Al-Watan (Saudi)

الثقَّافُة الجَديدة في رؤية المملكة 2030

- سليمان العيدي

المثقّفون تَسّنموا الأندية الأدبية عبر عقود مضت ترُى هل سيقَنُعهم التحول الجديد لمفهوم الثقافة، وأن ما تحملُه أرفف المكتبات أصبح يحمل في الألواح الذكية والرقيمة؟

يباشَر المجتمع السعَّودي بعودة استقلالية الثقافة عن الإعلام لكي تعطي مساحة للتحرك في مجال تخصصهما دون هدر للوقت والمال، وأسند هذا الملف قبيل أيام إلى شخصية شابة عُرفْت بالتجدَّيد والابتكار وتخَّطي التحديات أمامه، رأينا ذلك في عدد من المناصب التي أسندت إلى الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان الشاب، الذي حمل ملف الثقافة، بعدما أعلنت مبادرات الرؤية 2030 لوزارة الثقافة وانفصالها عن وزارة الإعلام لَنَجَد ملفا يحتاج إلى عزم الأمير وفقه الله في تتبع تنفيذ هذه المبادرات كالتي ينُادي بها المثُّقفْون وأبرزها ترجمة المسرحيات إلى ثقافة المجتمع، الذي يدخل دور السينما ليقرأ تاريخ حضارته من خلال تأليف النصوص المسرحية، وإنشاء المراكز الثقافية والإبداع في الفن التَّشكيَّلي والخطوط والرسوم وفتح المعاهد المهنية، لتعلم هذه المهن التي غابت عنا لعقود مضت بحكم عدم ترجمة الثقافة بمعناها الأصيل الاكتفاء بالأندية الثقافية.

لكن عقلية الوزير الشاب جاءت بعد عدة مناصب كمحافظ للهيئة الملكية للعلا ووضع استراتيجيت­ها والمشاركة في اتفاقيات عديدة تخدم المجالات المتنوعة، كمعهد العالم العربي وتأهيل أبناء وبنات محافظة العلا في برنامج ابتعاثهم والشراكة مع الجامعات العالمية في مجال الابتكار والتصاميم.

إن المشهد الثقافي اليوم لا بد له أن يمضي بمعية هذا الوزير الجديد وفق رؤية المملكة 2030، خاصة أن له تجربة رائدة في إدارة معهد مسك للفنون، لكن المثقَّفين الذين كانوا يتَسّنمونَ الأندية الأدبية والثقافية عبر عقود مضت ترُى هل سيقَنُعهم التحول الجديد لمفهوم الثقافة ونقلها إلى عالم التقنية، وأن ما تحملُه أرفف المكتبات أصبح يحمل في الألواح الذكية والرقيمة، ولم يَعْد ذا أهمية لفتح مساحات من الخرسانة المسّلُحة وطاولات يملأها غُبار الفراغ، وعدم ارْتياد الشباب إليها، هناك نافذة جديدة تغني وهي المقاهي التي تحمل بعض جوانبها منصات الإنترنت والقراءة عبر شاشْات ارتبطْت بكبُريْات المكتبات في العالم شرقا وغرب.

كما أن المشاركة في المنتديات الثقافية والأسواق والمهرجانا­ت أصبحت الآن تتحول من عقول توَّحد الاتجاه والفكر إلى عالم الشباب والابتكار والفن والتصَّميم والمهرجانا­ت الإبداعية، التي تجمع شباب العالم عبر فضاءات المؤثرات العالمية ومباريات كرة القدم وإحياء الليالي الفنية عبر الفلكور الشعبي وتقاليد الشعوب، مما يجعلنا نفاخر بتراثنا وفنُونَّنِا عبر هذه المنصات العالمية، وأنا أجزم أن وزير بحجم هذا الأمير سيكون معتدلاً في أطروحاته ومشاريعه المتنوعة، كيف وهو الذي دعى رجال الثقافة إلى تقديم رؤاهم وأفكارهم عبر منصات ومواقع الوزارة الجديدة برجالها وشبابها، حتى يستفيد من خبرات وعقول الأجيال لتصافح عبر رؤية المملكة 2030 تلك المبادرات التي أطلقتْها الوزارة، عندما كانت تحت اسم وزارة الثقافة والإعلام، ويبقي أن أؤكد على أهمية الوعاء الذي تنُقُل من خلاله الثقافة الجديدة وهي وسائل التواصل وشبكات الإعلام الجديد حتى تصل ثقافتنا إلى العالم، ولا تِكُن كالماضي حَبيْسة الأرفف وملفات المكتبات.

نحن أمام ثقافة جديدة وعقلية طموحة للنهوض بأشكال الثقافة وأنواعها والتمييز بين جيل التَّلقي وهو جيل الرؤية القادم، حتى تنجح هذه الوزارة الشابة في تطبيق برامجها وأهدافها، أبارك للأمير أن مدَّ يده للجميع لتقديم ثقافة تناسب عقول المجتمع وشرائحه، مع إصراره على أن ثقافه الجيل سَتهزْم ثقافة الماضي إذاُ قدّمت بشكل جذاب وعقول نَيَّرة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia