رؤﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﻨﻮع اﻹﻋﻼﱊ اﳌﺮﺑﺢ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ، ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أو ﻓﻨﻴﺔ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻮﻇﻴﻒ أﺷﺨﺎص ﻳﻤﺜﻠﻮن ﻛﺎﻓﺔ أﻃﻴﺎف وﻣﺸﺎرب اﻟﺒﺸﺮ

ﺣﻠﻘﺖ ﻃﺎﺋﺮﺗﻲ ﻣﻦ »ﻟﻨﺪن« إﱃ »دﺑﻲ« ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻹﺗﻤﺎم ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﺪرﻳﺒﻲ ﺻﺤﻔﻲ ﻣﻜﺜﻒ ﻣﻊ ﻓﺮع ﺑﻠﻮﻣﺒريج املﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﴩق اﻷوﺳﻂ. ورﻏﻢ ﻗﺮﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﺮع اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻬﺬه اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ املﺘﻮاﺟﺪة ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ إﻻ أن اﻟﺘﻌﺮف ﻋﲆ ﻓﺮﻋﻬﻢ املﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﴩق اﻷوﺳﻂ واﻟﺬي ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ أﺣﺪ أول اﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺻﺔ راﺋﻌﺔ أﺗﺎﺣﺘﻬﺎ »ﻣﺴﻚ اﻟﺨريﻳﺔ«. ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺪرك ﻣﺪى أﻫﻤﻴﺔ اﺣﺘﻜﺎك اﻟﺴﻌﻮدﻳني ﺑﺎﻟﺠﻬﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ، وﻟﻜﻦ »ﻣﺴﻚ اﻟﺨريﻳﺔ« ﻫﻲ املﺆﺳﺴﺔ اﻷوﱃ واﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻨﻰ ﺗﺪرﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ﻛﻜﻞ، وﻫﺬا ﻳﻌﻜﺲ ﺳﻌﺔ اﻃﻼﻋﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ وإﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﺒﺎب اﻟﺴﻌﻮدي وﻗﺪراﺗﻪ وﺳﺒﺎﻗﻬﻢ ﺑﺨﻄﻰ واﺛﻘﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﴩق. ﺑﻠﻮﻣﺒريج ﺑﺪورﻫﺎ اﺣﺘﻮت ﻋﲆ املﺘﺪرﺑني، وﻧﻈﻤﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ ﻟﻘﺎء ﻣﺜﺮﻳﺎ ووﺟﺒﺔ ﻋﺸﺎء ﻣﻊ ﻣﺆﺳﺲ اﻟﴩﻛﺔ اﻷول »ﻣﺎﺛﻴﻮ وﻳﻨﻜﻠﺮ«، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻟﻘﺎءات ﺻﺤﻔﻴﻲ املﻨﻈﻤﺔ واملﺴﺆوﻟني ﻓﻴﻬﺎ. ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻠﻮﻣﱪج ﺑﻄﺎﻗﻢ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﺣﺒﺔ ﺟﺪا ﺑﻨﺎ ﻛﻤﺘﺪرﺑني، وﺑﺬﻟﻮا ﻗﺼﺎرى ﺟﻬﺪﻫﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻛﱪ ﻗﺪر ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺋﺪة. وﻫﺬا ﻳﻜﺸﻒ ﻣﺪى ﺛﺮاء وأﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﺪرﻳﺒﻲ ﻻﺳﻴﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺼﺤﺎﻓﺔ واملﺎل، وﺟﻤﻴﻊ املﺘﺪرﺑني ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻠﻔﻴﺎﺗﻬﻢ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ إﻣﺎ ﺻﺤﺎﻓﺔ وإﻋﻼم أو اﻗﺘﺼﺎد وإدارة أﻋﻤﺎل.

ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى، وﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﻓﺈن أﺣﺪ املﺤﺎور املﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﻗﺖ ﻟﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺪورة ﻛﺎن »اﻟﺘﻨﻮع«. رﺑﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻷﻧﻨﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻣﻬﺘﻤﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮع واملﺴﺎواة إﻋﻼﻣﻴﺎ، وﻗﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻋﺪدا ﻣﻦ املﻘﺎﻻت ﻋﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻨﻮع ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ وﺗﻘﺒﻞ اﻻﺧﺘﻼف، ﺑﻞ وﺟﻌﻞ اﻟﺘﻘﺒﻞ ﻟﻶﺧﺮ، أﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻮﻳﺘﻪ، واﺟﺒﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺪول املﺘﻘﺪﻣﺔ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻢ أﻧﻈﺮ إﱃ اﻟﺘﻨﻮع ﻳﻮﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ وﻛﺎﻟﺔ »ﺑﻠﻮﻣﺒريج«، أي ﻛﻤﺼﺪر ﻗﻮة وﻣﻜﺴﺐ اﻗﺘﺼﺎدي. ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺰاوﻳﺔ أو اﻟﺮؤﻳﺔ املﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺘﻨﻮع ﻣﺜرية ﺟﺪا، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﺑﻌﺪا ﺣﺴﻴﺎ ﻣﻠﻤﻮﺳﺎ وﻣﺸﻬﻮدا أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻠﺘﻨﻮع ﻛﻤﺠﺮد راﻓﺪ ﺛﻘﺎﰲ واﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻣﻊ ﻣﺆﺳﺲ وﻛﺎﻟﺔ »ﺑﻠﻮﻣﺒريج« ﺳﺄﻟﺘﻪ: ﻛﻴﻒ ﺗﻤﻜﻨﺘﻢ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺤﺪ املﺜﺎﱄ ﻟﻠﻤﺴﺎواة ﺑني اﻟﺠﻨﺴني، أي ﻧﺼﻒ ﻣﻮﻇﻔﻴﻜﻢ ﻧﺴﺎء وﻧﺼﻔﻬﻢ رﺟﺎل، وﻛﻴﻒ رأﻳﻨﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﺗﻮﻇﻴﻔﺎ ﻋﺎدﻻ ﻟﻸﻗﻠﻴﺎت اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ واﻷﻗﻠﻴﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وذوي اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ واﻟﻼﺟﺌني واملﺘﺤﺪﺛني ﺑﻌﺪة ﻟﻐﺎت وﻏري ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺎﻳﻨﺎت اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻤﺴﺘﻮى اﻟﺠﻮدة املﺮﺗﻔﻊ ﻧﻔﺴﻪ؟ وﻛﺎن ﺟﻮاﺑﻪ: »ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺆﻣﻦ أن اﻟﺘﻨﻮع ﻣﺮﺑﺢ«. وأﺿﺎف ﻗﺎﺋﻼ: »اﻟﺘﻨﻮع ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ اﺳﺘﻬﺪاف ﺟﻤﻬﻮر واﺳﻊ وﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ، ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ املﻨﻈﻤﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ أﻛﺜﺮ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﺪد أﻛﱪ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ. وﻧﺤﻦ ﰲ ﺑﻠﻮﻣﺒريج ﻳﻘﺮأﻧﺎ رﺟﺎل وﺳﻴﺪات أﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪوﻧﻪ ﻫﻮ املﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﻬﻢ وﺗﺪرس إﻗﻠﻴﻤﻬﻢ ودوﻟﺘﻬﻢ ﺑﻌﻤﻖ، ﺣﻴﺚ إﻧﻬﻢ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﺘﺨﺬون ﻗﺮارات ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻛﺒرية.. ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﻧﺤﻘﻖ ﺗﻨﻮﻋﺎ ذا ﺟﻮدة، ﻟﻜﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻪ ﻳﻌﺪ أﻣﺮا ﻣﺮﺑﺤﺎ وﻣﺮﺿﻴﺎ ﻟﻜﻼ اﻟﻄﺮﻓني اﻹﻋﻼﻣﻲ واملﺘﻠﻘﻲ«.

ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر، إن املﻨﻈﻤﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ، ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أو ﻓﻨﻴﺔ أو ﻏريﻫﺎ، ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻮﻇﻴﻒ أﺷﺨﺎص ﻳﻤﺜﻠﻮن ﻛﺎﻓﺔ أﻃﻴﺎف وﻣﺸﺎرب اﻟﺒﴩ، ﻓﱰى ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺳﻮد واﻷﺑﻴﺾ واﻟﻘﻤﺤﻲ، وﺗﺮى ﻓﻴﻬﺎ اﻟﴬﻳﺮ واﻷﺻﻢ واﻷﻋﺮج، وﺗﺮى ﻓﻴﻬﺎ املﺮأة واﻟﺮﺟﻞ ﻳﺘﻨﺎﺻﻔﺎن املﺴﺆوﻟﻴﺎت، وﺗﺮى ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﺒري واملﺒﺘﺪئ، اﻟﻴﻤﻴﻨﻲ واﻟﻴﺴﺎري، املﻠﺘﺰم واملﺘﺴﺎﻫﻞ، اﻟﺒﺪوي واﻟﺤﴬي، اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻏري اﻟﻌﺮﺑﻲ إﱃ آﺧﺮه ﻣﻦ ﻣﻔﺎرﻗﺎت ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ وﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ودﻳﻨﻴﺔ وإﻳﺪوﻟﻮﺟﻴﺔ وﺣﺘﻰ ﻓﺮدﻳﺔ. ﻳﺸﻤﻞ اﻟﺘﻨﻮع أﻳﻀﺎ ﻗﺪرة املﻨﻈﻤﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﲆ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻫﺘﻤﺎم ﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء املﻮﻇﻔني ﻧﺤﻮ ﺟﻤﻬﻮره اﻟﺬي ﻳﺸﺒﻬﻪ ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺘﻌﺎﻳﺸﻬﻢ وﺳﻼﻣﻬﻢ اﻟﻌﻤﲇ داﺧﻞ املﻨﻈﻤﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ، دون أن ﻳﺸﻜﻞ ﺗﺒﺎﻳﻨﻬﻢ أي ﺗﻐﻴري ﻋﲆ ﻫﻮﻳﺔ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ واﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺳﺒﻖ ذﻛﺮﻫﻢ. ﻫﺬا ﻫﻮ أﺣﺪ أﴎار ﻧﺠﺎح ﻣﻌﻈﻢ املﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ، وﻟﻌﻞ »ﺑﻠﻮﻣﱪج« إﺣﺪاﻫﺎ، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ .«BBC» ﺗﻠﻚ ﻣﻨﻈﻤﺎت ﺗﻔﺘﺨﺮ ﺑﺎﺳﺘﻘﻄﺎﺑﻬﺎ ﻟﺠﻤﺎﻫري ﻣﱰاﻣﻴﺔ اﻷﻃﺮاف، وﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﰲ اﻷﻟﻮان واﻷﺻﻨﺎف، ﺗﺎرﻛﺔ وراءﻫﺎ ﻛﻞ أﺣﺎدﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﴬ ﺑﻤﺤﺘﻮاﻫﺎ، وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ رﺑﺤﻴﺘﻬﺎ.