Al-Watan (Saudi)

مأدبة البلوت الصحية

كنا ننتظر من الوزارة حل مشكلاتها المتراكمة المتعلقة بالموظفين والمرضى والمراجعين ومنشآتها على حد سواء، حل مشكلات الترقيات مثلا

- سعود الشهري

أعلن مستشفى تابع لوزارة الصحة في الطائف إقامة دورة للبلوت في رمضان المبارك، وعلّقت وزارة الصحة على ذلك بأن هذا الإجراء »يحسّن بيئة العمل !«

جاء تعليق الوزارة راسما موقفا جليا غير مُرضٍ تجاه منشآتنا الصحية، بما فيها من موظفين وأدوات ومواد، فقد رأت الوزارة بذلك أن تمد الموظفين بـ»وصفات« لإتقان البلوت، ولا يمنع أن يشارك بعض المرضى -خصوصا الذين لم يجدوا أدوية للصرع أو الضغط أو شرائط تحليل السكر أو بعض المضادات الحيوية- لا مانع من أن يشاركوا في اللعبة، ولا نعلم هل سيمتطي المريض »اللاعب« صهوة جواد »الهاص« أو »الديمن«!

وربما كان من نتاج هذه الفعالية الغريبة جدا، أن يصرف لكل مريض »درزن« باصرة بدلا من علاج الضغط!

مشهد استوقفني كثيرا وأبكاني أكثر من الاستيقاف، أول الأسباب المبكية هو أن ينسى المرفق المهم هذا دوره الأساسي جدا، وهو ببساطة علاج الناس وتوعيتهم، ويتجه إلى إقامات فعالية يصرف عليها ما يصرف من المال، وتستنزف ما تستنزف من الوقت، وتكون في الأخير »لعبة بلوت« لا تمت إلى الجانب الصحي بأم صلة!

وثاني الأسباب المبكية، هو التوقيت الخاطئ لهذه الفعالية، فبدلا من أن تتجه الوزارة إلى توعية المرضى بطريقة استخدام الأدوية خلال فترة الصيام، خصوصا مرضى السكري ونحوه، وبدلا من تعظيم شهر الله الذي أطبق الخلق على تعظيمه؛ تأتينا بهذه المطمة!

وعلاوة على ذلك، تصف هذا بأنه سيحسّن بيئة العمل، وأنا لا أعلم كيف سيكون اجتماع الموظفين على »بلوت« يحسّن بيئة عمل، بل قل كيف سيخدم المرضى؟! إلا بحالة واحد وهي أن »يطنش« المرضى حالاتهم الصحية وحاجاتهم الدوائية ويتجهوا إلى »مأدبة« البلوت، ولا مانع إن كانت حالة المريض حرجة أن ينتظر حتى تنتهي المأدبة ليُرى في حالته! بل ربما الفريق الفائز سيحصل على »بوكيت« شرائط تحليل سكر بعد أن فقدها منذ زمن!

كنا ننتظر من الوزارة حل مشكلاتها المتراكمة المتعلقة بالموظفين والمرضى والمراجعين ومنشآتها على حد سواء، حل مشكلات الترقيات مثلا، وترسيم مختصي الطوارئ أو النظر في قوم يتقاضون بدل »عدوى« ونحوه من البدلات غير المسوغة لهم، وسط المكاتب الفخمة التي لا تعرف الشمس فضلا عن البكتيريا، ويمنعون المستحقين بنص نظام الدولة فعلا لهذه البدلات، أو النظر في بعض القرارات الخاطئة التي تتخذها بعض المديريات -كالتقييم الربع سنوي في صحة عسير -مثلاالذي يقضي بفصل الممرض بعد تقييمين فقط غير مُرضيين!- أو تعرقل المراكز الصحية التي تبدو للعينين جاهزة ولم تفتتح منذ سنين، لأسباب نعلم شيئا منها ولا نعلم بعضها، أو إجبار بعض مديري المنشآت الصحية باستلام مبان جديدة »غير مؤثثة«، وكأن التأثيث ليس جزءا أساسيا من العقود، أو حل مشكلات نقص الأدوية والمستلزما­ت الطبية، وأجهزة وشرائح تحليل السكر خصوصا، بل ومستلزمات الضماد من مياه ملحية ‪NORMAL SALINE‬ وشاش ولزق وخلافها، وخلافها وخلافها، حدّثْ ولا حرج.

ختاما، فإنه ليس من الخطأ تنظيم رياضات أو إجراءات تنشيطية لجهة حكومية ما، إلا إذا قامت هذه الجهة بإتقان »اللعبة الترفيهية«، وهي من قبل ذلك الإتقان لم تتقن واجبها الأعظم الذي جعلت لأجله.. والسلام.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia