دور اﻵﺑﺎء ﰲ ﺷﻘﺎق اﻷﺑﻨﺎء

Opinion@alwatan.com.sa ﻓﺎﻛﺲ: 0172273756

ﻳﻌﺎﻧﻲ املﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺣﺎﻻت اﻟﺸﻘﺎق واﻟﺨﻼف اﻷﴎي، ﺧﺎﺻﺔ ﺑني اﻵﺑﺎء واﻷﺑﻨﺎء. ﻫﺬا اﻟﺸﻘﺎق ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺮدﻳﺔ، ﺑﻞ ﺗﻄﻮر ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺒﺤﺚ، ﻣﻊ أن اﻟﴩﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺣﺮﺻﺖ أﺷﺪ اﻟﺤﺮص ﻋﲆ ﺑﺮ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ، إﻻ أن ﻫﻨﺎك أﺳﺒﺎﺑﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ أدت إﱃ ﻫﺬا اﻟﺸﻘﺎق، ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﺑﻨﺎء، وأﺳﺒﺎب ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻵﺑﺎء. ﺳﺄﺗﻨﺎول ﰲ ﻫﺬا املﻘﺎل ﺑﻌﺾ اﻷﺳﺒﺎب املﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺒﻌﺾ اﻵﺑﺎء، وأﺛﺮﻫﺎ ﰲ ﺑﺮوز ﻫﺬا اﻟﺸﻘﺎق، ﻣﻊ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﲆ ﺣﻘﻬﻢ ﰲ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟﱪ واﻹﺣﺴﺎن، وﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﺒﺎب:

1 - ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺸﺎرع اﻟﺤﻜﻴﻢ ﰲ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺘﻌﺪد: وﻧﻘﺼﺪ ﺑﻪ اﻟﺘﻌﺪد اﻟﺬي ﻻ ﻳﻔﻲ ﺑﺎﻟﴩوط اﻟﴩﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﻨﻔﻘﺔ، واﻟﻌﺪل، واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﺗﺤﻤﻞ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺑﻨﺎء أﴎﺗني أو أﻛﺜﺮ وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻮق ﻣﺎﻟﻴﺔ وﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻌﺎﺋﻞ ﻟﻬﻤﺎ ﰲ ﴏاع وﺷﻘﺎق ﻣﻊ إﺣﺪى ﻫﺎﺗني اﻷﴎﺗني، أو اﻹﻫﻤﺎل اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻸﺑﻨﺎء ﰲ إﺣﺪى اﻷﴎﺗني، واﻟﻘﺼﻮر اﻟﺬي ﻳﺼﻞ ﺑﺈﺣﺪى اﻷﴎﺗني إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻮز ﻳﱪز اﻟﺸﻘﺎق اﻟﻜﺒري، وﻳﺠﻌﻞ اﻟﻌﺎﺋﻞ ﰲ ﺗﻮﺗﺮ وﺧﻼف داﺋﻢ ﻣﻊ أﺑﻨﺎء إﺣﺪى أﴎﺗﻴﻪ ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﻤﺘﻄﻠﺒﺎﺗﻬﻢ اﻷﴎﻳﺔ.

2 - اﻷﻣﺮاض اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﻌﺼﺒﻴﺔ: ﺑﻌﺾ اﻵﺑﺎء ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ أﻣﺮاض ﻧﻔﺴﻴﺔ أو ﻋﺼﺒﻴﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ﺳﻮاء ﺑﺄﴎﺗﻪ، أو املﺤﻴﻄني ﺑﻪ دون أن ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﻬﺎ أﺣﺪ، أو ﺗﺆﺧﺬ ﺑﻌني اﻻﻋﺘﺒﺎر، ﻣﻊ أن ﺣﺎﻟﺘﻪ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺗﻌﺬره ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﺤﻜﻤﺔ، وﻣﺆﴍ ﻫﺬا املﺴﺘﻮى ﻫﻮ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﻮﻳﺔ أو ﻏري اﻟﺴﻮﻳﺔ ﺑﻴﻨﻪ وﺑني أﺑﻨﺎﺋﻪ واملﺤﻴﻄني ﺑﻪ واملﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ.

.ﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ أﻣﺮاض ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﰲ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻌﺎدﻳني، ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ أﻣﺮاﺿﺎ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﺧﺘﻼل ﰲ اﻷﻋﺼﺎب ﺑﺴﺒﺐ أﻣﺮاض، أو ﺟﻠﻄﺎت أﺻﺎﺑﺖ اﻟﺠﻬﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ، أو أﻣﺮاض ذﻫﺎﻧﻴﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺗﻔﻘﺪه اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﲆ اﻷﺷﻴﺎء، وﻳﺼﺎب ﺑﻬﻼوس وأﻓﻜﺎر ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ وﻣﺸﺘﺘﺔ. وﻫﺬا ﺑﺪوره ﻳﺆﺛﺮ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﺟﻮدة ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎملﺤﻴﻄني ﺑﻪ، ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﺛﺮ اﻟﺴﺤﺮ واﻟﺸﻌﻮذة اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ إﺣﺪى اﻟﺰوﺟﺎت، ﻟﻌﻄﻒ اﻟﺰوج وﺣﺮﻣﺎن اﻟﺰوﺟﺔ اﻷﺧﺮى وأﺑﻨﺎﺋﻬﺎ، ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ اﻟﴩﻋﻴﺔ.

3 - املﺨﺪرات واملﺴﻜﺮات: ﺗﺆﺛﺮ املﺨﺪرات واملﺴﻜﺮات ﻋﲆ ﺳﻠﻮك اﻷﻓﺮاد ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم، واﻟﺪراﺳﺎت ﺗﺜﺒﺖ اﻵﺛﺎر اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺨﺪرات، ﻣﻨﻬﺎ: اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ، وﻋﺪم اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎملﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ، ﻛﺮاﻫﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ، اﺧﺘﻼط اﻟﺘﻔﻜري وﴎﻋﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل، ﻏري ﺗﺄﺛرياﺗﻬﺎ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﻛﺎﻟﺨﺪاع واﻟﻐﺶ، واﻟﻜﺬب، واﻟﺘﺰوﻳﺮ، واﻟﻬﻠﻮﺳﺎت اﻟﺴﻤﻌﻴﺔ، واﻟﺒﴫﻳﺔ،

أﻣﺎ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﺘﺘﺄﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺪﻫﻮر وﺿﻊ اﻷﴎة اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﺧﺎﺻﺔ اﻷﴎة املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﻮارد اﻷب املﺎﻟﻴﺔ ﻓﻘﻂ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻀﻄﺮ ﺑﻌﺾ أﻓﺮاد اﻷﴎة إﱃ اﻧﺤﺮاﻓﺎت ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﺧﻄرية، أو ﻳﻤﺘﻬﻦ أﻋﻤﺎﻻ ﻏري ﻣﴩوﻋﺔ ﺑﺴﺐ ﺗﺨﺎذل اﻟﻌﺎﺋﻞ واﻧﺤﺮاﻓﻪ.

4 - اﻟﺘﺄدﻳﺐ اﻵﺛﻢ: وﻫﺬا ﻳﺸﻤﻞ اﻟﻌﺪوان اﻟﺠﺴﺪي اﻟﻌﻨﻴﻒ ﺑﺎﻟﺤﺮق، واﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺑﻮﺿﻊ اﻷﻏﻼل أو اﻟﻘﺘﻞ، وﻳﺸﻤﻞ أﻳﻀﺎ اﻻﺳﺘﺒﺪاد واﻟﺠﻔﺎء، واﻣﺘﻬﺎن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﻳﺢ اﻟﻌﻨﻴﻒ، وﻋﺪم اﻹﻧﺼﺎف ﻏري املﱪر ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻷﺑﻨﺎء، ﺳﻮاء ﻛﺎن ﰲ اﻟﻌﻄﺎء أو اﻟﺤﺐ، أو اﻟﻘﺒﻮل واﻟﺮﻓﺾ أو اﻟﺘﺄدﻳﺐ.

ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﺆﺛﺮ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﺟﻮدة اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني اﻵﺑﺎء واﻷﺑﻨﺎء وﻳﻮﺟﺪ ﻧﺰاﻋﺎت وﺗﺼﺪﻋﺎت أﴎﻳﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺗﺆدي إﱃ اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻜﻴﺎن اﻷﴎي إذا ﻟﻢ ﻳﻌﺎﻟﺞ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺮوﻳﺔ، وﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق واﻟﻮاﺟﺒﺎت. وﻳﺒﻘﻰ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﲆ ﺣﻖ اﻷب ووﺟﻮب ﺑﺮه ورﻋﺎﻳﺘﻪ وﻃﺎﻋﺘﻪ ﺑﺎملﻌﺮوف واﻟﺼﱪ واﺣﺘﺴﺎب اﻷﺟﺮ واﻟﺜﻮاب ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ وﺟﻞ.