Al-Watan (Saudi)

للأسف بضاعتكم رخيصة

-

يمثل شهر رمضان المبارك برفعة أيامه وسمو لياليه، حالة خاصة ووضعا منفرد بالنسبة للمسلمين، حيث يعده الكثير منهم بارقة خير وطوق نجاة لما فيه من خصال وخواص ميزته عن بقية الأيام والليالي، ومواصفات أخرى مقصورة عليه يندر حضورها في سواه من أشهر السنة إذ لا يمكن تواجدها في غيره، ومن ذلك ليلة قد لا تعاود من ظفر بها مرة أخرى وهي ليلة القدر، لذا فهم يصنفون تلك الفترة الوجيزة من السنة بالمرحلة الحرجة التي قد يصعب أن يتكرر عوض الأجر فيها، لذلك حرصوا أشد الحرص على استثمار أوقاتها المحدودة قدر المستطاع وكابدوا أجسادهم ببذل قصارى الطاقات فيها ما أمكن، من هذا المنطلق استلزم مضاعفة الجهد فيه وإيقاظ نافذة البصيرة من مبدأ الحيطة والحذر خوفا من ضياع الأجور وتفلت الفضائل التي فيه، فالكيس والفطن من يظفر بأكبر قدر من الحسنات بالضرورة، وإن كان البعض وهم قلة له مسار مغاير ونسق مختلف حيث لا يبالي بأيامه ولا يكترث بلياليه، فشهور السنة وأيامها عنده سيان، ويرى أن لياليه الثلاثين ما هي إلا مجال متاح للهو ومرتع ملائم للعب وفرصة مؤاتية للكثير من الأكل والشرب أو التسكع في الأسواق والارتماء في أحضان الملهيات أو التقلب بين القنوات الفضائية. هذا البعض هو المعني بحالة الاستنفار التي بتنا نلحظها بغزارة هذه الأيام، حيث بدت حملة الإعلانات التي عجت بها وسائل الإعلام لترويج المسلسلات المتعلقة بشهر رمضان، وكأن معارك شرسة أو حربا ضروس تدور رحاها في فضاء القنوات وبين طيات الصحف، هذا السيناريو أخذ شكله المحكم تحديدا وبشكل يومي في العشرين من شهر شعبان، حين أفردت الصحف اليومية صفحات كاملة بغرض التسويق عن منتجات تلك القنوات من مسلسلات الحب والغرام واستعراض الأجساد وهلم جرا، لقد شحذ القوم الهمم وأي همم.

إن الانطباع الأول الذي ارتسم في مخيلة الناس جراء حملة الدعايات وموجة الإعلانات تلك هو انطباع بائس ونموذج سيئ لأسلوب التعاطي مع هذا الضيف الكريم، فالبضاعة المعروضة للأسف الشديد لا تتوافق أبدا مع روحانية هذا الشهر الفضيل، فهي بضاعة كاسدة رخيصة الثمن في ميزان رمضان

لكن ما عسانا أن نقول، يالها من مفارقة غريبة تستعصي على الفهم.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia