Al-Watan (Saudi)

وقفات مع الولاية على المرأة والقوامة

- همسة سنوسي

الشرع لم يوجب وليا للمرأة إلا في مسألة النكاح، وعلى خلاف بين الفقهاء. استمرار المطالبة بإذن لولي أمر المرأة الراشدة العاقلة في كل شاردة وواردة هو تعدٍّ شرعي على حقوقها

في تقرير المملكة العربية السعودية والمرفوع إلى الأمم المتحدة -تحديدا إلى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة- عام 2016، والذي أعدته لجنة حكومية مكونة من الجهات ذات العلاقة، شكلت في هيئة حقوق الإنسان بموجب الأمر السامي رقم 46994 وتاريخ 16/ ‪1435 11/‬ الموافق ‪2014، 9/ 11/‬ وكثير من مؤسسات المجتمع المدني

-وفقا لما هو مدون في البند الثالث من مقدمته- في هذا التقرير ورد توضيح وتمييز للفرق بشكل دقيق، بين مصطلحات يكثر تداولها والخلط بين معانيها، هذه المصطلحات هي: الولاية والقوامة والوصاية.

وأورد لكم التعريف الدقيق الذي اعتمدته الدولة، وعبر عن مقاصدها في تقريره الرسمي، وفقا لما هو مدون في التقرير:

جاء في البند 68 من التعليقات العامة، في الصفحة 38 ما يلي:

»68- يلاحـظ أن مصـطلحات »القوامــة والولايـة والوصـاية« كـثيرا مـا تـرد في ملاحظــات اللجنة، وغيرها مـن آليـات ومنظمـات حقـوق الإنسـان عنـد تناولهـا لحالـة حقـوق الإنسـان في المملكـة، واعتبارهـا تمثـل انتقاصـا مـن حقـوق المـرأة، في حـين أنها تمثـل مبـادئ تعـزز حقـوق الإنسان بشكل عام. فالقوامة تعني تكليف الرجـل برعايـة شـؤون ما تحتاجـه المـرأة، ومـن ذلـك الإنفـاق عليهـا سـواءً كـان زوجـا أو أبـا أو ابنـا، ولا تعـني أو تسـوغ بـأي حـال مـن الأحـوال تسـلط الرجـل علـى المـرأة أو الإقـلال مـن شـأنها. والولايـة تعـني تصـرف مـن تثبـت لـه الولايـة شرعا »18« سواء كان رجلا أو امرأة؛ بالنيابة عن عـديمي أو ناقصـي الأهليـة، أمـا الوصـاية فهـي نوع من أنواع النيابة تثبت بعد موت المُوصي، وتشمل رعاية شؤون القاصرين المالية مـن قبـل الوصي، وقد تثبت للرجل أو للمرأة، وغالبا ما تثبت للأم .« ونلحظ التالي: تم التفريق بين مصطلح القوامة والولاية، فالقوامة تعني شؤون الرعاية والإنفاق دون تسويغ للتسلط على المرأة أو الإقلال من شأنها، وهي وإن وردت في التقرير شاملة لعلاقة الأب مع ابنته والزوج مع زوجته والابن مع أمه والأخ مع أخته، إلا أننا نتحفظ على ذلك ونراها ترمز فقط للعلاقة الزوجية، وذلك بناء على الآية التي اشتُق منها هذا المصطلح، إذ أتى في سياق الآية »الهجران في المضجع« كواحد من أساليب التعامل مع النشوز على القوامة، ومستحيل أن يكون ذلك إلا في العلاقة الزوجية، وهي تدخل ضمن الشؤون العائلية، وليس لها أي أثر على العلاقة مع الجهات الحكومية، فلن يُعاقب القوام على زوجته إن أتت زوجته بأمر مخالف للنظام، بل ستتحمل مسؤولية ذلك هي بنفسها كاملة.

أما الولاية، فلم يحدد التقرير أنها على المرأة دوما وبشكل عام، بل هي حصرا تثبت على القُصّر والسفهاء وعديمي الأهلية، وعليه فلا مجال للمزايدة بعد ذلك بأن المطالبة بإسقاط الولاية عن المرأة الراشدة العاقلة كاملة الأهلية، هو نوع من الخروج على النظام أو على الشرع، فوجود ولي أمر للمرأة الراشدة العاقلة، يتمكن بموجب تعريف الولاية من إمضاء أمره عليها قسرا، بالمنع أو الإيجاب، هو من باب التعدي على حقوقها الشرعية، فالشرع لم يوجب وليا للمرأة إلا في مسألة النكاح -وعلى خلاف بين الفقهاءاست­مرار المطالبة بإذن لولي أمر المرأة الراشدة العاقلة في كل شاردة وواردة هو تعدٍّ شرعي على حقوقها، وتعدٍّ قانوني ونظامي أيضا على حقوقها، خاصة بعد صدور الأمر السامي رقم »33322« في 2017، القاضي بالتأكيد على جميع الجهات بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي الأمر عند تقديم الخدمات، أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها، ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب.

أيضا في هذا الاستمرار بالحجر على تصرفات المرأة الراشدة العاقلة ثغرة تُستغل ضد أنظمة البلاد وقوانينها، وإظهارها بالمظهر المعادي للنساء، وبعثرة لكل جهود الدولة في دعم و تنمية المجتمع والوطن والمرأة بشكل خاص، وغني عن الذكر ما في ذلك أيضا من تشويه لصورة الشرع الإسلامي الحنيف -باعتبار المملكة واحدة من كبرى الدول المسلمة التي تحكم بالشرع- بتصويره إقرارا بالجور في حقوق النساء، رغم تكريمه للمرأة الذي نؤمن به كلنا.

أخيرا، بكل صدق، كما نحتاج إلى سرعة تطبيق الأمر السامي السابق ذكره، فإننا أيضا نحتاج إصدار قوانين تعاقب كل من يثبت مخالفته للأمر، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia