Al-Watan (Saudi)

توطين التقنية يتصدر أجندة ولي العهد

-

زيارة ولي العهد لأميركا وما حققته من نتائج أصابت أعداء النجاح في مقتل، ودفعتهم إلى الهرطقة والخطرفة بما لا يعلمون، وأفقدتهم توازنهم، وإطلالة بسيطة على قناة الجزيرة كافية للتأكد من تلك الحقيقة

يوما بعد آخر يؤكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عزمه المضي في سياسة الإصلاح والتحديث التي انتهجها منذ مبايعته وليا للعهد، حيث تشكل زيارته الحالية إلى الولايات المتحدة برنامج عمل لتنفيذ رؤية المملكة 2030 التي قامت أساسا على تطوير الاقتصاد السعودي، ونقله إلى مرحلة اقتصاد المعرفة، وذلك عبر الاستفادة من التقنيات والاختراعا­ت الحديثة، وبناء جيل سعودي جديد، متسلح بالعلم والمعرفة، ليتولى قيادة بلادنا خلال الفترة المقبلة التي لن يكون فيها مجال إلا لمن يحسن التعامل مع عالم التكنولوجي­ا الحديثة.

هذا التوجه اتضح جليا في تركيز سموه على زيارة أبرز جامعات العالم، ومحادثاته التي استهدفت معرفة الطرق الكفيلة بإحداث نقلة نوعية في جامعاتنا، وتعزيز علاقاتها مع تلك الجامعات المتقدمة، عبر تكثيف التعاون المشترك، وتبادل الزيارات بين القيادات التعليمية، وتعزيز التبادل العلمي، وتدريب القيادات، بما يعود على مؤسساتنا التعليمية بالنفع.

وامتد اهتمام الأمير محمد بقضايا التقنية، حيث حرص على توقيع عدد من الاتفاقيات النوعية، لنقل التقنية وتوطينها في السعودية، وبذلك تتحول بلادنا من مجرد مستهلك لمنتجات الآخرين إلى مساهم فعلي في تصدير التقنية إلى دول العالم، وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف الأسمى تم توقيع مذكرتي تفاهم مع شركة مايكروسوفت للمساهمة في تحقيق التحول الرقمي للمملكة من خلال الاستحواذ على الأنظمة ذات العلاقة بالذكاء الاصطناعي، ولبناء منظومة البيانات المتقدمة، وتحقيق الاستغلال الأمثل لتقنيات الجيل الرابع في مجالات عمل هذه الشركات، لرفع كفاءة العمل وتطوير الأعمال. إضافة إلى اتفاقيات أخرى مشابهة بقيمة تجاوزت مئات المليارات من الدولارات، سوف تسفر في المستقبل القريب عن إيجاد عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية المتميزة للشباب السعودي.

هذا التركيز الواضح يثبت حقيقة مهمة، هي أن القيادة السعودية متمسكة بتحقيق هدف رئيسي في كل خططها المستقبلية، وهو تمكين الشباب السعودي من الحصول على أرفع المهارات وأعلى أدوات المعرفة، وتوفير فرص التدريب العملي المتقدم له، إيمانا منها بأن إحداث أي نهضة علمية وصناعية وتقنية يستلزم إيجاد الأجيال المهيأة للقيام بها، ولا يتأتى ذلك إلا عبر تمليكها الأدوات التي تعينها على تنفيذ المهام الموكلة إليها. ولعل التوصل إلى تلك القناعة كان ناتجا عن إدراك سلبيات خطط التنمية التي نفذتها العديد من الدول العربية، حيث كان التركيز منصبا على تحقيق النهضة الصناعية، دون تجهيز الأجيال المؤهلة للحفاظ على المكتسبات التي يتم تحقيقها.

لكل ذلك لم تخل رؤية المملكة 2030 من وضع التدابير اللازمة لإيجاد أجيال شابة تسهم في صنع النهضة، وتتولى استمرارها، وتحرص على امتلاك أدوات المحافظة عليها واستمراريت­ها، لذلك تضمنت خطة طموحة لتطوير الجامعات التي هي معامل صنع الكفاءات الشابة، عبر استحداث مناهج تعليمية متطورة ومعاصرة، يتم إسنادها ببرامج تدريبية مستوحاة من الواقع، وبذلك تكتمل عملية إيجاد أجيال شابة مسلحة بالعلم الحديث، وتمتلك الخبرة -حتى قبل أن تتحول إلى سوق العمل- وذلك بواسطة برامج التدريب المرتبط بالواقع.

كذلك حرصت المملكة على الاستثمار في مجال التقنية مع الولايات المتحدة، عبر تأسيس صندوق استثماري لهذا الغرض، برأسمال يبلغ 100 مليار دولار، تكون المشاركة فيه مناصفة بين البلدين، إضافة إلى استثمار مشابه في مجال تصنيع الأسلحة، بمبلغ يصل إلى 128 مليار دولار في مجالات الأنظمة الدفاعية، بجانب توقيع مذكرات تفاهم مع شركات عريقة على غرار رايثيون، وبوينج، ولوكيهيد مارتن، وجنرال داينامكس، لتطوير أنظمة الطائرات والسفن الحربية والمركبات العسكرية، لتوطين %50 من الإنفاق العسكري في المملكة بحلول عام 2030، ضمن أهداف الرؤية. وكانت هذه الشركات قد حصلت خلال الفترة الماضية على تراخيص للعمل في المملكة، وبدأت خلال الأشهر الأخيرة في توسيع نطاق أعمالها، حيث بدأت شركة بوينج في السعودية تصنيع أجنحة الطائرات القتالية مثل ‪F 15‬والمحركات وغيرها، وأشار رئيسها مارك ألن في تصريحات صحفية إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد تسريع العمل في توطين الصناعة العسكرية في المملكة، إضافة إلى ذلك فقد تم تأسيس شركة ريثيون السعودية لتوفير قطع الغيار الحربية، وتطبيق البرامج التي من شأنها تعزيز القدرات الدفاعية للسعودية.

الجهد الكبير الذي يبذله ولي العهد -حفظه اللهخلال الزيارة، وما يتطلبه من تركيز ذهني عال، ومجهود بدني كبير، دفع الآخرين إلى سؤاله »متى تنام؟«، وهو سؤال يعكس ما يدور في خلد كثيرين ممن يتابعون ما يقوم به من عمل متواصل ليل نهار، وهو ذات التساؤل الذي طرحته مراسلة محطة CBS الأميركية خلال لقائها الشهير معه قبيل بدء الزيارة.

ولعل ما تحقق من نجاحات هو الذي أثار حفيظة بعض الكارهين واستجلب غيظهم وأحيا أحقادهم القديمة المتجددة، فحاولوا التقليل من أهمية الزيارة رغم نجاحاتها الواضحة، وسعوا إلى ترويج أن الولايات المتحدة طامعة في أموال السعودية وتحاول الحصول عليها، ولم يدر هؤلاء أن هذه هي طبيعة التعامل مع الدول الكبرى، فالمصالح الاقتصادية هي التي تحكم العلاقة معها، والمنفعة المتبادلة هي أساس التبادل التجاري، وإلا فهل يتوقعون أن يقبل الآخرون تقديم خدماتهم وخبراتهم بدون مقابل؟

الثابت هو أن الزيارة وما حققته من نتائج أصابت أعداء النجاح في مقتل، ودفعتهم إلى الهرطقة والخطرفة بما لا يعلمون، وأفقدتهم توازنهم، وإطلالة بسيطة على قناة الجزيرة كافية للتأكد من تلك الحقيقة، لكن ستظل محاولاتها للتشويش على الزيارة كمن يحاول الكتابة على سطح الماء، فما إن ينتهي من كتابة حرف حتى يأخذه الموج إلى قرار سحيق.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia