أﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﺼﻨﻊ ﻗﺼﺔ زﻳﻨﺐ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ

اﻟﻄﻔﻠﺔ زﻳﻨﺐ ذات اﻟﺴﺖ ﺳﻨﻮات اﺧﺘُِﻄﻔﺖ أﺛﻨﺎء ﺳريﻫﺎ ملﺪرﺳﺔ ﺗﺤﻔﻴﻆ اﻟﻘﺮآن ﰲ اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎن، وﺟﺪت زﻳﻨﺐ ﺑﻌﺪ أﻳﺎم ﻣﻦ ﻓﻘﺪﻫﺎ ﰲ ﻣﻜﺐ اﻟﻨﻔﺎﻳﺎت ﺑﻌﺪ اﻏﺘﺼﺎﺑﻬﺎ وﻗﺘﻠﻬﺎ. ﻫﺬا اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ املﺘﻜﺮر ﰲ ﻣﻮاﻗﻊ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ، أﺷﻌﻞ ﻏﻀﺐ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻲ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻬﺎون اﻟﺴﻠﻄﺎت ﰲ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺑﺎﻟﺤﺎدﺛﺔ. ﻣﻄﺎﻟﺒﺎت ﺑﺈﻳﺠﺎد املﺠﺮم وﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ أﺷﺪ ﻋﻘﻮﺑﺔ. ﻟﻮ اﻓﱰﺿﻨﺎ أﻧﻪ ﺗﻢ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺤﻴﻮان اﻟﺒﴩي، وﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﺷﺪ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت، ﻫﻞ ﻫﺬا ﺳﻴﻮﻗﻒ ﺗﻜﺮار ﻗﺼﺔ زﻳﻨﺐ وأﺧﻮاﺗﻬﺎ؟ ﻋﻨﺪ ﻧﺸﻮب ﺣﺮﻳﻖ ﰲ ﻣﺼﻨﻊ ﻣﺜﻼ، اﻟﺤﻞ اﻟﻔﻮري ﻫﻮ ﻛﻴﻔﻴﺔ إﻃﻔﺎء اﻟﺤﺮﻳﻖ. ﻟﻜﻦ اﻟﺤﻞ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ ﻫﻮ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﻨﻊ ﻧﺸﻮب اﻟﺤﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻷﺳﺎس ﺑﺘﻮﻓري أدوات اﻟﺴﻼﻣﺔ وإﻗﺎﻣﺔ دورات أﻣﻦ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠني، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻣﺎدﻳﺔ وﺑﴩﻳﺔ. ﻟﻮ أن أﺷﺪ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ﻫﻲ اﻟﺤﻞ اﻷﻣﺜﻞ ملﺤﻮ ﻫﺬه اﻟﺠﺮاﺋﻢ، ﻟﻜﺎﻧﺖ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻧﺘﻬﺖ ﰲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ ﻣﻐﺘﺼﺐ ﻗﺎﴏات ﺟﺪة ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 6 ﺳﻨﻮات. ﻛﺎن ﻣﻦ املﻔﱰض أن ﻣﺎ ﻟﻘﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺸﻬري واﻟﻘﺘﻞ ﺗﻌﺰﻳﺮا ﻳﻜﻮن ﻛﻔﻴﻼ ﺑﺤﻞ املﺸﻜﻠﺔ. ﻟﻜﻦ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ، ﻣﻌﺪل اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﲆ اﻷﻃﻔﺎل ﰲ ﺗﺰاﻳﺪ، وذﻟﻚ وﻓﻖ آﺧﺮ دراﺳﺔ أﺟﺮاﻫﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﺟﺪ اﻟﻌﻴﴗ ﻧﺎﺋﺐ املﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻷﻣﺎن اﻷﴎي ﰲ ﻋﺎم .2014 ﻣﺎ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻪ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻲ اﻵن ﻫﻮ اﻟﺤﻞ اﻟﻔﻮري ﻟﻨﺘﺎﺋﺞ املﺸﻜﻠﺔ وﻟﻴﺲ اﻟﺤﻞ اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ. ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺤﺘﺎج أن ﻧﻄﻔﺊ اﻟﻨﺎر، ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺘﺎج أن ﻧﻤﻨﻊ ﻧﺸﻮﺑﻬﺎ. ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻤﻨﻊ ﺗﻜﻮن اﻟﺤﻴﻮان اﻟﺒﴩي ﻣﻦ اﻟﻈﻬﻮر؟ ملﻌﺎﻟﺠﺔ املﺸﻜﻠﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺠﺬور أوﻻ، وذﻟﻚ ﺑﺪءا ﺑﻤﻌﺎﻟﺠﺔ املﺼﻨﻊ اﻟﺒﴩي اﻷول )املﻨﺰل(. ﻓﺎملﻨﺰل ﻫﻮ ﻣﺼﻨﻊ ﺳﻠﻮك وﺗﴫﻓﺎت اﻟﻔﺮد، واﻟﻔﺮد ﻫﻮ ﻣﻜﻮن ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ وﺻﺎﻧﻊ ﻟﻪ. ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻷﻣﺮاض اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﻌﺼﺒﻴﺔ، ﻣﻦ دواﻓﻊ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﺋﻢ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻜﺜرية. ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﺮﺗﻜﺒﻲ ﺟﺮاﺋﻢ اﻷﻃﻔﺎل ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺧﻠﻞ أﺧﻼﻗﻲ وﺳﻠﻮﻛﻲ ﻳﻜﻮن ﰲ أﻛﺜﺮ اﻟﺤﺎﻻت ﻣﻜﺘﺴﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ. ذﻟﻚ اﻟﺨﻠﻞ ﻳﻨﺸﺄ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﻨﻒ ﰲ املﻨﺰل ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ إﱃ اﻟﺸﺎرع وإدﻣﺎن اﻷﻓﻼم وﻫﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺨﺼﺒﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﻪ اﻟﻮﺣﻮش اﻟﺒﴩﻳﺔ. إن ﻛﻨﺖ ﺿﺎﻣﻨﺎ أﻳﻬﺎ اﻷب وأﻳﺘﻬﺎ اﻷم أﻧﻜﻤﺎ ﻻ ﺗﺼﻨﻌﺎن ﰲ ﺑﻴﺘﻜﻢ وﺣﺸﺎ ﺑﴩﻳﺎ، ﻓﻘﺪ ﺗﺼﻨﻌﺎن ﺿﺤﻴﺔ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ. املﺸﱰك ﺑني ﻗﻀﻴﺔ زﻳﻨﺐ وﻗﺎﴏات ﺟﺪة وﻏريﻫﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺎب اﻷﻫﻞ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻏﻴﺎﺑﺎ ﺟﺴﺪﻳﺎ أو ﻋﻘﻠﻴﺎ، واﻧﻌﺪام اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ واﻟﺘﴫف اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻣﻊ اﻟﻐﺮﺑﺎء. اﻟﻮاﺿﺢ ﻣﻦ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻛﺎﻣريات املﺮاﻗﺒﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺠﺮاﺋﻢ أن اﻷﻃﻔﺎل ﻳﺴﺘﺴﻠﻤﻮن ﻟﻠﻤﺠﺮﻣني اﺳﺘﺴﻼﻣﺎ ﺗﺎﻣﺎ، واﻟﺬﻫﺎب ﻣﻌﻬﻢ دون إدراك اﻟﻌﺎﻗﺒﺔ. إﺣﺴﺎس اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻷﻣﺎن اﻟﺘﺎم ﻟﻠﻤﺤﻴﻂ وﻋﺪم ﺗﻮﻗﻊ ﺳﻠﻮك ﻣﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻷﻗﺎرب واﻟﺠريان ﻳﺴﺎﻋﺪ أﻳﻀﺎ ﰲ ﺧﻠﻖ اﻟﻀﺤﻴﺔ. دراﺳﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﺟﺪ اﻟﻌﻴﴗ أﻇﻬﺮت أن %90 ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻻﻋﺘﺪاء أو اﻟﺘﺤﺮش ﺑﺎﻷﻃﻔﺎل ﺗﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻗﺎرب %10و ﻣﻦ اﻟﻐﺮﺑﺎء. إن ﻛﻨﺖ ﺣﺰﻳﻨﺎ ﻋﲆ زﻳﻨﺐ وأﻫﻠﻬﺎ وﻏﺎﺿﺒﺎ ﻣﻦ املﺠﺮم، ﻓﻴﺠﺐ أن ﺗﻨﻈﺮ إﱃ وﺿﻌﻚ أوﻻ، ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن ﰲ ﻣﺼﻨﻊ ﻣﻨﺰﻟﻚ ﺗﺼﻨﻊ ﻣﺠﺮﻣﺎ أو ﺿﺤﻴﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ.

areej@alwatan.com.sa