عصر انعدام الأمن
خلال العقد الماضي، أصبحت العديد من الدول الديمقراطية الهامشية سلطوية بشكل متزايد، ونمت السلطوية والحركات الشعبوية المعادية للأجانب بشكل قوي يهدد صحة الديمقراطية على المدى الطويل في عدة ديمقراطيات راسخة، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وهولندا والسويد والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. فما مدى قلقنا بشأن مستقبل الديمقراطية عموما؟ الخبر السار هو أنه منذ ظهور الديمقراطية الممثلة (النيابية) لأول مرة، فقد انتشرت، مدفوعة إلى الأمام من قبل قوى التحديث. وكان هذا النمط من التقدُّم قد تبعته بعض الانتكاسات، لكن النتيجة كانت عددا متزايدا من الديمقراطيات، بدأت بحفنة قليلة في القرن التاسع عشر ارتفعت اليوم إلى نحو 90 دولة مصنفة ديمقراطية. أما الأنباء السيئة هي أن العالم يشهد أسوأ نكسة ديمقراطية منذ ظهور الفاشية في ثلاثينات القرن الماضي. إن السبب المباشر لزيادة دعم الحركات الشعبوية المستبدة التي تنم عن كراهية الأجانب هو رد الفعل ضد الهجرة، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية. لقد أدى ذلك إلى تغيُّر ثقافي سريع، وإلى تدني الأمن الوظيفي الذي يُعانيه الكثيرون في العالم المتقدم. ولقد جعلت التحولات الثقافية والديموجرافية الناخبين الأكبر سنا يشعرون وكأنهم لم يعودوا يعيشون في البلد الذي ولدوا فيه. كما أن اعتماد البلدان ذات الدخل المرتفع على التكنولوجيا لتحل محل الإنسان في بعض الأعمال، مثل الذكاء الاصطناعي، لديه القدرة على جعل الناس أكثر ثراء وصحة. وبالطبع لا يوجد شيء محتوم بشأن التدهور الديمقراطي. قد يستمر الرخاء المتزايد في نقل معظم البلدان النامية نحو الديمقراطية، على الرغم من أن المسار، كما هو الحال دائما، ليس مسارا خطيا. وفي العالم المتقدم سوف تستمر الموجة الحالية من الاستبداد فقط إذا فشلت المجتمعات والحكومات في التعامل مع الدوافع الكامنة لذلك. وإذا ظهرت تحالفات سياسية جديدة لعكس اتجاه عدم المساواة وضمان تقاسم فوائد التشغيل الآلي على نطاق واسع، فيمكنها إعادة الديمقراطية إلى مسارها الصحيح، لكن إذا استمر العالم المُتقدم في مساره الحالي فإن الديمقراطية قد تنحسر، إذا لم يكن هناك شيء محتوم بشأن معالجة تدهورها.
* أستاذ الديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة ميشيجان - مجلة (فورين أفيرس) - الأميركية