Al-Watan (Saudi)

القضاء على تلوث النفايات البلاستيكي­ة واليوم العالمي للأرض 2018

- ماتياس ميتمان

حينما تتسرب النفايات غير المعالجة إلى محيطاتنا فإنها تؤدي إلى تلوث المياه التي نشربها وتهدد الحياة البحرية، وتكلف مليارات الدولارات لمصايد الأسماك والقطاع السياحي وغيره من المجالات. عرفت جدة منذ عهد طويل بأنها »عروس البحر الأحمر« وهي تتعرض بشكل خاص لمخاطر محتملة ناجمة من رمي المخلفات والنفايات البحرية التي تضر بالنظام البيئي في البحر الأحمر. وجدة ليست المدينة الوحيدة التي تواجه تلك المشكلة فهي تعتبر مشكلة بيئية عالمية واسعة الانتشار. لذلك تم تخصيص موضوع يوم الأرض لهذا العام للقضاء على تلوث النفايات البلاستيكي­ة.

منذ عام 1970 تعتمد الولايات المتحدة اليوم العالمي للأرض في 22 أبريل من من أجل رفع التوعية بالتحديات البيئية، والاحتفال بالتقدم المحرز في مجال حماية البيئة على مدى العقود الماضية. وبمناسبة اليوم العالمي للأرض 2018، نود أن نلفت الانتباه إلى النمو الهائل في حجم النفايات التي يتم التخلص منها بطرق غير سليمة والنفايات البحرية وخاصة المخلفات البلاستيكي­ة الصغيرة. واستنادا إلى ما تقوم به المملكة العربية السعودية من تطوير صناعة السياحة على ساحل البحر الأحمر وتنويع اقتصادها لتحقيق رؤية 2030، فإن لديها فرصة فريدة لقيادة المنطقة في التعامل مع المخاطر البيئية بشكل مسؤول.

تشاطر الولايات المتحدة مخاوفها بشأن النفايات البحرية والمخلفات البلاستيكي­ة الصغيرة، والتهديد المتزايد للحياة البحرية في البحر الأحمر، وهي ملتزمة بتعزيز مزيد من الوعي بهذه القضايا وتأثيرها على الحياة البحرية والصحة البشرية. لتحقيق هذا الهدف فقد قامت القنصلية العامة للولايات المتحدة في جدة بتسهيل مشروع المختبر الدبلوماسي الذي تتولاه وزارة الخارجية الأميركية والذي استهدف ربط الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من جامعة إنديانا وجامعة بوردو إنديانابول­يس IU-PUI)( مع خبراء في مؤسسات التعليم العالي السعودية. هذه الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي قادها مكتب الشراكات العالمية التابع لوزير الخارجية عملت على تسخير جهود الطلاب والخبراء المختصين، في كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، إضافة إلى الدبلوماسي­ين، لتحديد المخاطر البيئية في البحر الأحمر والتوصية بحلول متنوعة، بما في ذلك مجالات السياسة العامة والتكنولوج­يا.

ما هي أكثر القضايا البيئية إلحاحًا التي تهدد النظام البيئي في البحر الأحمر؟ حدد فريق مختبر الدبلوماسي­ة قضايا بعينها مثل: قتل الأسماك وانحسار الشعاب المرجانية والمخلفات التي ترمي على الشاطئ بأنها إشكاليات قابلة للتعاون حولها من خلال الاستجابة المحلية. وبإجراء تعديلات على الأنظمة ووسائل الرقابة والرصد والإنفاذ فيما يتعلق بالبيئة يمكن التخفيف من آثار هذه القضايا الثلاثة. في واقع الأمر، تتخذ المؤسسات والشركات السعودية بالفعل إجراءات للحد من النفايات التي تجد طريقها إلى شواطئ البحر الأحمر. خلال فترة وجودي في جدة وجولاتي حول المنطقة الغربية قابلت العديد من رجال الأعمال والخبراء والناشطين الذين ساهموا في إيجاد حلول مبتكرة لحماية الحياة البحرية والحد من انتشار النفايات البلاستيكي­ة.

التحدي العالمي للنفايات أمر مقلق. ولكن يظهر اليوم جيل جديد من رواد الأعمال في مجال النفايات في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى، مما يضع حلولاً جديدة للنفايات. كما تسهم تقنيات إعادة التدوير الجديدة المدهشة في إعادة البلاستيك وتحويله لنوع من الوقود. وفي الاقتصادات المتقدمة، ومن المؤمل أن تسهم نظم التجميع التي تستخدم البيانات الكبيرة والروبوتات والذكاء الاصطناعي AI)( في تحسين عملية التجميع وتسريع الخطى نحو الاقتصاد القائم على حسن توظيف الموارد. وعلى المستوى المحلي، هنا في القنصلية العامة بجدة، نتواصل مع الشركاء السعوديين الذين يركزون على الحفاظ على البيئة بهدف زيادة الوعي وتسهيل التواصل الذي يساعد الهيئات السعودية على التعاون مع الهيئات الأميركية لتعلم طرق وآليات تطبيق الإجراءات البيئية. أما على المستوى العالمي تلتزم الولايات المتحدة بمعالجة القضايا البيئية على المستوى الثنائي وفي المحافل الدولية مثل مجموعة السبعة ‪G 7‬ ومجموعة العشرين ‪G 20‬ومجموعة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ APEC وغيرها. نحن نعمل مع دول مجموعة السبعة من أجل التنسيق الأفضل بين مختلف البلدان فيما يخص المبادرات التي تدعم الأبحاث الإضافية حول المخلفات البلاستيكي­ة الدقيقة، وتأثيرها على صحة الإنسان، وتحسين المراقبة العلمية، والاستخدام الأمثل للموارد من أجل استعادة النفايات وتقليلها وإعادة تدويرها وإعادة توظيفها.

سوف يصبح البحر الأحمر وجهة سياحية لسنوات قادمة. لكن حمايته تبدأ الآن. فهو موطن لكثير من أنواع الأسماك، ومصدر عظيم للمياه، وله تأثير اقتصادي كبير نظرا لدوره في صناعة النقل البحري. وكما هو معلوم يتدفق السياح السعوديون إلى الشاطئ الغربي للاستمتاع بمياهه الزرقاء الصافية والشعاب المرجانية الجميلة والأنشطة الترفيهية مثل الغوص والغطس. إن النجاح الاقتصادي المتحقق من مجال السياحة على طول الساحل سوف يعتمد بشكل كبير على سلامة وجمال البحر الأحمر نفسه. وكما جاء في توصية فريق المختبر الدبلوماسي فإن هناك إجراءات يمكن أن تنفذها كل من الجهات العامة والخاصة للحد من التلوث وضمان وجود مياه البحر الأحمر النابضة بالحياة والصحة. وتشمل بعض هذه التوصيات إنشاء بنية تحتية فعالة لجمع القمامة وإدارتها بواسطة أنظمة الشواطئ العامة والوجهات السياحية؛ وإطلاق مبادرات عامة وخاصة للحد من التلوث البلاستيكي وتشجيع إعادة التدوير، وتيسير الوعي العام بحماية البيئة لجعل السكان أكثر دراية بمسؤولياته­م ودورهم الفردي في التقليل من النفايات والحماية البيئية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia