدة اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﻨﺰاع ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. روﺳﻴﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻗﺎدرة ﻋﲆ اﻟﺘﻔﺎوض ﺑﺸﺄن اﻟﺴﻼم ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ وﺣﺪﻫﺎ، ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ املﻤﻜﻦ اﻟﺘﻔﺎوض ﻋﲆ ﺻﻔﻘﺔ دون ﺗﺪﺧﻠﻬﺎ. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ ﰲ املﻨﻄﻘﺔ ﻫﻲ اﻷوﺳﻊ واملﺜرية ﻟﻺﻋﺠﺎب ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء. وﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ، ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة اﻟﻔﺎﻋﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ. وﻻ ﻳﺰال ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ املﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﺗﻮاﺟﺪﻫﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮي وﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ املﻌﻬﻮدة. ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻔﺎدت ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻣﻦ ﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻬﺎ ﰲ ﺳﻮرﻳﺔ وﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎر ﻋﺪم اﻟﻴﻘني ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺰام اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺑﻔﺮص ارﺗﻘﺎء ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻛﴩﻳﻚ ﻣﻮﺛﻮق ﺑﻪ وﻓﺎﻋﻞ. وﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻟﺮوﺳﻴﺎ ﻋﻼﻗﺎت ﻋﻤﻞ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﰲ املﻨﻄﻘﺔ. وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ أﺻﺒﺤﺖ ﰲ وﺿﻊ ﺟﻴﱢﺪ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﺿﻄﻼع ﺑﺪور راﺋﺪ، إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﺎﺳﻤﺎ، ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺗﻮازن إﻗﻠﻴﻤﻲ ﺟﺪﻳﺪ. اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ ﻫﻲ أن أﻣريﻛﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ روﺳﻴﺎ أو ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻌﺰﻟﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية، ﻓﻬﺬا ﻫﻮ واﻗﻊ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺘﻌﺪد اﻷﻗﻄﺎب اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ اﻟﻴﻮم. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺗﺸﻮﻳﻪ واﺷﻨﻄﻦ ﻟﺮوﺳﻴﺎ ﺳﻴﻮﺣﻲ ﺑﺨﻼف ذﻟﻚ، إﻻ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻗﺎدرة ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺜﻘﺔ، ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻘﻮد اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮﺗني اﻟﺼﻠﺒﺔ واﻟﻨﺎﻋﻤﺔ، وﺟﺬب املﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﻮﻫﻮﺑني، وﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎت ﺑﺪول ﰲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ﺑﻠﺪ آﺧﺮ. ﻛﻤﺎ أن املﺜﻞ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮم ﺑﻌﻤﻞ ﺿﺌﻴﻞ ﻟﻼرﺗﻘﺎء ﺑﺘﻠﻚ املﺜﻞ. ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن أﻣريﻛﺎ ﻫﻲ اﻷﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﰲ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎت، ﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﺰال ﻫﻨﺎك ﴐورة ﺑﺄن ﺗﻜﻮن ﴍﻳﻜﺎ ﰲ أﻣﺎﻛﻦ أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ روﺳﻴﺎ. اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﺗﺤﺘﺎج ﻓﻘﻂ ﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻹرادة ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﲆ أن ﺗﺒﻘﻲ ﻋﲆ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﻈﻤﻰ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ. *املﺪﻳﺮ اﻹداري ﻟﴩﻛﺔ ﻛﻴﺴﻨﺠﺮ أﺳﻮﺷﻴﺘﺪﺻﺤﻴﻔﺔ )اﻟﻔﺎﻳﻨﺎﻧﺸﻴﺎل ﺗﺎﻳﻤﺰ( – اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ