Al-Watan (Saudi)

مجلقتحطانم­يع بلا حقوق

-

اهتمت الدولة كثيراً بتعليم الأجيال شتى أنواع العلوم واستقطاب أفضل الكفاءات من العالم، لأجل إنتاج جيل متعلم ومثقف قادر على أن يصعد بهذا الوطن إلى قمم الإنجازات، ولكن عند الرجوع إلى مناهجنا تثور مشكلة غياب المناهج التعليمية التي تعتمد بشكل أساسي على تثقيف المجتمع بحقوقه وزيادة الوعي القانوني. فبمجرد إلقاء نظرة سريعة على المناهج الدراسية الحالية أو السابقة نلاحظ أنه لا توجد هناك أي برامج تعليمية أو مناهج معتمدة لنشر ثقافة الحقوق والواجبات التي تعود على المجتمع بفوائد جمة. الثقافة الحقوقية هي جزء لا يتجزأ من حياة الشخص مهما كان عمره أو جنسه أو عرقه أو جنسيته، فيجب تدريس تلك الحقوق والالتزاما­ت التي تقع على عاتق كل شخص، وهي حق أساسي لكل مواطن أو مقيم أن يتعلمها؛ وذلك لأن تلك الحقوق والالتزاما­ت تثبت بمجرد الولادة كما نصت قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان. فكثيراً ما نشاهد أو نسمع عن ضياع حقوق أشخاص بسبب عدم المعرفة الدقيقة لحقوقهم وكيفية المطالبة بها، فجهل الشخص بحقه يعرضه للتدليس والاستغلال وغيرها من الجرائم من قبل ضعاف النفوس. كما أن إغفال تعليم الحقوق ينشئ جيلاً جاهلاً بالأنظمة الواجب التقيد بها واللازم اتباعها، وما يترتب على ذلك من تبعات وآثار سلبية تمتد إلى المستقبل ولا تقتصر فقط على الوقت الحاضر، فتتفشى تلك الآثار السلبية في المجتمع يوما بعد يوم إلى أن تنتشر السلوكيات الخاطئة التي تمارس بدون أدنى مبالاة بالعواقب المترتبة عليها. ولعل أبرز هذه السلوكيات غير المرغوب بها والتي قد يجهل الشخص مدى خطورة ممارستها: العنصرية بشتى أنواعها سواء أكانت عرقية أو مذهبية أو طائفية، وكذلك حمل السلاح غير المرخص أو استخدام السلاح المرخص في غير ما رخص له، مثل استخدامه في المناسبات والاحتفالا­ت، عكس السير، قطع الإشارات المرورية، والكثير من السلوكيات الأخرى غير المشروعة وذات العواقب الوخيمة التي يظن الأفراد وبخاصة طلاب المدارس - وتحديداً المراهقين- أنها سلوكيات مقبولة. ويجب العمل على وضع حد لهذه السلوكيات غير المشروعة؛ يتمثل في اعتماد تدريس منهج شامل لأبرز المبادئ القانونية، مشتملة على كافة فروع القانون وأبرز الأنظمة واللوائح التي يجب أن يتعلمها كل مواطن أو مقيم على هذه الأرض المعطاءة في مناهج التدريس العام؛ وذلك حتى يمتلك كل شخص خلفية كافية بأساسيات الحقوق والالتزاما­ت الواجب تعلمها. ويمكن أن يصاحب ذلك إقامة محاضرات قانونية يُشرح فيها أبرز المبادئ والأنظمة واللوائح الواجب تعلمها، وإقامة رحلات مدرسية للمحاكم سواء محاكم الأحوال الشخصية أو المحاكم الجزائية، للاستفادة من طرح الأسئلة على أعضاء السلك القضائي بدلاً عن الرحلات المدرسية التي لا تهدف إلى إثراء الطلاب بقدر ما تهدف إلى ترفيههم. وبما أننا نعيش عصراً جديداً وتحولاً وطنياً كبيراً في مختلف مناحي الحياة، نأمل أن نرى في السنوات القادمة نهضة توعوية حقوقية وتغيراً علمياً بدمج التعليم النظري بالعملي، وعدم الاكتفاء بالتعليم التقليدي الذي سينشئ لنا مجتمعا لا يعرف حقوقه وهذا ما لا نريد استمراره.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia