اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻠﻮﺗﺲ اﻟﻨﺒﺘﺔ اﳌﺘﻮﺿﺌﺔ

ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﺮف زﻫﺮة اﻟﻠﻮﺗﺲ ﻗﺪ ﻳﺠﺪ ﰲ ﻋﻨﻮان ﻫﺬا املﻘﺎل ﻏﺮاﺑﺔ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ، أﻣﺎ ﻣﻦ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ وﻳﻌﻠﻢ أن ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﻈﻒ ورﻗﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻟﻘﺎذورات، ﺑﻞ وﺣﺘﻰ املﻴﺎه ﺑﻔﻀﻞ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﻗﴩﺗﻬﺎ اﻟﻨﺎﻧﻮﻳﺔ، ﻓﻘﺪ ﻳﻘﱰب ﻣﻤﺎ ﻧﺮوم إﱃ اﻹﻳﻤﺎء إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ.

ﻟﻘﺪ ﻃﻮر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻳﻮك اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﺳﻄﻮﺣﺎ ذاﺗﻴﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻒ ﺗﺘﻔﻮق ﻋﲆ زﻫﺮة اﻟﻠﻮﺗﺲ ﰲ ﺧﺎﺻﻴﺔ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﺬاﺗﻲ، ﺣﻴﺚ ﺗﻄﺮد ﻋﻦ أﺳﻄﺢ املﻨﺎزل ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻟﻘﺎذورات، ﻏري أﻧﻬﺎ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﰲ ﻃﻮر اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻟﴪﻋﺔ ﺗﻠﻒ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻗﺎﺋﻖ، ﻣﻤﺎ ﻳﻔﻘﺪﻫﺎ ﺧﺎﺻﻴﺘﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ راﻣﻬﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻟﻬﺎ ﰲ أن ﺗﺸﺒﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺰﻫﺮة ﰲ وﺿﻮﺋﻬﺎ اﻟﺬاﺗﻲ.

وملﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﺄﻣﻞ ﰲ ﺣﺎل ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن اﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻲ، وارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎملﺎء أن وﻋﻴﺎ ﻋﺒﺎدﻳﺎ، إن ﻛﺎن ﻣﺘﺪﻳﻨﺎ، أو وﻋﻴﺎ ﻋﺮﻓﻴﺎ، إن ﻛﺎن ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﻐري اﻹﺳﻼم ﻣﻦ اﻟﺤﻀﺎرات، ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻔﺘﺄ ﻳﻄﻬﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻟﻴﺘﻨﻘﻰ ﻣﻦ ﻗﺎذورات ﺣﺴﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻣﺔ وإﻳﻤﺎء إﱃ وﺿﻮء ﻏﻴﺒﻲ ﻫﻮ ﻣﺪﻋﻮ إﻟﻴﻪ، إن أراد أن ﻳﺤﺲ ﺑﻨﻘﺎء ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻳﺠﻠﺐ ﺑﻪ ﻛﻞ املﻌﺎﻧﻲ اﻟﺮاﻗﻴﺔ، ﻷﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ أﻓﺮغ ﺳﺒﻮرﺗﻪ اﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻠﺌﻬﺎ ﺑﺠﺪﻳﺪ املﻌﺎﻧﻲ املﻘﺘﺒﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻤﺴﻬﺎ ﺑﻄﻬﺎرﺗﻪ اﻟﻘﻠﺒﻴﺔ، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﺲ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮة إﻻ ﺑﺘﻄﻬري ﻇﺎﻫﺮ ﺟﺴﺪه.

ﻻ ﺷﻚ أن اﻟﻔﻬﻮم ﺳﻠﻢ ﻣﻦ املﻌﺎﻧﻲ ﻻ ﻳﺮﺗﻘﻲ ﻓﻴﻪ إﻻ ﻣﻦ ﺷﻤﺮ ﻋﻦ ﺳﺎﻋﺪ اﻟﺠﺪ ﰲ ﺑﺤﺮ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟِﻔَﻜﺮ، ﺗﺪﺑﺮا وﺗﺄﻣﻼ وﺗﺤﻠﻴﻼ وﺑﺤﺜﺎ وﻣﻘﺎرﻧﺔ واﺳﺘﺨﻼﺻﺎ واﺳﺘﻨﺒﺎﻃﺎ، ﻓريﺗﻘﻲ ﰲ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻠﻤﻘﺪس ﻣﻦ إﺳﻼم إﱃ إﻳﻤﺎن ﻓﺈﺣﺴﺎن.

ﻻ ﺷﻚ أن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄﺻﻠﻪ اﻟﺤﺪاﺋﻘﻲ ﺑﺘﻌﺒري اﻟﱰاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺄن أﺻﻠﻪ اﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﰲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻏري اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ، ﻓﺎﻟﻠﻪ أﻧﺒﺘﻨﺎ ﻣﻦ اﻷرض ﻧﺒﺎﺗﺎ، ﺛﻢ ﻳﻌﻴﺪﻧﺎ وﻳﺨﺮﺟﻨﺎ إﺧﺮاﺟﺎ، وﻟﺬﻟﻚ أرﻳﺪ ﻣﻨﺎ أن ﻧﺘﻮﺿﺄ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺻﻼة وﺿﻮءا ذاﺗﻴﺎ ﺑﻤﺤﺾ إرادﺗﻨﺎ، ﻟﻨﻐﺴﻞ ﻣﻦ أدران اﻟﻌﻼﺋﻖ اﻟﻈﺎﻫﺮة، ﰲ إﺷﺎرة ﺑﻠﻴﻐﺔ إﱃ أﻧﻨﺎ ﻧﻘﺘﻔﻲ زﻫﺮة اﻟﻠﻮﺗﺲ روﺣﻴﺎ، أﻳﻀﺎ ﰲ اﻏﺘﺴﺎل ﺑﻤﺎء اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺬي ﺗﺘﺨﻠﻠﻪ ﻛﻞ ﺻﻼة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﻧﻘﺎء ﻓﻄﺮﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ أدران اﻟﻌﻼﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻬﻴﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻟﻠﺤﻖ اﻟﺬي ﻓﻄﺮت ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻘﻴﺪﺗﻨﺎ ﻋﻨﺪ أﺧﺬ ﻋﻬﺪ املﻴﺜﺎق اﻷزﱄ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺬر ﺣني ﻛﻨﺎ ﰲ ﺻﻠﺐ أﻇﻬﺮ آدم -ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم- وﻫﻮ ﻣﺎ زال ﺑني املﺎء واﻟﻄني.

ﻻ ﺷﻚ أن ﺳﻄﺢ اﻟﻘﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أوﱃ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔﻜري ﰲ اﻟﻄﻬﺎرة، ﻷن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺪار اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻓﺠﻮﻫﺮ اﻟﴚء دوﻣﺎ أوﱃ ﻣﻦ ﻗﴩه، ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺣﺎل اﻟﻨﺒﺘﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ أﻣﺮت ﺑﺎﻟﻮﺿﻮء ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺻﻼة ﻓﻬﻲ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺄﻣﻮرة ﺑﺎﻟﺘﻄﻬﺮ اﻟﺬاﺗﻲ ﻇﺎﻫﺮا، وﺑﺎﻟﺘﻮﺿﺆ اﻟﺬاﺗﻲ ﺑﺎﻃﻨﺎ، ﻋﱪ ﻣﺎء اﻟﻐﻴﺐ اﻟﺬي ﻳﻨﺎدى ﻟﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺻﻼة ﺑﺤﻲ ﻋﲆ ﻓﻼح ﻧﺒﺘﺘﻚ ﻟﺘﺨﴬ ﻛﺰرع أﺧﺮج ﺷﻄﺄه.