ﻟﻴﺲ ﻟﺪي رأي ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء

ﻫﻞ ﻣﻦ اﻟﴬوري أن ﻳﻜﻮن ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ رأي ﰲ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻮع أو ﻗﻀﻴﺔ أو ﺷﺄن ﻳﺤﺪث ﰲ ﻣﺤﻴﻄﻨﺎ؟ وﻫﻞ ﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﻘﺒﻮل أﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺣﺪث أو ﺷﺨﺺ أو ﻣﻮﻗﻒ ﺗﺜريه املﺠﺎﻣﻴﻊ واﻟﺤﺸﻮد واﻹﻋﻼم وﻣﻦ ﻳﻔﺘﺘﻦ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺮض؟ أﺟﺪ ﻧﻔﴘ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن أﻗﻒ ﻣﻮﻗﻔﺎ »ﺑﻼ ﻣﻮﻗﻒ« ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ املﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺗﺜري اﻟﻠﻐﻂ واﻟﴫاﻋﺎت واﻟﺘﺠﺎذﺑﺎت ﺑني اﻟﻨﺎس، ﻓﺄﺳﺄل ﻧﻔﴘ ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ ﻻ أﻧﺠﺮ ﻟﻠﺪﺧﻮل ﰲ ﺗﻠﻚ املﻨﺎﻛﻔﺎت واﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟﺘﻲ ﰲ ﻏﺎﻟﺐ اﻟﺤﺎﻻت ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ إﻻ ﺑﺎﻧﺘﺼﺎر ﻃﺮف ﻋﲆ ﺣﺴﺎب ﺗﺼﻔﻴﺔ ﻃﺮف آﺧﺮ ﻋﻦ ﺑﻜﺮة أﺑﻴﻪ! ﻗﻨﺎﻋﺘﻲ ﺗﻘﻮل إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﴬورة أن ﺗﻜﻮن ﻛﻞ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت واﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ذات ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺣﻤﻴﺪة، أو ﻟﻨﻘﻞ ذات ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﻔﻴﺪة إﻻ إذا اﻋﺘﱪﻧﺎﻫﺎ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺼﻔﻴﺔ ﺑني ﻃﺮﻓني، ﻓﺎﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻬﻤﻚ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﺗﺤﻠﻴﻼ وﺗﻔﻨﻴﺪا ﻣﺎ ﻫﻲ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ إﻻ أﺣﺪاث ﻋﺮﺿﻴﺔ ﻳﺤﺎول املﺘﺨﺎﺻﻤﻮن إﺻﺒﺎﻏﻬﺎ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻣﺜﺎل ﻟﺤﺎﻟﺔ أﻛﺜﺮ ﺷﻤﻮﻻ وأﻋﻤﻖ ﻣﻌﻨﻰ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻠﻤﺮاﻗﺐ اﻟﻬﺎدئ ﻣﻬﺎﺗﺮات وإﻟﻬﺎء ﻟﻠﻨﺎس ﺑﺴﺬاﺟﺘﻬﻢ وﺣﺒﻬﻢ ﻟـ»اﻟﻠﺖ واﻟﻌﺠﻦ«. اﻟﺒﻌﺾ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ رأﻳﻪ ﰲ ﻛﻞ ﺣﺪﻳﺚ ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﻴﺘﺤﻮل ﰲ ﻧﻈﺮ اﻟﻨﺎس إﱃ إﻧﺴﺎن ﺑﻼ رأي وﻗﻴﻤﺔ، وﻳﻨﴗ أن اﻵراء واملﻮاﻗﻒ ﺗﻜﻮن ذات ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺻﺎدرة ﻋﻦ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻣﺘﺄﺻﻠﻪ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ دراﺳﺔ وﺗﻔﻜري ﻋﻤﻴﻘني، وأن اﻟﺮأي اﻟﺬي ﻳﺼﺪر ﻟﻠﻌﻠﻦ دون أن ﻳﻜﻮن ﻣﺒﻨﻴﺎ ﻋﲆ أﺳﺲ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ دﺣﻀﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﺻﺎﺣﺐ ﺣﺠﺔ. اﻟﺴري ﰲ رﻛﺎب اﻟﺠﻤﻮع وإدﻣﺎن اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺮأي ﰲ ﻛﻞ ﺻﻐرية ﻳﺘﺪاوﻟﻬﺎ اﻟﻨﺎس أﺻﺒﺤﺎ اﻟﻴﻮم ﻣﺮﺿﺎ، وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻟﻜﻞ إﻧﺴﺎن اﻟﺤﻖ ﰲ اﻟﺘﻌﺒري ﻋﻦ اﻟﺮأي دون ﻗﻴﻮد واﺷﱰاﻃﺎت، إﻻ أن اﻟﺮادع اﻟﺪاﺧﲇ اﻟﺬي ﻳﻀﺒﻂ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻤﺤﺪداﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ املﺘﺄﺳﺴﺔ ﻋﲆ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﻀﺎﻣﻦ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺤﱰم اﻟﺮأي أﻣﺎم ذاﺗﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ أﻣﺎم اﻟﻐري، واﻟﺴﻌﻲ ﻧﺤﻮ ﺧﻠﻖ ﻣﻮﻗﻒ ﰲ ﻛﻞ ﳾء ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻟﻪ ﺑني اﻟﺠﻤﻮع، ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺮأي املﺨﺘﻠﻖ ﻹرﺿﺎء ﻏﺮور املﺸﺎرﻛﺔ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﺑﻪ ﻳﻔﻘﺪ ذﻟﻚ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻞ اﺣﱰام ﻟﺸﺨﺼﻪ وﻟﺮأﻳﻪ. اﻟﻴﻮم أﺟﺪ ﻧﻔﴘ ﻣﺤﺠﻤﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺒري ﻋﻦ رأﻳﻲ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﻣﻮر، وذﻟﻚ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻷﻧﻲ ﻻ أرى ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺮض إﻻ ﻣﴪﺣﺎ ﻟﻠﺘﺼﻔﻴﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، وﻟﻴﺲ ﺳﺎﺣﺔ ﻟﺘﻼﻗﺢ اﻷﻓﻜﺎر وﺑﻨﺎء ﻣﴩوع ﻧﻬﻀﻮي ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ املﺠﺘﻤﻊ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ املﻔﺎﻫﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ، وﻷن اﻟﺴﺎﺣﺔ أو املﴪح اﻟﻴﻮم ﻗﺪ ﺗﻠﻮث ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷوﺑﺌﺔ ﻣﻦ ﺗﺴﻄﻴﺢ وﺗﺨﻮﻳﻦ وﺗﺼﻔﻴﺔ واﺳﺘﺪراج، ﻓﺈن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ ﻛﻞ ﳾء ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺼﻴﺪ املﻐﺮض وﻳﺪﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻏﻴﺎﻫﺐ اﻟﺨﻄﻮط املﺘﻠﻮﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ زاﻟﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮن ﺷﺎﻫﺪا ﻋﲆ ذاك أو دﻟﻴﻞ إداﻧﺔ ﻋﲆ ذاك؟ ﻟﻢ أﻗﺘﻨﻊ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺑﻤﻘﻮﻟﺔ »إن ﻛﺎن اﻟﻜﻼم ﻣﻦ ﻓﻀﺔ ﻓﺎﻟﺴﻜﻮت ﻣﻦ ذﻫﺐ« أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺘﻲ ﺑﻬﺬه املﻘﻮﻟﺔ اﻵن، ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺼﺒﺢ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت ﺣﻮل املﻮاﺿﻴﻊ اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ، ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ اﻧﺘﻈﺎر اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺨﻒ ﻓﻴﻪ أﺗﺮﺑﺔ ﻋﻮاﺻﻒ اﻟﺘﺴﻄﻴﺢ ﻟﻴﺼﻔﻰ اﻟﺠﻮ ﻣﺠﺪدا ﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﻘﻞ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﺴﺎﻣﺤﺎ وﻗﺒﻮﻻ ﻟﻶﺧﺮ.

Yasser.g@alwatan.com.sa