Al-Watan (Saudi)

المبتعثون والمخاطرة والإرشاد الطلابي

- عزة السبيعي

المهتمون بالسباحة يعلمون أن هناك فرقا كبيرا بين السباحة في البحر والسباحة في النهر. السباحة في البحر سهلة جدا، لأن كثافة الماء المالح أكبر، فقوته في دفعنا وحملنا أكبر، لذا مهما كنت ماهرا في السباحة وأنت القادم من بيئة صحراوية لا يوجد فيها غير البرك أو البحر سيكون النهر تحديا خطيرا جدا يجب أن تتدرب عليه فترة مناسبة، وتفكر ألف مرة في الفرق قبل أن تعتمد على خبرتك في البحر وتقفز لإنقاذ طفل أو رجل يسبح. مناسبة هذا المقال هو أننا خسرنا قبل أيام شابين سعوديين ذيب اليامي (27 عاما)، وجاسر اليامي (25 عاما) اللذين حاولا إنقاذ طفلين في نهر أميركي، لكن شاءت إرادة الله أن يرحل الشابان شهيدين بإذنه تعالى. قبلهما كان لدينا المبتعث أحمد المحيميد الذي حاول أيضا إنقاذ شخص في بحر، وأنجاه الله لكنه دخل المستشفى. وقد تنبهت الدكتورة جواهر الشثري المدير العام للتدريب والابتعاث لهذه الظاهرة، وتحدثت بلسان الأم للمبتعثين منبهة لهم ولكل من يشجعهم على المخاطرة، فقالت يجب أن نفكر بمنطقية قبل أن نشجعهم على المخاطرة بأنفسهم، ثم وجهت رسالة للمبتعث تذكره بواجبه كطالب ذهب ليتعلم ويعود سالم. في الحقيقة أني أحيي الدكتورة جواهر على موقفها النبيل الذي أظهر امرأة مسؤولة وواعية وواقعية تعمل في مجال يدير هؤلاء المبتعثين، وتهمها بالدرجة الأولى مصلحتهم وسلامتهم وأداء واجبهم قبل أهمية فلاشات إنجازات تعرضهم للخطر أو المرض. ولا أشك أن رسالتها نبهت الكثير من المبتعثين وجعلتهم أحرص أكثر، لكن مثل هذا التنبيه يجب أن يكون له مصدر مستمر ومستقر عبر قسم الإرشاد الطلابي في الملحقيات التعليمية، على أن يستلم العمل به ممارس ومتخصص حقيقي في الإرشاد الطلابي، يرسل رسائل شهرية تذكر الطالب بواجبه وتعلمه أنه صحيح سفير، لكن في إنجاز ما يتطلب منه في الجامعة وفي كل ما لا يعرض وقته وجهده وروحه للخطر. إن المؤشر على نجاح برنامج الابتعاث والمبتعثين هو نتاجنا العلمي والأكاديمي بالدرجة الأولى، ثم هذه المخرجات الشابة التي استثمرنا فيها، ليجني الوطن وأسرهم ثمرة هذا الاستثمار وليس شيئا آخر.

azza@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia