Al-Watan (Saudi)

هدوء نسبي ضمير متصل

رغم أنف أبي ذر مناهجنا الدينية 3

- عزة السبيعي

ذات يوم، وقفت حائرة أمام درس في كتاب الحديث والثقافة الإسلامية، كان الدرس يصف المرأة التي لا تغطي وجهها بأنها منزوعة الحياء، وكان لي موقفي من غطاء الوجه، وصار الآن من الحجاب، لكني لم أستطع سوى أن أعرضه على تلميذاتي وأطلب آراءهن، واستطعن بحماس نقد العبارة وإسقاطها بالضربة القاضية. من طالباتي، كانت هناك تلميذة أعتز بها، وهي إيناس البار، وهي إحدى الفائزات بجائزة التميز قبل فترة، وهي أيضا من منحني يوما جملة لا أنساها أبدا، وأتمنى أن يعيها كل معلم. قالت لي عندما تميزتْ في أمر آخر غير الجائزة، قالت: إن تميزي إنما جاء لأنك منحتني الحرية، فلم أخش شيئا وأنا ألقي وأنا أتكلم. يومها، اكتشفت أن إبداع هؤلاء الصغار وتميزهم، لا يمكن أن يمر أو يجد طريقه ونحن نستمر في تخويفهم. وفي الواقع، هذا ما يحدث في مناهج الدين في مدارسنا وجامعاتنا، بل إن هناك قاعدة متعارف عليها، ستجدها بارزة أمام عينيك، في كل مرة تفتح كتابا دينيا تلمح هذه القاعدة، إنك -مثلا- إذا سمعت الأغاني غير مستحل لها فأنت ارتكبت معصية، ولكن لو ستُحِلّها فأنت كافر. عبارة كهذه مخيفة جدا، ودافعة إلى التجرؤ على غضب الله عز وجل، ما دامت ستبقيني في دائرة الإيمان ولن تجعلني كافرا. آلاف الطلاب، بل الملايين منهم، يحجمون عن نقد آراء الرجال في الموسيقى والحجاب والنمص، وغيره، لمجرد أنهم يخافون من الكفر، فلا يهزون عروش الآراء لأنها ستكلفهم الكثير والكثير. مرةً، قال زيد حينما اعترض عليه ابن عباس في مسألة ثلث ما بقي، »أنت رجل تقول برأيك وأنا رجل أقول برأيي. ووقفنا نحن آلاف السنين لا ندرك أن ما قالوه آراء وليست بالضرورة ما يريده الله عز وجل، فلماذا ننقل هذا الشعور إلى جيل جديد تستوجب نهضتنا أن يكون ذا عقل ناقد متفحص، قادر على إيجاد الحقيقة التي يدركها عقله، وهو ملزم بها أمام الله عز وجل، ولا يخفى على من درس الشريعة قبح التقليد ووجوب التأصيل والقناعة، فمن أين جاء فكر التخويف والترهيب؟.

azza@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia