Al-Watan (Saudi)

منز ة حسن الخلق

-

تبقى الأخلاق الشخصية لأي فرد بالمجتمع هي العنصر الرئيس الذي يميزه عن الآخرين، والخلق يعرف بأنه حسن التعامل مع الآخرين سواءً أكان ذلك بطلاقة الوجه أو ببذل المعروف أو حتّى بكف الأذى عن الناس، ويمثل حسن الخلق في الإسلام أهمية كبيرة، حثنا ديننا الحنيف عليه، بل إنّ أفضل الأخلاق أخلاق الإسلام التي يجب أن يتمثل بها المسلمون. حسن الخلق يكون بحلاوة اللسان واحتمال الأذى والصبر عليه، وقد كان النبي صلىّ الله عليه وسلـم قد أوصى أبو هريرة بوصيّة عظيمة جليلة ذات يوم، فقال له صلّى الله عليه وسلـم: (يا أبا هريرة، عليك بحسن الخلق)، فقال أبو هريرة للنبيّ عليه الصلاة والسلام وما حسن الخلق يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلـم: »أن تصل من قطعك وأن تعفو عمّن ظلمك وأن تعطي من حرمك«، الأخلاق سواء أكانت في المنزل أو في العمل أو في الشارع أو أي مكان آخر، هي التي تعكس قيمة الشخص ومكانته، وكثير من الناس أحياء بيننا نسمع البعض يتحدث عن أخلاقهم، بعيدا عن أي شيء آخر، وهناك أشخاص نفقدهم بالموت ويبقى ذكرهم حسنا، والدعاء لهم على كل لسان، في الحقيقة قبل أيام قليلة فقدنا أحد الأقارب وعم الحزن كل أرجاء المكان، وهذا أمر طبيعي حدوثه، ولكن الملفت الذي لمسته بشكل مختلف انطلاقا من الصلاة عليه ومرورا بدفنه في المقبرة ووصولا إلى بيت العزاء، أن هناك أشخاصا حضروا من بعيد للمشاركة، وكانت علامات الحزن والحسرة على فقده واضحة جلية.

وأثناء الجلوس ببيت العزاء، كان الحديث يدور حول أخلاقه وحسن تعامله مع زملائه طيلة مسيرته العملية، ووصفه الكثير بالبشاشة والأدب وحسن التعامل مع الجميع، حينها كان الحديث لبعض من زملاء العمل، وكنت أعتقد أن تلك من باب المواساة، ولكنني بعد ذلك الوفد التمست معزين آخرين من جنسية عربية، لا نعرفهم، ولكنهم تحدثوا عن الفقيد واستعرضوا بعضا من خصاله الحميدة ووفائه ومشاركته أفراحهم وأحزانهم، كانوا يتحدثون بحرقة وحزن يخالطه البكاء عن أخلاقه.

بقيت بمفردي مبحرا في سماء الخيال، لم يتحدث الحاضرون عن ماله أو مكانته أو أي شيء آخر من أعراض الدنيا، كانت الأخلاق والنبل هي محور الحديث، وهي التي أحضرت أناسا من مسافات بعيدة انقطعوا عنه من زمن طويل لحضور العزاء، لأن الأخلاق هي الباقية وهي التي تصنع للشخص مكانا في مجتمعه ومن حوله.

إنني أود إيصال رسالة بأن الأخلاق وحسن التعامل هما ورقة عظيمة تميز أي شخص عن الآخرين، ليس في الحياة فحسب بل وحتى بعد الممات، بينما سوء الخلق صفة مذمومة تجعل الجميع يبتعد عن صاحبها، ويتجنبون مجالسته والحديث معه، إن الخلق الحسن ليس تصنعا بل هو طبيعة شخصية يتم تنميتها والحفاظ عليها، ومن أهمّ الصفات التي يجب أن تلازم صاحب الخلق الحسن أن يكون قليل الكلام وكثير العمل، وقليل الزلل والفضول، وأن يكون أيضاً بارّاً بوالديه، واصلاً لرحمه، وللصالحين من حوله، وأن يكون وقوراً وصبوراً، وأن يكون حليماً وراضياً وشكوراً، وألا يكون لعّاناً ولا فحّاشاً ولا سباباً، ولا نمّاماً، ولا حسوداً، ولا مغتاباً، وأن يكون حبه لله وكرهه من أجل الله، وأن يكون غضبه من أجل الله عزّ وجل.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia