Al-Watan (Saudi)

هدوء نسبي ضمير متصل

مذكرات معلمة لا تحتاج لإجازة

- عزة السبيعي

ربما كان يوماً صيفياً غريباً عندما تقدمت لكلية التربية بجدة، كان الزحام شديدا جداً، وكانت هناك امرأة تصرخ: فقط الامتياز تدخل، كانت وقتها كلية التربية حكراً على أصحاب الدرجات الأفضل، وكانت حلما لكل فتى وفتاة متفوقين في النصف الثاني من التسعينات. لا أعرف من علمني أن أبحث عن نقطة قوتي وأستخدمها في تدريسي، لكني عثرت عليها في قدرتي على كتابة القصص، فحولت الكثير من الدروس إلى مسرحيات. مسرحية عن أنواع الحج، ومسرحية عن مسألة أصولية ومناظرات، وكان ذلك يأخذ وقتاً طويلاً بعد الدوام المدرسي الذي تقضيه صغيرتاي نورة ومشاعل حينها نائمتان في غرفة المعلمات بينما أنا مع فصلي في المسرح. وكان هناك العديد من المعلمات مثلي، أذكر منهن أهمهن إنجا الجدعاني، وهي مشرفة في تعليم جدة الآن، وكنت دائما على خلاف معها في من يحتل نشاطه مسرح المدرسة، وغالباً كانت المديرة تتدخل لوضع جدول حتى لا يتسع الخلاف. هذا العام أثناء رحلتي العلمية لإدارة تعليم جدة التقيت بإنجا في مكتب جنوب جدة كنت أنهيت اجتماعا مع مديرة المكتب الصديقة العزيزة الأستاذة هيفاء العريشي، ووجدت إنجا أمامي مشمرة عن أكمامها مما يبدو معه أنها ذاهبة للوضوء، فوقفت في منتصف الطريق مبتسمة أنتظر أن تكتشف وجودي، فوجدتها تصرخ وتقبل محتضنة، تلمع الدموع في عينيها وعيني. قلنا الكثير عن شعور بافتقاد المدرسة وحنين للطوابير الصباحية وبروفات الأنشطة وحصص الاحتياط، ومسابقات الفصول، والتلميذات المشاغبات اللواتي نتفق على إرسالهن للمسرح والنشاط ليخرجن طاقاتهن وإبداعهن، كان التدريس متعة حقيقية، واليوم الدراسي يمتد لنا حتى المغرب في ذروة الأنشطة، ووقتها كنا على ما يسمى بند 105 بمكافأة مقطوعة لا تتجاوز 4 آلاف ريال لكن الجميع كان يعمل ويحب ما يعمل. ما الذي تغير وأصبح معه المعلمون غاضبين ملولين؟ هل تم إرهاقهم وشغلهم بعيدا عن جوهر عملهم فكرهوا التدريس والمدرسة أم أن كليات التربية فتحت الباب للجميع فظن الجميع أن التدريس مهمة سهلة »خذ راتبك وامش«،؟ إنه سؤال كبير لا يجيب عنه مجرد صفحة مذكرات.

azza@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia