Al-Watan (Saudi)

التسƩول ومثلث المسؤولية

-

لا تكاد تنتهي صلاة الجمعة حتى يبدأ انتشار محترفي التسول، مستغلين مناسبتي الزمان والمكان الروحانيين بالعزف على وتر إغاثة الملهوف استدرارا لعواطف المصلين، واستخراجا لأموالهم واستدراكا على الإمام في واجب الأخوة في الدين.

في أحد المرات وقف اثنان منهم في نفس الوقت، ولكنّ واحدا منهم آثر زميله على نفسه في الحديث أولا، ثم تقاسما الأبواب كما تقاسما الحصيلة، بدت لي وكأنها عملية منظمة. كما ارتبط الانتظار عند الإشارة الحمراء بمفهوم التسول الفعّال، وذلك بتقسيم حصص الإشارات، وورديات العمل، وعلى مستوى تنسيق حركتي الذهاب والإياب تزامنا مع لوني الإشارة الأحمر والأخضر. لا تقلق... ففي حالة انشغالك سيتِم تنبيهك بالطرق على النافذة! ارتبط في ذهن الكثير طريق مكة ومحطات النقل الجماعي ومواقف سيارات الأجرة وغيرها بالمتسولين. كيف وصل الأمر لذلك المستوى! التسول ظاهرة قديمة لن نتمكن من القضاء عليها بشكل نهائي، لها أساليبها المتعددة والمتجددة. يُجيد المتسولون العزف على أوتار الدين والشهامة والكرم والرجولة وعتق الرقاب، ولهم قائمة تطول، ولا تحسبنّهم بمنأى عن التقنية، فهناك الكثير ممن يتسول عبر برامج التواصل بأساليب مبتكرة.

يقع واجب التصدي لهذه الظاهرة على ثلاثة أطراف هم: المواطن، والأجهزة الأمنية في الدولة، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية. لا يقتصر واجب أجهزة الدولة على ملاحقة والقبض على المتسولين، بل يمتد لمعرفة من ورائهم، وبالنزول عمقا لجذر الظاهرة بتفعيل دور وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للوقوف على أصل المشكلة ورفع التوصيات لحلّها. يقع على عاتق الجهات الخيرية التابعة لنفس الوزارة واجب عفّ كل محتاج في هذا البلد المعطاء، ولو اجتمع للجمعيات حسن التدبير وأمانة الأداء لما وُجد محتاج واحد. ولكن دور المواطن هو الفيصل في موضوع القضاء على هذه الظاهرة، فكيف للدولة أن تنهي ظاهرة يُسهم المواطن في تقويتها، وكيف لنا أن نعرف أن المتسولين لا يتلقون أي دعم من الجهات الخيرية -على أحسن تقدير- إن كانت لهم إثباتات، بل كيف لنا أن نعلم من يقف وراءهم؟ وأين تذهب كل تلك الأموال؟

ليَقم كل منا بواجبه تجاه إخوانه وذلك بثلاث خطوات: عدم التبرع لهؤلاء المخالفين، والتوجه بالتبرع للجهة الصحيحة، وإبلاغ الجهات ذات الاختصاص عن المتسولين.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia