Al-Watan (Saudi)

الهجرة ستقود السياسة الغربية لعقود مقبلة

- جدعون راتشمان*

يُثير جيل من المستشارين السياسيين العالميين الشعار المزعج »إنه الاقتصاد، يا غبي«، لكن الهجرة الآن تنافس الاقتصادات كقوة دافعة في السياسة الغربية. من الناحية الاقتصادية، إنه من المنطقي بالنسبة للبلدان الغنية والمتقدمة، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، أن تستقطب عمالا جُددا ومواطنين أصغر سنا من الدول المجاورة. لكن انتخاب دونالد ترمب والتصويت لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كانا مدفوعين بمخاوف من الهجرة غير الخاضعة للرقابة، إذ وعد ترمب »ببناء جدار« على طول الحدود المكسيكية، وتعهد »البريكسترو­ن« باستعادة السيطرة على الحدود من الاتحاد الأوروبي. من الواضح أن هذه ليست مجرّد ظاهرة أنجلو- أميركية، ففي ألمانيا كان التراجع في حظوظ المستشارة أنجيلا ميركل السياسية مرتبطا ارتباطا وثيقا بقرارها لقبول أكثر من مليون لاجئ ومُهاجر إلى ألمانيا عام 2015. وفي المجر، فاز فيكتور أوربان، وجه الشعبوية في وسط أوروبا، بإعادة انتخابه بعد حملة تقوم على إثارة المخاوف بشأن الهجرة. وحزب الحُرية النمساوي المناهض للمهاجرين هو الآن في الحكومة، ورابطة مكافحة المهاجرين الإيطالية في وضع جيِّد يُمكنها أن تحذو حذو النمسا. وفي فرنسا، وصلت الجبهة الوطنية إلى الجولة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية. وفي السويد، يستعد الديمقراطي­ون من أقصى اليمين بنسبة 20% لخوض الانتخابات في سبتمبر القادم. وفي العقود القادمة، من المرجَّح أن تزداد الأزمات بسبب الضغوط الديموجراف­ية والاقتصادي­ة في إفريقيا. تُعد نيجيريا أكبر مصدِّر للمهاجرين المحتملين الذين يعبرون البحر المحفوف بالمخاطر إلى إيطاليا. وقد ارتفع عدد سكان نيجيريا من 45 مليونا عام 1960 إلى 187 مليونا اليوم، ومن المتوقع أن يصل إلى 410 ملايين بحلول عام 2050. وقد توقَّعت المفوضية الأوروبية أن عدد سكان نيجيريا وحدها يمكن أن يكون أكبر من عدد سكان الاتحاد الأوروبي كله بحلول عام 2060. وبشكل عام، من المتوقع أن يزداد عدد سكان إفريقيا بنحو مليار شخص على مدى 30 عاما القادمة. وعلى النقيض من ذلك، فمن دون الهجرة، سيتقلص عدد سكان الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ، مع تقدمهم في العمر. ومع أن الضغوط الديموجراف­ية ليست واضحة تماما في الأميركيتي­ن، إلا أن الفقر والعنف اللذين يدفعان كثيرا من سكان أميركا الوسطى إلى محاولة رحلة خطرة إلى الولايات المتحدة، لن يكون من السهل القضاء عليها. وبما أن قوى السياسيين الغربيين لا تتصرف في اتجاه واحد، فستواصل جماعات حقوق الإنسان والمحامون الضغط على الحكومات الغربية، لمعاملة المهاجرين معاملة كريمة واحترام القانون الدولي. وتشير الاتجاهات السكانية إلى أن الهجرة ستستمر في دفع السياسة الغربية إلى الجيل القادم. وما لم يتمكن الساسة الوسطيون في الولايات المتحدة وأوروبا من التوصل إلى طرق جديدة للتعامل مع هذه القضية، فمن المرجَّح أن تتسارع الحركة نحو الشعبوية اليمينية.

*كبير محرري الشؤون الخارجية بصحيفة – (الفاينانشي­ال تايمز) - البريطانية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia