Al-Watan (Saudi)

رخصة قانونية للممارسين الحكوميين

- أصيل الجعيد

القانوني الأكاديمي لا بد من ربطه بالواقع العملي والسماح له بمزاولة المحاماة إذا ما أردنا مخرجات قانونية بمستويات عالية تلبي حاجة سوق العمل

كل الأمم حتى تتقدم فهي لا تبدأ في الغالب من الصفر، بل تبدأ من حيث انتهى الآخرون، والأمة السعودية المستنيرة تحتاج إلى ذلك اليوم أكثر من أي وقت مضى، في أميركا تلزم هيئات المحامين بكل ولاية المحامين بتدريب مستمر بمسمى مختصر CLE بساعات محددة سنويا حتى يبقى المحامي على اطلاع بما يحدث من تغييرات في القوانين، وهذا الإجبار ضروري حقيقة ليبقى مستوى المحامين على الوجه المطلوب لهذه المهنة المهمة المتطلبة، هذه فكرة ممتازة، لكن الإبداع

قد يكمن في تحويرها قليلا لصالحنا، في السعودية للأسف فإن التأهيل والتدريب القانوني للممارسين الحكوميين من مستشارين إلى باحثين ومدربين وأعضاء هيئة التدريس وحتى قضاة ليس على المستوى المأمول، صدق أو لا تصدق في فترة من الفترات كان القانون بالمملكة وتدريسه محرما، وحتى عندما بدأ التدريس به في معهد الإدارة ابتداء - كان الفضل في ذلك يعود للمرحوم الوزير غازي القصيبيفي تلك الفترة ظهرت تلك الممانعة الدعوية التي رمت صرحا من صروح الوطن كمعهد الإدارة بما لا يصح ولا يجوز في دراما صحوية غير ضرورية ومعيقة للتنمية، بل إن أحدهم تجرأ ليلقي خطبة وعظية من داخل المعهد! كذلك كان من غير الواضح ما هي المواد المطلوبة لتخصص القانون، بل يقال إن إحدى الجامعات كان قسم القانون فيها يدرس نصف مواده من قسم الإدارة العامة!

هذا أثر بشكل مباشر على المخرجات وتعاملنا مع القانون ثقافيا، وعلى المستوى الحكومي وتعاملاتنا اليومية، ومع الحداثة والتقدم القانوني وقانون القضاء الجديد دخلت إلى القانون السعودي مصطلحات جديدة كالاستئناف بدل التمييز، الأعجب من لا يفرق بين كل منهما ومآلاتهما، كذلك عقود كالفيديك والعقود الإلكتروني­ة والتحكيم التجاري المحلي والدولي، المشكلة هنا جوهرية عندما لا يفرق الممارس الحكومي القانوني القاضي والمدعي العام والمحقق الفرق بين الاستئناف والتمييز فعندئذ تصبح مشكلة جوهرية، نحتاج آليات معينة لرفع مستوى التأهيل القانوني، ولأن أداء هؤلاء المذكورين ينعكس على الناس الذين يطالبون بحقوقهم في ردهات المحاكم والجهات الحكومية والأجواء الحقوقية بشكل عام.

لذا أقترح على مجلس الشورى طرح فكرة الرخصة الحكومية القانونية للممارسين القانونيين من باحثين ومحققين ومستشارين وقضاة ومدعين عامين مدنيين وحتى عسكريين بل وحتى أعضاء هيئة التدريس، يكون من خلالها هناك ساعات معينة تدريبية سنوية قد تكون اختيارية على حسب رغبة الممارس أو مختارة بعناية لرفع مستوى الأداء القانوني، هذه الأداة ضرورية ومن لا يتدرب تسحب رخصته الحكومية، ولا يزاول أعمالا قانونية لأنها تتطلب تدريبا معينا، فكلما طالتنا الحداثة القانونية، وتقدمت للسوق مصطلحات جديدة لا بد من التدريب عليها، وأخص بالذكر طلبة الشريعة والذين أحيانا يمارسون أعمالا قانونية وهم ليسوا متخصصين فيها، وخططهم الدراسية التي لا تلائم السوق ومتطلباته، بل حتى أقسام القانون تبقى خططها لا تواكب التطلعات الحالية والمستقبلي­ة.

قد يختلف معي الكثيرون في موضوع إجبار أعضاء هيئة التدريس القانونيين على مثل هذا النوع من التدريب لأنهم أكاديميون وليسوا ممارسين، لكن الواقع يقول غير ذلك، فبعضهم وفرت لهم الجامعات مكاتب من خلال بيوت الخبرة ليمارسوا المحاماة، وكذلك بعضهم تستقدم خدماته للشؤون القانونية، لذا فهم يمارسون العمل القانوني بجانب التدريس، بالإضافة إلى ذلك فإن رفع مستوى تدريبهم سوف يعود على التدريس القانوني بفائدة عظيمة، والذي يفترض أن يرتبط بالواقع العملي ارتباطا وثيقا، القانوني الأكاديمي لا بد من ربطه بالواقع العملي والسماح له بمزاولة المحاماة إذا ما أردنا مخرجات قانونية بمستويات عالية تلبي حاجة سوق العمل، وتبقى الرخصة القانونية الحكومية حلا جيدا لرفع مستوى التأهيل وضبط الكوادر القانونية الحكومية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia