Al-Watan (Saudi)

قلاع أبها والفرص الضائعة

-

لا يُعقل أن تبقى قلعة أبوخيال التاريخية خربة ووكرا للمجهولين، إذ لم يعد إهمال هذه القلعة ذات الإطلالة الرائعة أمرا مقبولا ولا معذورا. فموقعها المميز له جدوى استثمارية هائلة، ولا أقتصر هنا على الاستثمار المادي فحسب، بل أرمي أيضا إلى استثمار الثقافة والتاريخ المتمثلين في تلك القلاع الحربية المشيدة على قمم جبال أبها، وهو ما تفعله مدن العالم المتحضرة.

في عام 2012 عندما خرج إلينا مدير التخطيط والتطوير في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة عسير قائلا، عبر التلفزيون السعودي، »إن قلعة أبوخيال تمت ترسيتها على مقاول، والعمل فيها قد بدأ وسيستغرق من ‪4- 3‬ أشهر.«

استبشرنا كثيرا بتصريحه الرسمي، لكن ما لبثت البُشرى أن تحولت إلى خيبة أمل كبيرة، فعلى الرغم من مرور 6 أعوام، ما تزال قلعة أبوخيال مهملة ومهدمة، ولا نكاد نجد طريقا يؤدي إليها، بعد أن قُضم الجبل من معظم جهاته. هل لدى الهيئة توضيح بشأن تلاشي هذا المشروع؟

ثم سُررنا كثيرا حينما أعلنت الهيئة إدراج قلعة شمسان ضمن خطة عام 1434 لترميمها وإعادة تأهيلها، وتمت ترسية المشروع على أحد المقاولين بقيمة تقارب 4 ملايين ريال في بداية عام 1436، على أن تكون مدة التنفيذ 16 شهرا لينتهي المشروع بتاريخ 9/ 6/1437، ومنذ تاريخ الانتهاء وحتى كتابة هذا المقال ظلت القلعة على حالها السيئ!

فقد سُحب مشروعها من المقاول؛ وبررت الهيئة ذلك لعدم التزام المقاول بالشروط والمواصفات الفنية والعقد، وتدني نسبة إنجازه خلال هذه الفترة، إذ كانت نسبة الإنجاز الكلية للمشروع لا تتجاوز 5% خلال 11 شهرا من تاريخ تسليم الموقع وحتى صدور قرار السحب.

هذا التعثر المتكرر سبّب حالة من الإحباط لمواطن يريد أن يرى تراث مدينته مصونا بشكل ملائم؟ هل يا تُرى مَكْمَن الخلل في بيروقراطية الهيئة وتخطيطها، أم في تنفيذ المقاولين؟ وإلى متى التأخير والمماطلة في تهيئة هذه القلاع المهمة؟ إذا كانت المؤسسات الوطنية لا تملك الكفاءة العالية في الترميم، حسب المعايير اللازمة، فلم لا يستعان بشركات أجنبية أكثر احترافية ولديها قُدرة إنجاز هذه المشروعات على الوجه المطلوب؟.

لكن الغريب، أن قلعة شمسان موجودة في خارطة أبها للمعالم السياحية!، كيف ستكون ردة فعل السائح عندما يُفاجأ بوضعها المتردي؟

للأسف الشديد، تُركت قلاع أبها أطلالا دون أي اهتمام ملحوظ، كقلعة الدقل المتهالكة الواقعة في الشمال الغربي من المدينة، اكتفت فيها الهيئة بلوحة تعريفية فقط!

وبالمناسبة، لا نجد لوحة مماثلة عند قلعة شعار، والتي باتت أنقاضا بسبب التقاعس وعبث الباحثين وراء الوهم، فقد خربوا الجدران وحفروا القيعان بحثا عن كذبة الذهب، إذ داخل إحدى غرف القلعة توجد فوهة معقودة بعقد نصف دائري، وهذا الشكل الهندسي جذب أولئك الجهلاء سُراة الليل لهدمه وضعضعته، بُغية الحصول على شيء ثمين قد يكون مُخبأ!ً، لم يعلم الحمقى أنه مجرد فرن كان يُخبز فيه سابقا. حتى النقش الكتابي الموجود على أحد أحجار الجدار الشرقي للقلعة، والذي يؤرخ لبعض الفرق العسكرية العثمانية التي كانت متمركزة فيها عام 1332هـ، لم يسلم هو الآخر من عبث هؤلاء المجرمين بحق التراث.

ومع هذا، نتفاءل بأن تُكمل الهيئة العليا لتطوير منطقة عسير ما عجزت عنه هيئة السياحة والتراث الوطني بعسير، فإن لم تستطع تحقيق ذلك، لا بد من تضافر جهود أمانة عسير، وهيئة تطوير عسير، وهيئة السياحة والتراث بعسير، لسرعة الحفاظ على القلاع الحربية التاريخية في مدينة أبها واستغلالها جيدا، لتصبح عاملا من عوامل الجذب السياحي وموردا اقتصاديا مهما .

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia