Al-Watan (Saudi)

وظيفتي أخلاقي

-

كثيرا ما تتسم دواوين الخدمة العامة وهيئاتها – خاصة في بلداننا – بالبيروقرا­طية والتعقيد وسلحفائية الأداء، الأمر الذي جعل العلاقة بينها وبين الجمهور ليست على ما يرام في غالب أحوالها.

قادتني خطاي لقضاء خدمة بفرع لبنك محلي، وهي المرة الأولى التي أذهب فيها لذاك الفرع، بمجرد خروجي من المصعد لاحظت إحداهن تبتسم لي من خلف زجاج مكتبها ثم ما لبثت أن جاءتني هاشة باشة، استقبلتني بحفاوة وأناقة عالية وقادتني إلى مكتبها لتسألني عن طلباتي، قدمت لها طلب خدمتي والدهشة تملأ جبيني وتتوارد تساؤلات عدة في مخيلتي، لم تعطني فرصة للتفكير في إجاباتها، بقدرتها الفائقة والمميزة على الإحاطة بأمور كثيرة في آن واحد، فأحلام سفر القحطاني مديرة الفرع في ذات اللحظة التي تستمع فيها لطلباتي تُجيب على موظفة تستفسر عن شيء ما، وترد على تلفون العمل لتخدم عميلة أخرى وعينها على الداخل لتقوم بالترحاب به وتوجيهه، كل ذلك بدقة وتركيز وابتسامتها لا تفارقها، تبارك الرحمن.

فوجدت أن حزمة من تساؤلات الدهشة ملأت ذهني ليس لها إجابة غير أن أحلام أحبت وظيفتها فأبدعت فيها وعرفت أخلاق مهنتها فالتزمت بها، ما وهبها تلك الطاقة الإيجابية التي تفعل السحر في رضا عملائها، رغم أن سنها لا تنبئ عن سنوات طوال في الوظيفة، وما زالت في بداية مشوارها المهني، فاستطاعت أن تتميز بما عجز عنه كثيرون ممن تقادمت بهم سنوات الخدمة، ونالوا ألقابا ومسميات لكنهم أوقفوا الزمان عند لحظة لم تضف لها الأيام جديدا، فكونها تولت إدارة الفرع دليل يؤكد ما قلت عنها ولعمري هو اختيار صادف أهله.

فأحلام موظفة مختلفة أول ما تقدمه لك هو تلك الطاقة الإيجابية التي تملأ بها عملاءها، تقضي حاجتك وهي تفكر في الحل ولا تنشغل بالمشكلة وتبحث عن البدائل، ولا تقف عند العقبات والتعقيدات، فتجعلك تخرج من عندها وأنت تتمنى أن تحتاج خدمة تعيدك إليها مرة أخرى.

في مقابل حالة أحلام آخرون وكأنهم جاؤوا للوظيفة ودورهم أن يغلقوا أفق الأمل أمام طارقي أبوابهم لخدمة هي حق خالص لهم، ومهمتهم أن يعقدوك ويجعلوك تعلن توبتك عن العودة إليهم، وتخرج من عندهم وأنت مصاب بمغص حاد في الأمعاء والأعصاب، ولا بد أن أقول إنني أتيت فرع أحلام في مشوار بديل لفرع آخر لم تستطع موظفته أن تقضي ذات الخدمة التي هي من أصل وظيفتها التي أنجزتها أحلام في ثوان معدودات.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia