Al-Watan (Saudi)

معلم جديد بقرار قديم

- فاطمة السهيمي

قبل عشرات السنين، وربما منذ بزوغ فجر التعليم في بلادنا، تم تحديد نصاب المدارس الابتدائية بتسعة معلمين لكل ستة فصول، كان ذلك منذ قديم الزمان،

ومرت السنون، وتعاقبت الأحداث، وتطورت المناهج، وزاد عدد الحصص، وتشعبت الأنشطة، وزادت الأعباء، وما زال القرار الأثري ساري المفعول.

وبحسبة سريعة لعدد الحصص في المرحلة الابتدائية، فإن نصاب المعلم حاليا 25 حصة، فإذا طرحنا 6 حصص لغة إنجليزية باعتبار معلمها يأتي منتدبا من خارج المدرسة، فإن نصاب كل معلم يكون 24، فإذا أضفنا لها 4 حصص نشاط وهي ساعة كاملة وليست 45 دقيقة، أي أنها أكثر من 5 حصص فإن النصاب يكون أكثر من 25 حصة أسبوعيا، أي 1145 دقيقة يشرحها المعلم واقفا في الأسبوع، وهو ما يعادل 19 ساعة، أي 4 ساعات يوميا تقريبا، من العمل الفعلي، وأي عمل، فالعمل مع الأطفال والمراهقين لا يعادله عمل، ولا يقارن به أي عمل مدني آخر.

وإذا حسبنا راتب المعلم المستجد وقسمنا على عدد الساعات الفعلي مستثنين إجازات نهاية الأسبوع، فإن أجر المعلم على الساعة الواحدة لا يزيد عن 90 ريالا، فهل جرب أحدكم أن يشرح لطفله - الذي هو قطعة من روحه - ساعة أو ساعتين متواصلتين ليوم واحد فقط.!؟، لطفل واحد فقط؟ وهل أحدكم مستعد لشرح درس واحد لمجموعة من أولاد الجيران مقابل 90 ريالا للساعة؟

جربوا أن تصبحوا معلمين ليوم أو يومين، لكي تشعروا بفظاعة أن يشرح المعلم خمس أو ست حصص متتالية، هذا يسمى استنزاف لطاقة المعلم، ومهما أبدع في الحصص الأولى فسيصل الحصص الأخيرة وهو منهك القوى، منتهي الطاقة، فهل تتصورون أنه ما زال ينتظره بعد هذا الإنهاك، مهمة أكثر صعوبة هي المناوبة، التي تبدأ بالاصطفاف الصباحي وتبلغ ذروتها في الفسحة، وتنتهي بانصراف الطلاب، والأمر لا ينتهي عند هذا الحد، فكل معلم ومعلمة يجب أن ينال نصيبه من التنسيق، ولنبدأ بالبرامج الوزارية مثل رفق والسلوك الإيجابي وحصانة وارتقاء والجودة وخط الطفل المساند والموهبة، بل والإرشاد والنشاط، وجميعها، في مدرستي على الأقل ليس لها مسؤول متفرغ، بل يتم إسنادها بكافة ملفاتها وأوراقها ومتطلباتها وتقاريرها وفعالياتها لمعلم يترنح بين الفصل والممرات والأوراق.

فيا وزارتنا الجميلة، وأنت للمعلم أب شفوق وأم رؤوم، ويا وطننا الكبير وأنت تعتبر المعلم أهم أدوات التقدم، وأهم جنودك في معركتك الضارية ضد أعداء الداخل والخارج.

مزقوا القرارات القديمة، فنحن على أعتاب مجد جديد، وفرغوا المعلم للتعليم والتربية بحصص متوازنة تسمح له بالراحة بعد العطاء، فلا أحد يجيد هذا العمل الشاق غيره، حرروه من تحرير الورق وحشو الملفات بالبرامج والمشاريع، فهناك من يجيد هذا العمل غيره.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia