رﻛﻮب ﻫﻮاﺋﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ

ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺮﺗﺎب اﺛﻨﺎن ﰲ دور رﻛﻮب ﻫﻮاﺋﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﰲ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻋﺠﻠﺘﻲ اﻟﺨﻄﺄ واﻟﺼﻮاب ﰲ ﺗﺠﺎرب اﻷﺷﺨﺎص، املﺆﺳﺴﺎت، املﺠﺘﻤﻌﺎت، وﻛﺬا اﻟﺪول، ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻨﻌﻢ ﰲ ﻋﻴﺶ أﻓﻀﻞ، وﻣﺎ ﱢﴍع اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ﰲ اﻷدﻳﺎن اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ إﻻ ﻟﻼﻧﺘﺒﺎه إﱃ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة ﺗﺮداده، ﻷن ﻓﻴﻪ إﺣﻴﺎء ﻟﺼﻮت اﻟﻔﻄﺮة ﻓﻴﻨﺎ، واﻟﺬي ﺑﻔﻀﻞ أﺟﺮاﺳﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪع ﺑﺄﻋﻤﺎق دواﺧﻠﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺪارك اﻷﻣﺮ ﻗﺒﻞ إﺻﺪار أﺣﻜﺎم اﻟﻘﺪر.

ﻻ ﻏﺮو أﻧﻪ ﺑﺎملﺜﺎل ﻳﺘﻀﺢ املﺮﻣﻰ واملﻐﺰى، ﻓﻤﺆﺳﺴﺔ اﻷﴎة ﻣﺜﻼ ﻻ ﻣﻔﺮ ﻟﻬﺎ إن أرادت ﺣﺴﻦ ﺗﺮﺑﻴﺔ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ أرﺷﻴﻒ اﻷﺑﻮﻳﻦ ﻟﺘﺠﻨﺐ اﻟﻬﻔﻮات واﻟﻬﻨﺎت ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ واﻟﺪﻳﻬﻤﺎ واﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺴﺪﻳﺪ واﻟﺼﻮاب ﻣﻦ اﻟﺼﻨﻴﻊ واملﻤﺎرﺳﺎت.

إن اﻷﻓﻜﺎر ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻘﺎﻋﺪة، ﻓﻜﻞ ﻓﻜﺮة ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﺷﻌﻮر، وﻛﻞ ﺷﻌﻮر ﺗﺘﻠﻮه ﺣﺎﻟﺔ وﻫﻴﺌﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﺮﺟﻮع إﱃ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﺮد أو اﻷﴎة أو املﺠﺘﻤﻊ أو اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﻔﻴﻞ ﺑﺈﺻﻼح وﺗﺪارك ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺪارﻛﻪ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ وﺗﺪوﻳﺮﻫﺎ إﱃ ﺿﻔﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻣﻦ اﻟ ِﻔ َﻜ ِﺮ واﻟﻨﻮاﻳﺎ واﻟﻄﻮﻳﺎت ﻻ ﻟﴚء إﻻ ﻻﺳﺘﺠﻼب ﻣﺎ ﺳﻴﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ إﺣﺴﺎس وﺷﻌﻮر إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻣﺴﺘﺤﺐ ﻳﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎت املﺮء، وﻳﺪﻓﻊ ﺑﻪ إﱃ اﻷﻣﺎم اﻷﻓﻀﻞ اﻷﺟﻮد اﻷرﻗﻰ.

إن اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻓﻜﺎر ﻫﻮ ﺗﺤﻜﻢ ﰲ ﻣﺎﴈ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﺮد واملﺆﺳﺴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺟﻮرج أورﻳﻞ: ﻣﻦ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﰲ املﺎﴈ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﰲ املﺴﺘﻘﺒﻞ، وﻣﻦ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﺤﺎﴐ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﰲ املﺎﴈ.

ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ أن اﻟﺘﺒﴫ ﰲ ﻫﻔﻮات املﺎﴈ وﻫﻨﺎت اﻟﺤﺎﴐ واﺳﺘﴩاف ﻛﻴﻔﻴﺔ اﺟﺘﻨﺎب زﻻت املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻬﻮ ﻋني اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﺳﺘﻼﺑﺎت ﺗﻌﻴﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ.

ﻳﺬﻫﺐ املﻔﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ أرﻛﻮن إﱃ أﻧﻪ ﻣﻦ واﺟﺐ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺘﻌﺮﻳﺔ وﺗﻔﻜﻴﻚ وﺟﻼء ﺣﻘﺐ ﻣﻦ املﺎﴈ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ، وﻓﱰات ﻣﻦ اﻟﺤﺎﴐ ﻣﺤﺮﻓﺔ، وﺗﺼﻮرات ﺣﻮل املﺴﺘﻘﺒﻞ وﻫﻤﻴﺔ، ﻳﺮاد ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺳﺠﻦ اﻟﻔﻜﺮ ﰲ اﺳﺘﻼﺑﺎت ﺗﻌﻴﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار.

إن ﻗﺮاءة ﻗﺼﺺ املﺎﴈ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻠﻤﻲ ﻣﻤﻨﻬﺞ ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ وﺳﺎﺋﻞ وأدوات اﻟﻨﺠﺎح، وﻳﺠﺘﻨﺐ ﻃﺮق وﺳﺒﻞ اﻟﻄﻼح ﻫﻮ املﺤﺠﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء إﱃ ﻛﻞ ﻓﻼح، ﻓﻬﺬا ﺟﻮن دون ﺑﺎﺳﻮس ﻳﻨﺤﻮ إﱃ أن أﻓﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﺤﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﰲ ﻃﻴﺎت املﺎﴈ. ﻛﻤﺎ أن املﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺤﺎﴐ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﻪ إﱃ ذﻟﻚ ﺳﻴﻤﻮن ﻓﺎﻳﻞ.

إن ﻗﻮة اﻷﻓﻜﺎر ﺗﻴﺎر ﺟﺎرف إن ﴏﻓﻪ املﺮء ﰲ ﻗﻨﻮاﺗﻪ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ واﺳﺘﺜﻤﺮه أﻳﻤﺎ اﺳﺘﺜﻤﺎر ملﺎ ﻳﺼﺤﺒﻪ ﻣﻦ أودﻳﺔ اﻟﺸﻌﻮر واﻹﺣﺴﺎس اﻟﺪاﻓﻊ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ، ﻛﻤﺎ أن ﻧﻔﺲ اﻟﺘﻴﺎر ﻳﺠﺬب إﱃ اﻟﺮدى واﻟﺤﺘﻒ واﻟﻬﻼك إن ﻟﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ إﱃ ﻣﺨﺎﻃﺮه ملﺎ ﻳﺠﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻫﺪاﻣﺔ ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ.