اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ دﻣﺠﻬﺎ ﰲ ﺣﺎل اﻟﴬورة
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻘﻠﺐ أن ﻳﻤﺎرس ﺻﻼﺣﻴﺎت ﻃﺒﻴﺐ اﻟﻌﻈﺎم ﻣﺜﻼ، أو أن ﻳﻌﺎﻟﺞ ﻃﺒﻴﺐ اﻟﻌﻴﻮن ﻣﺮﴇ اﻷذن واﻷﻧﻒ واﻟﺤﻨﺠﺮة ﺑﺤﻜﻢ أن ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻃﺒﻴﺐ، وﻛﻼ اﻟﺘﺨﺼﺼني ﻳﻌﺎﻟﺠﺎن أﻋﻀﺎء ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ ﺟﺪا ﰲ اﻟﺠﺴﻢ؟
إذا ﻛﺎن اﻟﺠﻮاب ﻧﻌﻢ ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﺳﺄﺿﻊ ﻧﻘﻄﺔ، وﻳﻨﺘﻬﻲ ﻫﺬا املﻘﺎل. أﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻻ.. ﻓﻠﻤﺎذا؟ ﻓﺠﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻠﻪ وﺣﺪة واﺣﺪة، واﻷﻋﻀﺎء ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ ﺑﻞ ﻣﺘﻼﺻﻘﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ، وإن ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ أن اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﻔﺎدﺣﺔ واﻟﻘﺎﺗﻠﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻘﻊ ﻣﻦ أﻣﻬﺮ اﻷﻃﺒﺎء املﺘﺨﺼﺼني ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ إذا ﻛﺎن ﻻ ﻳﻤﺎرس ﺗﺨﺼﺼﻪ. ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻨﺪي أن ﻋﻘﻞ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ﻻ ﻳﻘﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن. ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ وزارة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻗﺪ أﻋﻠﻨﺖ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺪﻣﺞ اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت ﺑﺤﺠﺔ وﻗﻒ اﻟﻬﺪر، ﻓﺈﻧﻪ ﻋﲆ وزارة اﻟﺼﺤﺔ أن ﺗﺤﺬو ﺣﺬوﻫﺎ، ﻓﺎﻟﺮؤﻳﺔ واﺣﺪة واﻟﻬﺪر ﻗﺎﺋﻢ. وﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻴﺲ أﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﻠﻪ، وﺻﺤﺘﻪ ﻟﻴﺴﺖ أﻏﲆ ﻣﻦ ﻓﻜﺮه، واﻟﺨﻄﺄ اﻟﻄﺒﻲ ﻳﺪﻓﻊ ﺛﻤﻨﻪ ﻓﺮد واﺣﺪ وﺑﺎﻟﻜﺜري أﴎة، ﻟﻜﻦ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻳﺪﻓﻊ ﺛﻤﻨﻬﺎ ﺟﻴﻞ ﻛﺎﻣﻞ ووﻃﻦ ﻛﺒري..
وﰲ وﻗﺖ ﻧﻨﺎدي ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺨﺼﺺ ﰲ املﺮﺣﻠﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ ﺗﻮاﻛﺒﺎ ﻣﻊ ﺗﻄﻮر املﻨﺎﻫﺞ وﻃﺮق اﻟﺘﺪرﻳﺲ. ﻓﺈن اﻟﻮزارة ﺗﻌﻮد ﺧﻄﻮات واﺳﻌﺔ إﱃ اﻟﺨﻠﻒ ﺑﺪﻣﺠﻬﺎ ﻟﻠﺘﺨﺼﺼﺎت ﰲ املﺮﺣﻠﺘني املﺘﻮﺳﻄﺔ واﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ!
وﺷﺨﺼﻴﺎ ﻟﻘﺪ ﺻﺪﻣﺖ ﺑﺄن ﻣﻌﻠﻢ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ﻳﺠﱪ ﻋﲆ ﺗﺪرﻳﺲ أي ﻣﺎدة ﺗﺴﻨﺪ إﻟﻴﻪ! ﻛﻴﻒ ملﻌﻠﻢ أن ﻳﺪرس اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت وﺟﻤﻴﻊ ﺳﻨﻮات ﻋﻤﺮه اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﰲ دراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻷدﺑﻴﺔ ﻣﺎ ﺑني ﺑﻼﻏﺔ وﻧﺤﻮ وأدب، وﻛﻴﻒ ﻳﻘﻒ أﻣﺎم اﻟﻄﻼب ﻟﻴﺪرﺳﻬﻢ اﻟﻜﺴﻮر وﺗﻮﺣﻴﺪ املﻘﺎﻣﺎت وﺧﻄﺔ ﺣﻞ املﺴﺄﻟﺔ وﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﺘﻮازي املﺴﺘﻄﻴﻼت!
وﻫﻞ املﺴﺄﻟﺔ ﻫﻲ ﻣﺠﺮد ﺣﺼﺔ ﺗﻌﻄﻰ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ وﻋﲆ أي ﺣﺎل..!
ﻫﻞ اﻟﻬﺪف أﻻ ﻳﻘﺎل إن املﻨﻬﺞ ﻣﺘﻮﻗﻒ وﺣﺴﺐ؟!
ﻫﻞ اﻟﻐﺎﻳﺔ أن ﺗﻌﻄﻰ ﻛﻞ اﻟﺤﺼﺺ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﻻ ﻳﻬﻢ ﻛﻴﻒ؟!
ملﺎذا إذا ﻳﻼم املﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻈﺮ اﺳﺘﻼم اﻟﺮاﺗﺐ وﻻ ﻳﻬﻤﻪ ﻣﺎذا ﻓﻌﻞ ﻃﻴﻠﺔ اﻟﺸﻬﺮ وﻣﺎذا أﻧﺠﺰ ﻟﻴﺴﺘﺤﻘﻪ؟
ﻓﺎﻟﺼﻮرة املﻠﺘﻘﻄﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻳﻘﻮل ﻻ ﻳﻬﻤﻨﻲ ﻣﺎذا ﻳﺤﺪث ﰲ املﻴﺪان، ﻳﻬﻤﻨﻲ أﻧﻨﻲ ﺳﺄﺗﺴﻠﻢ راﺗﺒﻲ ﻛﺎﻣﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﻬﺮ، ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺼﻮرة املﻠﺘﻘﻄﺔ ﻟﻠﻮزارة اﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻠﻦ ﻳﻀريﻫﺎ دﻣﺞ اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت أو ﺣﺘﻰ إﻟﻐﺎؤﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻃﺎملﺎ أن املﴩوع اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻳﱰﻧﺢ، وأن اﻷﻣﻮر ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام!
ﻳﺤﺪث ﻫﺬا ﰲ وزارة ﻫﻲ اﻷﻫﻢ ﺑﻼ ﻣﻨﺎزع ﰲ ﻣﺴرية ﻧﻤﺎء اﻟﻮﻃﻦ وﺣﻀﺎرﺗﻪ، ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﰲ املﺠﺎل اﻷول اﻟﺬي ﻳﻘﻮد ﻣﺴرية اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ