ﻧﻔﺤﺎت ﺗﺮﻓﻴﻬﻴﺔ

ﻳﻘﺘﴫ اﻟﱰﻓﻴﻪ اﻟﺪاﺧﲇ ﰲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﺴﻌﻮدي ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ ﻋﲆ اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻸﺳﻮاق واملﻘﺎﻫﻲ واملﻄﺎﻋﻢ ورﺣﻼت اﻟﺸﻮاﻃﺊ، واﻟﺒﻌﺾ ﻳﻘﴤ اﻹﺟﺎزة ﰲ ﺣﻀﻮر اﻷﻓﺮاح واملﻨﺎﺳﺒﺎت، أﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻘﺪرة واﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻓﻴﻈﻞ ﻳﻨﺘﻈﺮ إﺟﺎزﺗﻪ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻟﻴﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎل إﱃ أي ﻣﻜﺎن ﺧﺎرج اﻟﺤﺪود ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﻟﱰﻓﻴﻪ. وﻣﻊ ﺑﺪء ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﱰﻓﻴﻪ ﺗﻔﺎﻋﻞ املﻮاﻃﻨﻮن ﺑني ﻣﺆﻳﺪ وﻣﻌﺎرض، وﺗﺒﺎدﻟﻮا اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻋﱪ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻌﺠﺐ ﺑﺎملﺒﺎدرات، واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻣﻨﺘﻘﺪ ﻟﻬﺎ. وﺑﻠﻐﺔ اﻷرﻗﺎم ﺗﺸري اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ إﱃ أن اﻟﺴﻌﻮدﻳني ﻳﺤﺘﻠﻮن املﺮﺗﺒﺔ اﻷوﱃ ﻋﺎملﻴﺎ ﰲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ﺑﻨﺤﻮ 6.6 آﻻف دوﻻر )ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب 25 أﻟﻒ رﻳﺎل( ﻟﻠﺮﺣﻠﺔ اﻟﻮاﺣﺪة. وﻳﺒﻠﻎ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻠﺴﻌﻮدﻳني ﻋﲆ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب 45 ﻣﻠﻴﺎر رﻳﺎل، وﺗﺄﺗﻲ دول ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ وﺳريﻻﻧﻜﺎ وﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة وﺗﺮﻛﻴﺎ ﰲ املﺮاﺗﺐ اﻷوﱃ املﻔﻀﻠﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ، ﺑﻞ ﺗﺸري اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت إﱃ أن ﻫﻨﺎك ﺳﻴﺎﺣﺎ ﺳﻌﻮدﻳني وﺻﻠﻮا ﻟﺪول ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺑﻨﻴﺔ ﺗﺤﺘﻴﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ. ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺸري اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت إﱃ أن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﻮاﻃﻦ ﺳﻌﻮدي ﻳﺸﺪون رﺣﺎﻟﻬﻢ إﱃ دول ﻣﺠﺎورة ﺳﻨﻮﻳﺎ، ﻓﺄﺻﺒﺢ املﻮاﻃﻦ اﻟﺴﻌﻮدي ﻫﻮ املﺼﺪر اﻷول ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺪول. ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺸري اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت إﱃ ﻋﺒﻮر ﻋﴩات اﻵﻻف ﻟﺠﴪ املﻠﻚ ﻓﻬﺪ ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻛﻞ أﺳﺒﻮع. أﻣﺎ املﻐﺎدرون إﱃ دول ﻣﴫ واملﻐﺮب وأوروﺑﺎ ﻓﻬﻢ أﻋﺪاد ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻋﺪاد اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﻟﴩق آﺳﻴﺎ. ورﻏﻢ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﱰﻓﻴﻪ ﻣﻦ أﻣﻞ ﻟﻀﺦ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻹﻧﻔﺎق إﱃ اﻟﺪاﺧﻞ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻮاﺟﻪ ﺗﺤﺪﻳﺎت ﻋﺪة، أﻫﻤﻬﺎ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ املﻨﺎﻓﺴﺔ وﺟﺬب املﻮاﻃﻦ إﱃ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﱰﻓﻴﻪ اﻟﺪاﺧﲇ، وﴏف اﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﻋﻦ ﻣﻐﺮﻳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ. وﻳﺄﺗﻲ اﻟﺘﺤﺪي اﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻋﺮاف وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻗﻴﺪت اﻟﻜﺜري ، ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺮى أن اﻟﱰﻓﻴﻪ داﺧﻠﻴﺎ ﻏري ﻣﻘﺒﻮل، وﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺄس ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺧﺎرج اﻟﺤﺪود. وﻟﻌﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﺗﻘﺎم ﺣﻔﻠﺔ ﻏﻨﺎﺋﻴﺔ ﰲ دوﻟﺔ أﺧﺮى ﻳﻜﻮن املﺆدي ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻌﻮدﻳﺎ، واﻟﻔﺮﻗﺔ املﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺳﻌﻮدﻳﺔ، واﻟﺠﻤﻬﻮر ﺳﻌﻮدﻳﺎ، وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺴﻌﻮدي ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻛﺮة اﻟﻘﺪم واملﴪﺣﻴﺎت واﻷﻓﻼم اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ واﻟﺤﻔﻼت اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ وﺑﺮاﻣﺞ املﺴﺎﺑﻘﺎت واﻟﱰﻓﻴﻪ، وﻟﻜﻦ ﻧﺠﺪ ﰲ املﻘﺎﺑﻞ أن ﻫﻨﺎك ﺟﺪﻻ ﰲ وﺟﻮد املﴪح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻐﻨﺎء. إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﻴﺶ ﰲ ﻣﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺤﺠﺔ أﻧﻨﺎ اﻷﻓﻀﻞ، واﻟﺘﻐﻴري ﻗﺎدم ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ، وﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺨﺸﺎه وﻧﺮاه ﺗﻐريا ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺛﺒﺖ ﻻﺣﻘﺎ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻔﻴﺪا، ﻓﺎﻟﺘﻠﻐﺮاف واﻟﺴﻴﺎرة واﻟﻬﺎﺗﻒ واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن واﻟﺠﻮال واﻷﻗﻤﺎر اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻹﻧﱰﻧﺖ ﻟﻢ ﺗﻠﻎ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ وﻟﻢ ﺗﺒﺪد ﻗﻴﻤﻨﺎ، ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺳﻔﺮﻧﺎ ﻟﻠﺨﺎرج وﻣﻜﻮﺛﻨﺎ أﺷﻬﺮا وﺳﻨﻮات ﺑني ﻇﻬﺮاﻧﻲ )أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب( ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﺎ ﻳﻬﻮَد أو ﻧﺼﺎرى. وﺗﻈﻞ املﺸﻜﻠﺔ ﰲ أن اﻟﺒﻌﺾ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ اﻷﻓﻀﻞ ﺑﺒﻘﺎﺋﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ، وﻳﺘﻐﺎﻓﻠﻮن ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ رﻏﻢ اﻧﻐﻼﻗﻬﻢ ﻋﲆ أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻣﺤﺎرﺑﺘﻬﻢ ﻛﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻬﺬا ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﺤﻴﻄﻬﻢ ﻣﺤﻴﻄﺎ ﻓﺎﺿﻼ ﺧﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد واﻟﺘﺨﻠﻒ، وﻟﻌﻞ ﺳﺒﺐ اﻻﻧﻐﻼق ﻟﻴﺲ اﻟﺨﻮف ﻋﲆ املﺠﺘﻤﻊ وﻗﻴﻤﻪ، وﻟﻜﻨﻪ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﺧﺴﺎرة املﺰاﻳﺎ واملﺼﺎﻟﺢ.

Awaji.n@alwatan.com.sa