Al-Watan (Saudi)

الوعي بين الاهتمام والاختصاص

Http://www.alwatan.com.sa/info/neqashat.htm

-

مع التحول الوطني الذي يشهده الوطن الغالي، وتسليط الضوء على مجالات ذات أهمية عالية وكبيرة كانت مهملة ومنسية أو غير معروفة في السابق لأسباب لا يتسع الوقت لذكرها، بدأنا نلاحظ وجود بعض المصطلحات الجديدة في مواقع التواصل الاجتماعي مثل »مهتم بـ« ثم يتبعها بمجال معين أو تخصص ما، وكأن كاتبها يودّ أن يلحق بأضواء هذه المرحلة ! بدلا من أن يطوّر نفسه في مجاله أو حتى أن يصنع له مجالا جديدا يبدأ به كمتخصص لكي يوافق هذا التحول الذي يهدف للنهوض بالمجتمع والوطن.

سأتحدث هنا عما أنتمي إليه، ألا وهو »المجال الصحي«، فقد كثر وجود حسابات شخصية في مواقع التواصل الاجتماعي يعرف أصحابها أنفسهم بـ(مهتم بالصحة، الصحة العامة، التوعية والتعزيز الصحي....). بداية الأمر نحتاج إلى أن نعي جيدا ماذا نتبنّى أو نكتب! فعندما نجد الكثير يكتب كلمة »مهتم« بشيء ما، فهل كاتبها يعي ماذا تعني هذه الكلمة..؟!.

بعد البحث عن معنى كلمة »مهتم« وكلمة »مختص« سنجد أن »مهتم« تعني الاعتناء بالشيء والاهتمام به، و»مختص« تعني أن تكون منصبا على عِلْم ما ومتفرّدا في دراسته، وكما نرى الفرق الكبير بين الكلمتين ومعناهما، لكننا للأسف نجد الكثير ممن يضعون هذه الكلمة ويعتقدون أنهم أصبحوا من أهل الاختصاص في المجال الذي اختاروا أن يكونوا من المهتمين به.

قد يكون كاتب كلمة (مهتم) على جهل بمعناها وتلك مصيبة! أن يكتب الشخص ما لا يعِي. وقد يكون على كامل الدراية بالمعنى ويعتقد خلاف ذلك أنه أصبح متخصصا فيما يهتم به وتلك مصيبة أعظم! على أية حال نحن هنا نود أن نوضح بعض الأمور التي تعد واضحة لعامة الناس، وهي أن اهتمامك لشيء ما لا يجعل منك متخصصا به، وأن اهتمامك لا يخولك بأن تصل مرحلة ما يحق للمختص أن يقوم به دون سواه.

قبل كتابة هذا المقال أردت أن أرى مدى وعي المجتمع في التفريق بين »المهتمين« و»المتخصصين«، والحقيقة فاجأتني بعض الردود تجاه ما غردت به! وذلك بأن مواضيع الصحة العامة ليست »بتقنية صواريخ« حتى يتم العمل عليها من قبل متخصصين!!

لا أعلم ما الذي دفعهم لقول هذه الجملة!!

هل لجهلهم بأهمية الصحة العامة وأنها تحمي المجتمع من الأمراض وتسعى لجعله مجتمعا خاليا منها ومتبنيا لسلوكيات صحية، وأن أهمية التثقيف والتعزيز الصحي تتعدى محيط الصحة وتفعليها من قبل »المختصين« ينعكس إيجابيا على اقتصاد الدولة ويوقف الاستنزاف في علاج الأمراض، وذلك بمجرد تفعيل دور المختصين، أم أنهم من أصحاب مبدأ (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)!؟ وأقصد هنا من ترك العمل بالاتكال على القدر! نعم كلنا مؤمنون بأن لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، لكن هذا لا يرفع عنهم مسؤولية التخطيط وإيجاد الحلول وترك المجال لأهل الاختصاص.

هذا دفعني للتساؤل كم يوجد لدينا شخص يحمل هذا الفكر والمبدأ؟! وماذا إذا كانوا أصحاب سلطة في أي جهة من هذا الوطن الغالي!؟ هل ندعهم يعبثون بما هو حق للجميع بأن يعمل المختصون في مجال تخصصاتهم ليشاركوا في الإنجاز وتتم الاستفادة من أعمالهم في بناء الوطن والمواطن؟! أم أن الأمر لا يستحق، وأن أي شخص يحق له تجربة »اهتمامه« ويكون الوطن والمواطن هم من يدفعون الثمن!.

أعتقد أننا بحاجة إلى تفعيل القانون وملاحقة من يقوم باستغلال هذه المصطلحات لتمرير معلومات مغلوطة والتي يتلقاها المجتمع منهم بكل ثقة، كما أدعو المجتمع للمساهمة في ردعهم والإبلاغ عنهم، والتأكد مما ينشر أو ينقل، وذلك من خلال البحث في المصادر الرسمية وعن طريق سؤال أهل الاختصاص.

ولعلي أشكر وزارة الصحة على ما قامت وتقوم به من ملاحقة كل من يقدم المعلومات والنصائح الطبية الخاطئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.

ختاما »ليس كل من رسم أصبح رساما أو مهندسا معماريا، وليس كل من نقل معلومة أصبح متخصصا فيما نقل«.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia