كيكابلفيية تحسين جودة التعليم

كلنا يعلم مدى أهمية جودة التعليم في تطور وحضارة الأمم، والتعليم كلمة أوسع من أن نحصرها في المنهج الدراسي بل تشمل أيضاً أسلوب الحياة من قيم ومبادئ وأخلاق، ونرى أمام أعيننا تجارب الأمم الأخرى التي كانت منذ عقود لا تتجاوز أصابع الكف الواحد، مصنفة من دول العالم الثالث، ثم وصلت إلى مصاف دول العالم الأول، والأمثلة على ذلك واضحة في كل من كوريا الجنوبية، وسنغافورة، وماليزيا.

أحد أهم أدوات تحسين جودة التعليم هو المعلم الذي يوكل إليه تعليم النشء، وقال السلف في أسلوب التربية والتعليم - والكلام موجه إلى الآباء ويمكن أن يعمل به أيضا المعلمون - »لاعب ابنك سبعاً، وأدبه سبعاً، ثم راقبه سبعاً«، بعد سن الواحدة والعشرين لن تجني إلا ما حصدت، وهو قريب من العمر الذي يتخرج فيه الطالب من المرحلة الجامعية مواجهاً الحياة العامة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

نعود إلى موضوعنا الأساس وهو المعلم ركيزة جودة التعليم في كامل المنظومة، فهو حجر الأساس وعمود الخيمة، هذا المعلم - والحديث هنا يشمل المعلم والمعلمة - لديه شهران إجازة سنوية لا تستفيد منه منظومة التعليم، على أساس أن إجازة المدارس الصيفية هي ثلاثة أشهر، منها شهر إجازة رسمية سنوية للمعلم كموظف دولة، يتبقى شهران مهدران لطاقات وكفاءات يعول عليها مستقبل جيل بأكمله، وبالتالي مستقبل دولة سيقودها ذلك الجيل.

اقتراحي هنا للشهر الأول بعد انتهاء العام الدراسي تنظم فيه ورش عمل وجلسات عصف ذهني على مستوى كل مدينة، يُستمع فيها للمعلم عن سلبيات وإيجابيات المناهج الدراسية وأسلوب وطريقة التدريس، وكامل المنظومة التعليمية من مدة الحصة الدراسية، عدد الحصص، مدة الاستراحة بين الحصص، بيئة المدرسة، تجهيزاتها من الأثاث، المعامل، الأدوات المساعدة، حصص النشاط، النظافة العامة... إلخ، ثم يتم الاستماع إلى مقترحات هؤلاء المعلمين في كيفية القضاء على السلبيات وتعظيم الإيجابيات. هذه الورش وجلسات العصف الذهني المنعقدة في كل مدينة تُرفع بعد تحديد ما يتفق عليه الأغلبية من سلبيات وإيجابيات وأساليب القضاء على السلبيات وتعظيم الإيجابيات، إلى المنطقة التعليمية التابعة لها المدينة، وتقوم إدارة المنطقة التعليمية بنفس عملية الفرز لكل ما يصلها من سلبيات وإيجابيات ومقترحات باختيار رأي الأغلبية، وترسل إلى الوزارة التي تحيل الأمر إلى ذوي الصلاحية لاتخاذ القرارات الكفيلة للقضاء على السلبيات وتعظيم الإيجابيات وتنفيذ المقترحات.

الشهر الذي يسبق بداية العام الدراسي الجديد يخصص لعقد دورات لإطلاع المعلمين على آخر ما توصلت إليه الدول المتقدمة تعليمياً في أساليب التعليم، ويكون ذلك من خلال مدربين متخصصين في مجالهم وعلى أعلى مستوى من الاحترافية.

التعليم العام المتميز يجب ألا يكون حكراً على أبناء الميسورين من خلال دراستهم في مدارس خاصة أو مدارس دولية، التعليم العام يجب أن يكون متميزاً لكافة أبناء الوطن بكافة مستويات الدخل في جميع مدارس المملكة، تميزاً يجعل من جميع مدارسنا على مستوى واحد من الكفاءة، بحيث يسجل الأب ابنه في أقرب مدرسة من منزله وهو على يقين أن ابنه سيحصل على نفس الجودة التعليمية التي يحصل عليها أي طالب في المملكة، هذا الأمر له إيجابية ستنعكس فوراً على ازدحام الشوارع الرئيسية في أوقات دخول وخروج المدارس، فالأغلبية سيصلون إلى مدارسهم سيراً على الأقدام أو من خلال سيارة تسير داخل الحي لا حاجة لها لاستخدام الطرق الرئيسية في المدينة.

اثنان في واحد: رفع جودة التعليم، وحل مشكلة السير.