Al-Watan (Saudi)

انسي مثل العقاد ونيتشه

- عزة السبيعي

أتابع المذيعة المصرية رضوى الشربيني في برنامج موجّه إلى المرأة المصرية والعربية عموما. تتلقى رضوى رسائل مختلفة من سيدات مصريات يحكين قصصهن وتجاربهن. إحدى هذه الرسائل أبكت رضوى، وأبكتنا، إذ تحدثت فيها فتاة عن علاقة خطوبة ربطتها بشاب، وفسخها هو دون أن يبرر لها شيئا، واختفى تماما. أنهكها الحزن حتى أصيبت بالسرطان، وأخذت القصة منحى آخر لم يستوقفني بقدر ما استوقفني أن تغرق فتاة جميلة في الحزن لشخص ما، جَبُن أن يواجهها بسبب ما حدث. أحلام مستغانمي تقول: انسي كما ينسى الرجال، وهي نصيحة قيّمة جدا، وتستحق الوقوف عندها فعلا. لكن كيف ينسى الرجال؟ في الواقع، هناك تجربة عباس محمود العقاد في نسيان الجميلة مديحة يسري، والتي كانت تلميذته التي علّمها العربية والشعر، وهام عشقا بعينيها وهي في العشرين وهو في الخمسين، لتفاجئه أنها تريد أن تصبح فنانة، ثم تهجره بعد عشرات الخيارات الأكثر وسامة وشبابا، ولقد كتب عن بكائه عليها فقال: وبكيت كالطفل الذليل أنا الذي ما لان في صعب الحوادث مقودي ويقال، إنه طلب من أحد الرسامين أن يرسم قالب كيك يحوطه الذباب، ووُضعت اللوحة أمام سريره، فكان يستيقظ ويتذكر أنها انتهت، هكذا حتى قضى على كل شعور بالحب نحوها، وكيف لمشاعر جميلة أن تبقى إذا تصورنا أنها لشخص مليء بالعيوب. مثل العقاد أيضا نيتشه، وهو أكثر غرورا وقسوة، كان قد أحب روسية جميلة اسمها لو، لكنه عندما اختارت رجلا غيره، خاطبها بقوله: إنه حزين، لأنك وضعت بدلا من نيتشه العظيم رجلا أحمق. وفي الواقع، هي طريقة جيدة لتعزية النفس، فماذا تفعل بشخص ذوقه متدنّ، لا يستطيع أن يدرك جمالك وقيمتك، ولقد خبرت في حياتي كثيرا من البدويات اللواتي يستخدمن هذه الطريقة، ليس لتهوين الأمر عليهن فقط، بل لإذلال أزواجهن الذين تزوّجوا عليهن، فتبدو بعد زواجه أجمل وأكثر اعتزازا، ولا تنسى كلما رأت نظرة الإعجاب في عينيه أن تذكّره بعيب من عيوب زوجته الجديدة، وهذا في الواقع يجعل البدويات أكثر دهاء من نيتشه فيما يخص الحب والجراح.

azza@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia